ذكريات الدمّ

كلما قررت الابتعاد عن الكتابة في هذا الامر، نجح الجنرال ميشال عون في إعادتي اليه لا وبل استفزازي على الصعيد الشخصي والصعيد الوطني.
كان ذلك صباح يوم 14 آذار للعام 1989 وكنت عائداً بالسيارة من شارع فردان (رشيد كرامي) بعدما اوصلت ولديَ الاثنين الى مدرستهما.
نصف ساعة ثم اشتعلت مناطق راس بيروت الاونيسكو تحت قصف مدفعي عنيف ومكثف روّع الآمنين وحتى الشياطين في مخابئهم.
وكما الآباء الآخرون اسرعت الى سيارتي وهرعت لانقاذ ولديَ وإعادتهما او مساعدتهما على النجاة من القذائف المدفعية وغيرها إثر سماعي بأن كثيراً من طلاب المدارس اصيبوا او قتلوا.
الاذاعات كانت تتناقل اخبار القصف الجنوني ثم تبينت ان "رئيس الحكومة" ميشال عون اعلن "حرب التحرير" ضد "الجيش السوري المحتل".
لم يعترف عون يوماً بأنه المسؤول عن الضحايا الذين سقطوا في ذلك اليوم وكان يتهم دائماً "القوات اللبنانية" بذلك الى ان استمعت اول من امس الى اللواء.. ابو جمرا يقر عبر شاشة "ال.بي.سي" بالحقيقة.
ابو جمرا قال: كانت الساعة السابعة صباحاً حين اتصل بي العماد عون هاتفياً ليبلغني بأنه سيعلن الحرب ضد الجيش السوري فقلت له: هكذا، انتظر قليلاً حتى اصل لعندك او انتظر لنعيد الاولاد من المدارس.
ويضيف ابو جمرا: خرجت الى شرفة البيت وكان ابني لا يزال خارج السيارة فقلت له: بابا، عد الى البيت ولا تذهب الى المدرسة اليوم.
نجا ابن ابو جمرا، والحمدلله، فيما قتل عشرات من التلامذة والآباء والأمهات بسبب القصف المجنون".
كنت اختزن هذه الذكريات الآليمة واتساءل: كيف لعاقل ان يقاتل جيشاً كبيراً بجيش صغير. ربما لو نظمت حرب عصابات او لو شارك المدنيون المسلحون لتغيّر الوضع ولكن ان تخوض حرباً بعد اعلانها؟
قبل يومين وقف عون محتفلاً بالذكرى من دون حرج وأنا كنت ابتلع حزناً احتل ذاكرتي منذ العام 1989.
تحتفل بـ14 آذار يا جنرلال؟ ثمة دماء لم تجف بعد في فردان تقاطع الاونيسكو.

السابق
تخوف اسرائيلي من تدريبات حزب الله على الأسلحة النووية المضادة للطائرات !!
التالي
الراي: طهران: حزب الله هزم الكيان الصهيوني والكلاب التي تنبح كثيراً لا تهاجم