الحل السياسي أو كل المخاطر

كوفي أنان حصل أخيراً على ما طلبه من مجلس الأمن الدولي في الملف السوري: التكلم بصوت واحد بعد مفاوضات صعبة. وبقي عليه الجزء الأصعب والأساس في مهمته: الحصول بالتفاوض على ما طلبه من دمشق في لا ورقة من ستة بنود. فلم يكن من الواقعية أن تبدأ مهمة الموفد المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية من دون ان يضع المجلس في يده أوراقاً تفاوضية. ولا كان من الممكن البحث انطلاقاً من قرارات الجامعة العربية بعدما رفضتها سوريا سلفاً واستقبلت أنان كموفد خاص.

لكن التكلم بصوت واحد جاء في بيان رئاسي، لا في قرار ملزم. فلا انذارات، ولا تحديد سقف زمني، ولا تحميل مسؤوليات عن حدث لأي طرف، كما أصرّت موسكو. مجرد رسالة معنوية تبنّى فيها المجلس مقترحات أنان التي ردّت عليها دمشق بمقترحات وأسئلة استدعت استيضاحات حملها وفد فنّي يمهّد الطريق لعودة أنان. وهي مقترحات تعطي الأولوية لوقف العنف من الطرفين وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن والقرى وضمان مراقبة محايدة، واطلاق المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي، ثم فتح باب الحوار السياسي الشامل بين الحكومة السورية وكل أطياف المعارضة.

أما هدف الحوار، فانه تسهيل الانتقال السياسي نحو نظام سياسي ديمقراطي تعددي. وأما آلية التفاوض، فانها بقيادة سورية تحت اشراف الأمم المتحدة. ومعنى ذلك هو العودة الى الحل السوري الذي لم يحدث على مدى سنة من الأحداث الدامية، يقول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان القيادة ارتكبت خلالها أخطاء كثيرة جداً. لا بل سنة شهدت محاولات لتقديم الحل العربي والتوجس من الحل الدولي قبل ان يصبح التعريب مرفوضاً والتدويل مقبولاً كأمر واقع.
لكن البيان الرئاسي ليس ضماناً لنجاح المهمة. فالحل السوري بالنسبة الى النظام هو الاصلاحات السياسية البطيئة التي قام بها من طرف واحد، وسط الاندفاع في الحل الأمني – العسكري. وهو بالنسبة الى المعارضين التفاوض على الانتقال الديمقراطي للسلطة في اطار تسوية تتجاوز اصلاحات النظام وتبدأ مما يرفضه النظام والروس وهو تنحّي الرئيس بشار الأسد.

ولا شيء يوحي، حتى الآن، ان الظروف نضجت لأن تعمل الحكومة السورية والمعارضة بحسن نيّة مع الموفد من أجل التسوية السلمية للأزمة حسب التعبير في البيان الرئاسي. غير ان الكل في الداخل والخارج يعرف ان مهمة أنان هي الفرصة الذهبية وربما الأخيرة للحل السياسي، وان البديل من التسوية هو كل أنواع المخاطر. من الحرب الأهلية التي تجر الى تدخل اقليمي ودولي بالوكالة أو مباشرة الى التقسيم.

السابق
اسرائيل اليوم… بين محاكمة يائير بنيامين نتنياهو واصدار قانون الفوتوشوب!!
التالي
فرصة جديدة للحل العسكري؟!