من كتاب نوادر الملا نصر الدين الصغرى للراحل سحبان مروّة

مقاطع منتقاة من عمله الجميل: يتألف من قصص قصيرة جداً من بطولة الملا نصر الدين خوجا (جحا)، مصوغة بألمعية عز نظيرها. وهي، بيان أدبي إنساني رفيع المستوى ضد الظلم والاستبداد والديكتاتوريات والغباء والجهل والتخلف وهزيمة الأمة.
1- قل لي يا ملا! إن لم تكن مسلماً فأي الديانات تعتنق وتكون ماذا؟ سأل رجلٌ الملا فأجابه (أكون مسلماً)!
(ولكنك مسلم الآن؟!)
(كلا، لست مسلماً، بل مستسلم، وشتان يا هذا)!
2- كان الملا نصر الدين يصلي صلاة الجمعة مع المصلين في مسجد البلدة الجامع، حين أقبل عليه إمام القرية وأشرافُها، وقالوا له: ( قم يا ملا نصر الدين وتكلم في الحضور).
سألهم وهو يهم بالتقدم لارتقاء المنبر: (أقول ماذا؟)
قالوا له: (قل ما يُرضي الله عز وجل).
فتراجع وقال: (لا قِبَلَ لي بإغضابكم)!
3- كان الملا في مجلس، وكان الحديث عن تيمور الأعرج وكم هو مخيف ومهيب، وفجأة سأله أحد الحضور: (صاحبك تيمور يا ملا، ألا تنافقه؟).
رد الملا ببساطة وقال: (بلى، دائماً!).
فقال السائل: (ألا تستحي؟ ألا تخجل؟).
قال الملا: (انظروا ابنَ الفاعلة، ينافق ربه في اليوم ألف مرة وهو رحمان رحيم، ويستكثر علي أن أتقي هول تيمور بكذب لا يؤذي أحداً).
4- كان الملا يسمر ذات ليلة في خان مع جمهرة من زبن ذلك الخان، وكان الحديث يروح ويجيء ويمر بين الفينة والفينة بالحكم وأهله، وكان بين المتحدثين رجل سمين ثرثار لا ينفك يجذب الحديث صوب مناقب رئيس مجلس الشورى، وكان به معجباً أيما إعجاب، وفجأة توجه إلى الملا وسأله: (أتعرفه يا حضرة الملا؟).
هز الملا رأسه أن (بلى).
فسأله الرجل: (بمن تشبهه؟).
قال: (بواحدة اسمها كوثر، عرفتُها أيام الصبا، وكانت سمينة مفاضة وتعمل في حانة على شاطىء البحر، وقد ظل (…) في بالي حتى طلع صاحبُك فذكرني ضميره به: مظلم، رطب، نتن، وتضيع فيه الأماناتُ، على أنه لا ينفك يعدك بالهناء).
5- (ما الفساد يا ملا؟)، سأل رجلٌ نصرَ الدين.
قال: (ما نحن فيه!).
6- أشار أهل آق شهر إلى رجل يقرأ صحفاً وحواليه كتب وطوامير تكدست وقالوا لنصر الدين: (هذا فلان العالِمُ هنيئاً له العلم).
نظر نصر الدين إليه ثم هز كتفيه وقال: (هذا رجل يعامل عقله كما يعامل كرشه. المهم أن يمتلىء وأما الهضم فمسألة مؤجلة).
7- وقف الفقيه على المنبر متحدثاً، وكان مما قاله إن الحياة عروسٌ، فصاح نصر الدين: ولكنها ثيب وكلنا زناة يا مولانا).
8- أقبل الملا نصر الدين على ديوان تيمورلنك وكان ممتقع الوجه مضطرباً فسأله السلطان: (ما بك يا ملا؟).
(لقد قتل فلانٌ زوجته بمدية، ذبحها كأنها نعجة) أجابه.
(لماذا؟ ماذا فعلتْ؟) تساءل السلطان.
(هوذا أنت أيضاً تسأل ماذا فعلتْ وليس ماذا فعلَ.) قال نصر الدين.
(فليكن، قل لي ماذا فعل؟).
(لم يعِ ولم يفهم أن الزوجة كالوردة تحتاج الشمس والنور حاجتها إلى الماء).

السابق
عناق في شارع الحمراء؟!
التالي
زهرا: إلا إذا أردنا أن نكون حليف إيران، وعدوّ العالم