اللواء: المطلوب من ميقاتي لتعويم حكومته تمكين بري من النفط وعون من الكهرباء وتسهيل طموحات الصفدي

يخفي الهمس الرئاسي والسياسي، سواء الذي يعلن عبر تصريحات ومواقف مباشرة او مستترة، او عبر مصادر مقربة، ازمة ثقة مفتوحة على خلاف على ترتيبات المنافع ذات الصفة الانتخابية للاطراف كافة، بعدما فتح مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان السباق الجديد الى ساحة النجمة، في تصريحات ادلى بها في واشنطن قبل ايام، لتصفية الحساب مع "بقايا الرموز السوري في البرلمان".
ويأتي ذلك في لحظة البحث الجدي عن مخرج لازمة النظام في سوريا، ان سياسياً او عسكرياً، او الامرين معاً.
ولم ينحصر الاختلاف بين مكونات حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على الشأن المتصل بتداعيات سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية، في وقت تغلي في الشوارع في غير مدينة ومنطقة في لبنان، كل يوم جمعة، بهتافات تتناغم مع هتافات الجمعة السورية المطالبة برحيل نظام الرئيس بشار الاسد، ووقف حمام الدم في شوارع المدن السورية ومربعاتها الامنية، بل يتعداه الى كل كبيرة وصغيرة من الشؤون الحياتية للمواطن الى الادارة والقضاء والتعيينات والانفاق المالي وبواخر الكهرباء التي تفجر الخلاف حولها وعليها قبل ان ترسو لأعلى شواطئ المناقصات ولا في المياه الاقليمية اللبنانية.
وبكلمة، يمكن اختصار المشهد الحكومي في نهاية الاسبوع بالنقاط الآتية:
تلاقي اكثر من طرف حكومي، وخاصة وزراء التيار العوني وحركة "امل" على ممارسة المزيد من الضغوط على الرئيس ميقاتي لتمرير المشاريع التي تهم كل طرف منهما.
 ابلاغ رئيس الحكومة، بشكل او بآخر، بأن تعويم الحكومة من خلال اعادة تسهيل مهماتها واطلاق عملية الانجاز، مرتبط باقرار مشروعين اساسيين:
الاول: تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع النفط الذي يسعى اليه الرئيس نبيه بري، ملوحاً بإقفال مجلس النواب في وجه الحكومة وتعطيل المشاريع المحالة منها اليه، بما فيها الانفاق المالي، تحت طائلة التفاهم مع المعارضة على عقد جلسة مناقشة للحكومة، وما قد يتخللها من اسئلة واستجوابات وطرح ثقة بعدد من الوزراء.
والثاني: مشروع سفن الكهرباء الذي يعتبره التيار العوني انه اساسي بالنسبة اليه، ولو اقتضى الامر فتح ملفات لوح بها النائب ميشال عون، وسحب وزراء او مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، رغم ان المشروع من زاوية او باخرى ذو طابع انتخابي واضح بالنسبة للتيار. 
 المطلوب من رئيس الحكومة، من ضمن الشروط ايضاً، التصدي لأي مشروع يفيد قوى 14 آذار عشية الانتخابات، وخاصة تيار "المستقبل"، وذلك بعد الضجة التي احدثها تمرير مشروع المائة مليون دولار لمنطقة عكار، والذي عارضه وزير المالية محمد الصفدي بشدة لاسباب تعود الى حرصه على ارضاء تيار عون، ولغايات سياسية أبعد من الانتخابات، وربما تتعلق بطموحات سياسية مستقبلية او آنية.
وفي هذا السياق، اثار موقف الصفدي من رئيس الحكومة ردود فعل سياسية وشعبية واسعة، خاصة في طرابلس، حيث تداعت هيئات وجمعيات إسلامية ومدنية لإصدار بيانات تنتقد وزير المالية المفاجئ، والذي اعتبر خروجاً عن الإجماع الطرابلسي، وعمد عدد من خطباء الجمعة إلى توجيه انتقادات مباشرة للصفدي على خلفية مواقفه الأخيرة.
وأدى تدخل الرئيس ميقاتي لدى بعض الهيئات إلى وقف توزيع بيانات ضد الصفدي كانت معدة لتوزيعها على أبواب المساجد بعد صلاة الجمعة أمس.
بواخر الكهرباء
وضمن الإطار عينه، كشفت معلومات لمصادر موثوقة، أن الصفدي، قدّم في إحدى مراحل اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة درس عروضات شركات بواخر إنتاج الكهرباء، عرضاً من قبل شركة أميركية بسعر ارخص بحوالى 30 بالمائة عن الأسعار التي عرضها وزير الطاقة جبران باسيل للسعر الذي عرضته الشركتان الأميركية والتركية والبالغ نحو 450 مليون دولار، وهو أمر شعر حياله الرئيس ميقاتي "بنقزة" من كل العروض المقدمة من هذه الشركات، ودفعه بالتالي إلى الاقتناع بضرورة وقف الصفقة ككل.
وأكدت مصادر الرئيس ميقاتي أن التقرير المفصل الذي سيرفعه إلى مجلس الوزراء الأربعاء المقبل بات قيد الإنجاز، ويعرض فيه لواقع استئجار البواخر، مع اقتراحات حلول، أبرزها إنشاء معمل جديد لانتاج الكهرباء بسعر ارخص خلال سنة.
وأوضحت ان الرئيس ميقاتي يعترض على الآلية التي جرت من خلالها المناقصة التي رست على الباخرتين الأميركية والتركية، لوجود شوائب فيها لجهة التركيز على السعر، ثم التفاوض على المواصفات وهذا أمر يخالف أصول المناقصات.
وبحسب المصادر نفسها، فان التقرير يفترض أن يناقش في مجلس الوزراء الذي سيعقد جلسته الأربعاء المقبل في بعبدا، مع التقرير الآخر المتضمن مشروع قانون بقطع حساب الانفاق المالي عن السنوات الماضية، وكلاهما يعتبران من الملفات الساخنة والخلافية، ما دفع أوساط وزارية إلى التحذير من طرحهما ما لم يحصل توافق كامل بشأنهما بين مكونات الحكومة، وليتحمل عندها الجميع مسؤولية القرار الذي ستتخذه في ملف الكهرباء أو غيره، ويفترض ان يتبين ذلك من خلال جدول أعمال الجلسة الذي لن يوزع قبل يوم الاثنين، أو اليوم السبت.
وسواء طرح الملفان أو لم يطرحا في جلسة الأربعاء، فان تأكيدات جديدة صدرت عن مصادر السراي، بأن تتضمن الجلسة دفعة تعيينات في المراكز الإدارية المتفق عليها، أو التي لا توجد إشكاليات حولها، مثل رئاسة مجلس القضاء الأعلى، مشيرة إلى أن هذه التعيينات ستكون في الدوائر التابعة لرئاسة الحكومة، أو ما اصطلح على تسميتها بهيئات الرقابة.
اما التشكيلات الدبلوماسية التي تحرّكت عجلتها، ولا سيما بالنسبة للفئتين الثانية والثالثة، فستطرح في مرحلة تالية، إذا كان وزير الخارجية عدنان منصور قد انجزها، وخرجت من مجلس الخدمة المدنية.
وفي كل الاحوال، فإن كل هذه الامور يفترض ان تتوضح مطلع الاسبوع، بما في ذلك موضوع مشاركة لبنان في القمة العربية التي ستنعقد في بغداد في 29 الحالي، في ضوء احجام معظم زعماء دول الخليج عن عدم حضورها، علماً ان قرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان بحضورها لم يطرأ عليه اي تعديل.
ملف الغذاء الفاسد
ومع ذلك، ظل ملف سلامة الغذاء مفتوحاً على مصراعيه، وكان احدث فصوله فضيحة "المياه الفاسدة" التي كشف عنها وزير الصحة علي حسن خليل، مؤكدا ان معظم شركات تعبئة المياه غير مرخصة، ولا تستوفي الشروط الصحية، فيما اعتبرها رئيس لجنة الاشغال النيابية محمد قباني بأنها "دكاكين ليست منظمة ولا مرتبة"، متمنياً ان تكون صرخة الوزير خليل مقدمة لرقابة جدية من الصحة على نوعية المياه في الشركات.
وكان اللافت امس، دخول الجيش في عمليات مكافحة اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة، حيث اعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، عن مداهمة قامت بها قوى من مديرية المخابرات امس بالتنسيق مع مصلحة حماية المستهلك لمستودعين في محلة الطريق الجديدة، يحتويان على نحو 5 اطنان من المواد الغذائية المخصصة لانقاص الوزن، اضافة الى كميات كبيرة من حليب الاطفال ذات منشأ اجنبي ومنتجات لبنانية على انواعها، ومنتجات صنعت في اسرائيل وتم تمويه مصدر انتاجها. واكدت ان جميع المواد المصادرة منتهية الصلاحية، واوقف ثلاثة اشخاص على ذمة التحقيق.
تبين من التحقيق معهم وجود مستودع ثالث عائد لهم ويحتوي على نحو 40 طناً من الحليب والمواد الغذائية الخاصة بالاطفال، معظمها منتهية او مزور تاريخ صلاحيتها، كما تم ضبط محل للبيع بالمفرق في الحمراء للموقوفين انفسهم.
تبييض اموال
وعلى صعيد آخر، وفي اطار عملية هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، افاد التقرير السنوي للهيئة للعام 2011 انها تلقت خلال تلك الفترة 325 حالة تبييض اموال وردت من قبل جهات محلية وخارجية تتعلق بهذه الشبه، وان الهيئة درست معظم هذه الحالات وحولت بعضها إلى النيابة العامة بعد ان تم رفع السرية المصرفية عنها. 

السابق
ضبط مستودع ثالث في محلة الطريق الجديدة
التالي
الأنوار: حليب واغذية فاسدة للاطفال