الهدف الروسي الحقيقي

تتخبّط روسيا بسلسلة مواقف متذبذبة من التطوّرات السورية تنم كلّها عن أنّ الجانب الروسي لم يتوصّل، بعد، الى تحديد أرباحه من أي موقف ليستقر عليه.

ولو أخذنا قضية البوارج الروسية في مرفأ طرطوس لوجدنا فيها مثالاً حيّاً صارخاً على التذبذب في الموقف الروسي: فتارة يؤكدّون وصول البوارج، وطوراً ينفون. ثم يؤكدون عبورها البحر في اتجاه الشاطئ السوري، ومن ثم ينفون. حيناً يقولون إنها توجّهت فعلاً بهدف صيانة السفن في مرفأ طرطوس، وأحياناً يزعمون أنها توجّهت الى بحر سوريا لتكون جاهزة لإجلاء الرعايا الروس عند الضرورة الخ…

فما هي هذه الدولة العظمى التي يفترض أنها تحترم نفسها ثم تبدّل موقفها ومعطياته مراراً وتكراراً خلال أيام متلاحقة، فتصدر بياناً يناقض الآخر.

ولكن، إذا تعمّقنا في الأمر لاتضح لنا أنّ هذا النظام الروسي الحالي هو وريث النظام السوڤياتي البائد الذي تحكّم بالعباد والبلاد بنظام حديدي لم يقم قيمة للإنسان.. والنظام الحالي في الكرملين مؤسف أنّ ديموقراطيته عليها ألف مأخذ ومأخذ بدليل لعبة تبادل المناصب بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كلّه في سبيل توفير المناخ الملائم لبقاء ڤلاديمير بوتين في الحكم سواء بصفة رئيس جمهورية أم رئيس وزراء… بحيث يخرج من الباب ويدخل من الشباك، أو يخرج من هذا ويدخل من ذاك.

وهكذا، لا نستغرب هذا التردّد في الموقف الروسي، ولا التناقضات فيه، لأنّ الهدف الحقيقي ربّـما كان صفقة السلاح لسوريا. ومع أنّ دمشق عاجزة عن سداد بدل الصفقة مالياً، إلاّ أنّ الحليف الإيراني جاهز لهذه المهمة، فيسدّد عن دمشق.

فالهدف الروسي الحقيقي هو هدفٌ مالي أولاً وأخيراً، وأمّا مصالح الشعوب، وحقوق الناس، فآخر اهتمام أركان الكرملين وهي كلمات غير واردة في قاموسهم.

السابق
لبنان: السلبيات بدل الايجابيات
التالي
مجدلاني: سلامة غذاء المواطن اهم من صلاحيات الوزير