تفاهم أميركي – روسي يُطلق «قطار» التسوية السورية

وجد سياسيون متابعون في البيان الرئاسي الذي اصدره مجلس الامن الدولي حول الأزمة السورية أمس ما يشكّل بداية التسوية الدولية لها بعد إنقضاء عام وأسبوع على تفجُّرها. وهذه التسوية هي المهمّة الرئيسة للموفد الاممي ـ العربي كوفي أنان الى دمشق.

عندما التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظرائه العرب في القاهرة أخيراً، لتعذر إجتماع طلب عقده مع الوزراء الخليجيين منهم فقط، قال أحد السياسيين معلقاً على ذلك اللقاء ان رئيس الديبلوماسية الروسية "أتى جغرافياً الى القاهرة فيما ذهبت جامعة الدول العربية سياسيا الى موسكو".

وبعد البيان الرئاسي لمجلس الامن الدولي أمس،علق السياسي نفسه قائلاً:"إن مجلس الأمن إنعقد جغرافياً في نيويورك، ولكنه تبنّى بياناً رئاسياً صادراً في موسكو".

وفي قراءة لهذا البيان، يستنتج هذا السياسي، أنه تم استبعاد كل التعابير التي كانت روسيا والصين تعترضان عليها في مشاريع البيانات أو القرارات السابقة مما حال دون صدورها في حينه. اما ما تضمنه البيان من موقف يدعم مهمة الموفد الاممي ـ العربي في سوريا، فيدّل الى أن هذا الموفد لم يأتِ الى دمشق إلاّ في إطار تفاهم روسي ـ أميركي، ومن المنتظر ان تترجم مفاعيل هذا التفاهم إقليميّاً وعربيّاً اولا، ثم سوريّاً في النهاية.

ويتوقع السياسي إياه، ان أنان، وفي ضوء هذا "الدعم الأممي" له، سينطلق الى تنفيذ مهمته بفعالية، خصوصا بعدما بدأت البعثة التي كان أوفدها قبل أيام الى دمشق عملها الميداني بادئة بمدينة إدلب، وهذه المهمة تهدف الى حل الأزمة السورية وفق "البنود الخمس" التي كان لافروف اعلنها في القاهرة بعد إتفاقه عليها مع نظرائه العرب، ومن ضمنها بند اساسي يشدد على دعم جميع الاطراف مهمة أنان "السورية"، إذا جاز التعبير.

والى ذلك يقرأ ديبلوماسي واسع الاطلاع بيان رئاسة مجلس الامن، على انه في ضمنيته وخلفيته ينطوي على رسالة يوجهها الروس والصينيون الى الولايات المتحدة يقولون لها فيها: "كفاكِ تزعماً للعالم وتجاهلاً الآخرين، فلن تستطيعي أن تبتلعي سوريا مثلما ابتلعتِ العراق وغيره، فنحن مع النظام السوري، ولا يمكنك التصرف بسوريا من دون التفاهم معنا".

ويضيف هذا الديبلوماسي "ان الخلفية الاساسية للموقفين الروسي والصيني تتجاوز ما يُحكى عن "قاعدة طرطوس" ومصالح إقتصادية وغيرها الى مسألة القلق لدى البلدين من أن سقوط النظام في سوريا وتولي الأصوليين الاسلاميين السلطة فيها سيؤدي الى تفشي الاصولية والسلفية الاسلامية في دول آىسيا الوسطى، وكذلك في الصين التي تصل حدودها الى منغوليا واقاصي روسيا، اذ يبلغ عدد المسلمين ما بين 80 الى 135 مليون نسمة في غياب اي احصاءات رسمية لهم. ولهذا السبب، وربما لأسباب أُخرى، تتصل بما حل بالعالم في زمن الآحادية الاميركية منذ سقوط الاتحاد السوفياتي مطلع التسعينات من القرن الماضي تعارض الصين وموسكو اسقاط النظام السوري، وفرض أي حل للازمة السورية لا يأخذ في الاعتبار مصالحهما ومواقفهما. ولذلك يقول الروس والصينيون للأميركيين ان أي حل للأزمة السورية في ظل النظام الحالي أوتطويره، أو حتى تغييره، ينبغي ان يتم برضى موسكو وبكين وبإشرافهما، وبما يضمن مصالحهما، وقبل كل شيء بما يضمن عدم تولي الاصوليين الإسلاميين السلطة.   

السابق
أحضان موسكو
التالي
اللوبي المسيحي ـ الحريري في مواجهة الراعي