كوفي عنان الفرصة ماقبل الأخيرة

كنت ولا أزال من الداعين إلى تدخل خارجي يحمي البلد من مزيد من الدم, لأن عنوان العصابة الحاكمة في سورية هو "إما نحن أو لا أحد", إما نظام الأسد أو تدمير البلد. قدر السوريين أنهم في تاريخهم لم ينتبهوا أن هناك, مشاريع أقلاوية أو عائلية يتم تكريسها منذ لحظة استقلالها, لتحكم هذا البلد وفق فساد ممنهج وطائفي وانتقامي وحاقد, إلى حدود الفجيعة وعدم القدرة على توصيفه. هناك الكثير من الاساطير عن ظلم تعرض له العلويون في التاريخ, أو الأقليات الأخرى, مع أن تاريخ سورية الحالية يشهد بعكس ذلك, وغالبية الحوادث الطائفية التي وقعت في هذا التاريخ السوري كانت بين الأقليات نفسها على الغالب, كل هذا من أجل تبرير هذا النزوع الاقلوي الكاره لبقية الشعب السوري, ولأكثريته التي صادفت أنها مسلمة سنية!!

لهذا الآن ما تشهده بلادي في الواقع ثورة من قبل الشعب السوري من أجل حريته وكرمته, يقابلها قتل وتدمير على طريقة الأرض المحروقة وبنفس حاقد وخسيس قل نظيره في التاريخ الانساني. وهذا ما لم تستطع المعارضة السورية من ايضاحه للرأي العام الدولي, لأن المعارضة طبعا كانت, ولاتزال طبع, تتمتع بحساسية زائفة تجاه طرح الإشكالية الطائفية! والحجة الحرص على وحدة البلد, وهي حجة تذكرني بحجتها أيضا انها ضد التدخل الخارجي لأنه يضر بسيادة البلد, حتى لو قتلت العصابة المجرمة كل الشعب السوري, بحيث تصبح السيادة بلا انسان سوري يحملها.
ثمة أمر آخر اتضح من خلال هذه الثورة, ان الأكثرية في سورية مهما فعلت ستبقى كذلك في نظر هذا المشروع العائلي الأقلوي ومن يسانده داخليا واقليميا ودوليا, نخوض كمعارضة سورية معارك على جبهات عدة لم تخضها معارضة من قبل, لدينا اعداء يتاجرون بالقضية الفلسطينية ولكنهم مع هذه العصابة, وتيار قومي مزيف ولا أخلاقي, وتيار علماني" على الموضة" يساند قاتلا مأجورا بسبب أنه يسمح لهم بالخمارات, لأن وضعية المرأة في الربيع العربي تثبت أن هذا الربيع كان في صالحها, فحديثهم عن حقوق المرأة كاذب أيضا. الاخوان المسلمون السوريون قاموا باختراق ايضا من خلال تقديمهم وثيقة عهد وطني أكثر ليبرالية من قوى أخرى تدعي هذه الليبرالية, ومع ذلك هذه العلمانية المنافقة تعمل وفق "عنزة لو طارت", كما يقول المثل الشعبي, ولدينا إسرائيل تساند النظام ولدينا روسيا, ولدينا نخبة العراق التي اتت على ظهر الدبابة الأميركية- والمال الإيراني, رغم تعقد الوضع الطائفي في العراق اكثر مما هو في سورية اصبحت الآن تساند العصابة المجرمة وهي ضد التدخل الخارجي! لدينا كوكبة مخبري السياسة اللبنانية, ولدينا فعاليات مسيحية لها وزنها لدى المؤسسات الغربية, تساند هذه العصابة, ليس لأنها تخاف من المجهو,ل بل لأنها تكره بقية الشعب السوري, لأنها بهذا الكره تستمر مصالحها مع هذه العصابة.تحول ضباط المخابرات الذين كانوا يدوسون رقاب الشعب السوري واللبناني والفلسطيني بمعزل عن دينه وطائفته, إلى حماة للأقليات والعلمانية, في المقلب الآخر لدينا معارضة مزمنة قسم منها يريد أكل الثورة, بطرق شتى, تصل حتى حدود الخيانة, والتي يجب ألا تجعلنا ننأى بأنفسنا عن الانخراط الفعلي واليومي في هذه المعركة, عشرات الألاف من الشهداء والمفقودين ومئات الألاف من المعتقلين والمهجرين, وبعد سنة من انطلاق الثورة من حوران, وصلنا إلى مبادرة كوفي عنان التي يحاول الغرب والعالم انجاحها بشتى الطرق! كما يدعون, من يقرأ نص بيان مجلس الأمن الذي اطلق هذه المبادرة يدرك أنها فرصة جديدة يلمحون أنها الفرصة الأخيرة للعصابة المجرمة, بينما هي فقط, وفقط, الفرصة ما قبل الأخيرة ككل فرص اعطيت لهذه العصابة منذ بدء الثورة. كوفي عنان لا يعرف عن طبيعة هذا العصابة وكيف تحكم سورية, لهذا هو استشار المفتي بدر حسون مفتي العصابة الحاكمة! المشكلة الآن أمامنا هي متى يقدم كوفي عنان تقريره النهائي! وحتى ذلك الحين كم من الشهداء ستزف ثورتنا؟ وكم من الخراب سيلحق بالبلد ايضا؟ كيف يمكننا مواجهة هذه الفترة التي يراد منها احراج المعارضة والثورة؟

السابق
رحيل الشاعر سحبان مروة
التالي
أعادها.. بعد نحو 90 عاماً