المعطوب في عقله لا في رجله 

أتحفنا الشبّيح المعطوب في عقله لا في رجله، سعد الحريري، أمس، ببيان يهاجم فيه «الأخبار» بسبب نشرها مقالاً في عددها الصادر أمس تحت عنوان («رفيق الحريري» في اللوبي الإسرائيلي). وفي المقال، معلومات عن مشاركة مديرة «مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط»، ميشيل ديون، في مؤتمر منظمة اللوبي الإسرائيلي الأبرز في الولايات المتحدة «أيباك»، إلى جانب جنرال إسرائيلي شارك في العدوان على لبنان عام 2006. وفي النسخة الالكترونية من المقال، نشرت «الأخبار» روابط للعناوين الالكترونية للمركز المذكور، ولمنظمة «أيباك» تثبت مشاركة رئيسة المركز في المؤتمر.

وإذا كان الاجدى بمن يعاون المخبول أن يفيده بأن الرد يجب ان يشتمل على توضيح معلومة او نفيها او تصويبها، فإن الشقيق الاكبر المعني بالموضوع، بهاء، كان أكثر ذكاء، فبعث مكتبه بتوضيح اكد فيه صحة الخبر، مشيراً إلى أن ديون لم تكن تمثل المركز في هذا النشاط. وقال بهاء في بيانه: «تعليقا على ما ذكرته صحيفة «الأخبار» في عددها الصادر يوم الخميس ان مديرة مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط في «ذي اتلنتيك كونسيل the atlantic council» في الولايات المتحدة الاميركية ميشال ديون شاركت في مؤتمر منظمة الايباك، فإن صحيفة «الأخبار» لم تكلف نفسها عناء التحقق الا من موقع الايباك وليس من المصادر الحقيقية للخبر فخرجت بعنوان هدفت منه توريط اسم رفيق الحريري من دون التثبت من ان السيدة ميشال ديون شاركت في المؤتمر من دون علمنا ولذلك اقتضى التوضيح».
ردُّ الابن الاكبر لرفيق الحريري جاء وفق الأصول المهنية، التي تحتم مبدأ الرد على خبر بأن تنفيه او توضحه، وبمعزل عن مؤهلات ومواصفات واهتمامات السيدة ديون، والتي لو اراد الشيخ بهاء لزودناه بها متى يرغب، من ايام الدراسة في الجامعة الى اطلالاتها الاعلامية الى عملها الحالي.
أما البيان الذي بعث به العلامة سعّود (سعد الدين الحريري)، صاحب مخطوطتي «العقد الفريد في فنون التغريد» و«الأصول في النطق»، فكان من نوع مختلف. فالشاب «الصرّيف» الذي لم يدفع ديون اخيه عليه، رأى في الخبر مناسبة لتبييض وجهه مع شقيقه، لا تكلفه شيئاً من الدنانير، فكان أنْ أمَرَ تابِعَه (إيّاه ما غيره) من فرقة الشتامين، ان يأخذ مقطعاً من مؤلفه الأخير «البديع في الكذب والشتم والتشنيع»، ويكتب ما يناسب، فكانت النتيجة كيلاً من السباب الذي يليق بـ«طويل العمر» وبمعاونيه، في حق «الأخبار» التي اعتادت «إحياء حفلات الأكاذيب تجاه كل ما يتصل بالرئيس الشهيد رفيق الحريري وأبنائه وتياره السياسي (…) الذي لا يحتاج إلى أي شهادة من أدعياء المقاومة والممانعة أمثال جريدة الأخبار ومن يقف وراءها (…) وهي («الأخبار») أنشئت في الأساس للإساءة لكل ما يتصل برفيق الحريري، وهي التي لم توفر يوماً أي شأن سياسي أو عائلي أو شخصي أو مالي أو إداري إلا ودخلت عليه وجنّدت صفحاتها في سبيل تهشيم صورة رجل ومسيرة وطنية لن يتمكنوا من تهشيمها مهما برعوا في اختراع الأضاليل. وهي (الأخبار) نجحت في أن تضيف إلى سجلها الأصفر مقالة صفراء جديدة».
الغريب في الامر، ليس طبيعة الرد الآتي من مكتب السعّود، بل في كونه لم يتعلم، بعد، من كل تجارب الماضي. وفي كونه يرفض على الدوام التثبت من امر قبل ان يطلق موقفا، وهي حاله في السياسة والاقتصاد والمال والدولة… و«السكي» ايضاً. فكانت النتيجة خسائر مستمرة في كل شيء. ولم يبق له سوى اللافتة التي لم يقرر «مَن يقف وراءه» في السعودية نزعها من امام منزله بعد. وإذا فعلت ذلك، فسيكون التحقيق الصحافي الافضل هو «رحلة البحث عن سعد في ربيع الهرب».
مشكلة سعد الاضافية هي في محيطه الذي لا يعرف لبنان جيداً، ولا يعرف الأصول المهنية ولا الاخلاقية ولا العادات ولا الاعراف، بمعزل عن اهميتها. وهذا المحيط يثبت يوماً بعد آخر أنه متورط في لعبة التواصل مع المؤسسات الدولية الخاضعة لسيطرة المؤسسة الصهيونية العالمية، في الاعلام والمال والسياسية. ومجرد التدقيق في ما حصل مع مديرة المركز التابع لبهاء، سيظهر أن جماعة سعد شركاء في هذه اللعبة التي لا يعرفون غيرها، وهم يعتقدون بأن التهويل والكلام البذيء والصوت المرتفع يمكن ان يغطي على هذه الخطايا. والا فكيف يمكن تفسير بيان مثل الذي عممه امس على وسائل الاعلام؟
نعرف انه من الصعب توقع نتيجة من اي نقاش مع المعطوب في عقله. ومن الغباء توقع تغييرات من عنده. لكن الرجاء قد يكون في مخاطبة مريديه، بما يدفعهم الى مساعدة الشيخ، فيُكشَف عنه الغطاء ويُتاح له طول البقاء، وتُمنَع عنه الغشاوة، ويُستعاد من عصر البداوة. اللهم استجب دعوانا… آمين!

السابق
غير: Pretty Woman كوميديا سخيفة
التالي
الجيش: مداهمة مستودعين لمواد غذائية فاسدة في الطريق الجديدة