الحكومة النائمة على حرير استمرارها

ينام الافرقاء في الحكومة على حرير حتمية استمرارها في هذه الظروف ومنع اسقاطها ليس من جانب راعيتها الاساسية اي العاصمة السورية التي كانت وراء تأليفها باعتبار انه قد تكون هناك استحالة ان تأتي حكومة بديلة مساندة لها، بل من جانب الدول المؤثرة التي لا تزال تهتم بلبنان. فهذه الدول لا تود الانشغال راهنا في ازمات جانبية وهامشية كأزمة يمكن ان تنشأ عن اسقاط الحكومة اللبنانية او الفراغ الذي يمكن ان تخلفه نتيجة العجز الحتمي عن تأليف حكومة جديدة في ظل الانقسامات الحاصلة في لبنان مع ما يعنيه ذلك من فتح الساحة اللبنانية على امور لا تحتاج اليها راهنا خصوصا اذا كان اي فراغ سيغيب المسؤوليات الرسمية عن تصعيد يمكن ان يكون الجنوب اللبناني مصدره. فلا الولايات المتحدة ترغب في هذا الفراغ ولا ايضا وخصوصا الدول الاوروبية التي تشارك في عمل القوة الدولية على رغم التحفظات التي كان لهؤلاء جميعهم على الحكومة لدى تأليفها نظرا للطريقة التي اتت بها وانحسار تكوينها على قوى 8 آذار وشركائها مع ما يعنيه ذلك بالنسبة الى هذه الدول. ومع ان قوى 14 اذار وضعت نصب اعينها اسقاط الحكومة فانها لا تستفيد من الفرص من اجل القيام بخطوة من هذا النوع ولا تدفع في هذا الاتجاه لادراكها العجز عن تأليف حكومة بديلة وعدم رغبتها في ان تكون مكان خصومها الذين يتآكل رصيدهم في الحكومة نتيجة اداء اسقط كل الادعاءات عن التميز والقدرة في الحكم وادارة الدولة على كل الصعد وفق ما اثبتت الاشهر الاخيرة بل الاسابيع الاخيرة على وجه خاص علما ان الاداء هو اداء فريق واحد لا يقاسمه فيه احد او يعرقل مشاريعه. ولذلك فان هذه الحكومة التي يحظى وجودها برعاية داخلية وخارجية حتى اشعار اخر تتعثر في حماية نفسها من السقوط في سلسلة الازمات من داخلها وقد باتت صورتها هشة ومن دون صدقية على اي مستوى بحيث تثير تساؤلات جدية اذا كان افرقاؤها يستطيعون خوض انتخابات نيابية بهذا الرصيد الذي كونته الحكومة لنفسها في شكل عام او لرصيد كل منهم في شكل خاص.
ويتمتع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على عكس افرقاء في الحكومة بثقة نسبية اكبر من تلك التي يتمتع بها هؤلاء. اذ من جهة يحافظ على علاقاته نسبياً مع المعارضة في الداخل على غرار ما حصل بالنسبة الى مشروع الاوتوتستراد الساحلي في اتجاه عكار الذي يقال انه ادى لدى اقراره في مجلس النواب الى خروج وزير المال محمد الصفدي من الجلسة واثار استياء تكتل التغيير والاصلاح مما ادى الى انفجار داخل الحكومة بعد ساعات. وهو يكسب ايضا في وقوفه بقوة في وجه مشاريع لوزراء تكتل التغيير والاصلاح لا ترتكز الى ارضية متينة من الحصانة والدراسات المعمقة مما يعطيه دفعا لدى كثر يرتاحون لذلك بعدما لم يوفر زعيم التيار العماد ميشال عون احدا من انتقاداته وحملاته لا في الموالاة ولا في المعارضة. وهو من جهة اخرى اكثر صدقية واكثر عرضة للمساءلة من الخارج في شأن المشاريع الموضوعة على طاولة مجلس الوزراء الى درجة استعداد بعض الدول لمساعدته في موضوع الكهرباء والاتصالات وما شابه اذا كان هو من سيكون مضطلعا بمسؤوليته عن المشاريع وليس بعض الافرقاء في الحكومة.

في المقابل فان التيار الوطني يحاول ان يتصدى لرئيس الحكومة وسواه على قاعدة انه صاحب مشروع تغييري. لكنه يواجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان ايضا والنائب وليد جنبلاط ويواجه المعارضة علما ان كل معاركه في الحكومة ولو متمتعا بثلث اعضائها شهدت سلسلة انتكاسات وتراجعات نتيجة اداء لا يخضع للمراجعة ويراكم الخسائر تحت عنوان انه قد عرف مكانه فتدلل ولو ادى ذلك الى تعطيل عجلة الحكم في التعيينات وسائر الملفات الاخرى. وهو اداء، على عدم الارتياح الذي يثيره، يريح كثراً يعتبرون ان زعيم التيار اطاح فرصه الداخلية والخارجية وفرص محيطيه في حال وجدت كونه قدم للبنانيين والخارج ما يمكن ان يكون عليه الحال في حال تمكنه من السلطة.

السابق
قبل أن تُقرع الأجراس على الحكومة
التالي
الشباب العرب، كنز دفين