الحياة: بري يلوّح بجلسة نيابية لاستجواب الحكومة بسبب ترددها في تحريك عجلة الإدارة

توقفت مصادر نيابية من كتل نيابية عدة أمام تلويح رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدعوة الهيئة العامة في البرلمان الى جلسة تخصص لاستجواب الحكومة. وسألت ما إذا كان سيمضي في دعوته هذه، أم أنه أراد توجيه انذار الى الحكومة للخروج من دائرة المراوحة بسبب الاختلاف بين مكوناتها على ملفات أساسية لم تنجح حتى الآن في توفير الحلول لها، ما أوقعها في حالة من الجمود القاتل، تفرض عليها ادارة الأزمة من دون أن تتجاوزها؟

وأكدت المصادر النيابية ان بري غير راضٍ على أداء الحكومة بسبب تلكؤها في التصدي للملفات الكبرى العالقة، وقالت ان وتيرة انتقاده سلوكها وممارساتها أخذت ترتفع في الآونة الأخيرة، مع انها بقيت في اطار توجيه الرسائل الى من يعنيهم الأمر ولم تخرج الى العلن.

انزعاج من التأجيل

ولفتت المصادر نفسها الى ان بري انزعج من تأجيل البند الخاص بتعيين قضاة جدد لملء الشواغر في ديوان المحاسبة الى جلسة بعد غد الأربعاء، بعد أن نوقش من جانب النواب في الهيئة العامة وخصوصاً أولئك المنتمين الى الأكثرية، الذين اختلفوا حول آلية تعيينهم، اضافة الى ان الاختلاف لم يكن بين كتلة وأخرى وإنما داخل الكتلة الواحدة، وهذا ما تبين من خلال موقف النائب في «التيار الوطني الحر» ابراهيم كنعان الذي أصر على أن يصار الى تعيينهم لتفعيل دور أجهزة الرقابة وعلى رأسها ديوان المحاسبة، ورد زميله في التكتل وزير العدل شكيب قرطباوي الذي أيد ضرورة تفعيل الديوان لكنه رفض أن يصار الى الاستعانة بالقضاء العدلي لملء الشواغر فيه بذريعة ان الجسم القضائي يعاني نقصاً في العدد.

وأكدت أن بري يأخذ على الحكومة ترددها في اتخاذ القرارات وفي حسم أمرها في القضايا العالقة، على رغم ان هذه السياسة أخذت ترتد سلباً عليها بسبب ترهل الإدارات العامة والمؤسسات الرسمية نتيجة ارتفاع حجم الشواغر فيها. وقالت ان رئيس المجلس لم يتردد في السؤال عن تأخير اقرار التعيينات لأن من غير الجائز تجميدها ورفض مقاربة هذا الملف خوفاً من ان ينفجر الاختلاف داخل الحكومة.

التعيينات على دفعات

وأضافت ان بري ليس بعيداً عن الأجواء الخلافية المحيطة بالتعيينات، لكنه يرى ان هناك امكانية لإصدارها على دفعات على ان تعطى الأولوية للتعيينات التي لا تتسبب بمشكلة في الحكومة على ان تترك التعيينات المختلف عليها الى وقت لاحق، ما يفتح الباب أمام التواصل من أجل التغلب على الاختلاف.

وسأل بري – وفق المصادر – كيف يمكن بلداً مثل لبنان ان «يقلّع» طالما ان أكثر من نصف ادارته معطل، ويشكو من عدم ملء الشواغر، ومعظم سفاراته شاغر من السفراء بسبب عدم تحريك ملف التعيينات والتشكيلات الديبلوماسية؟

سياسة وزير الطاقة

وفي هذا السياق أبدت مصادر وزارية عدم ارتياحها للسياسة التي يتبعـــها وزير الطاقة جبران باسيل سواء لجهة اصراره على إلحاق الهيئة العامة لإدارة قطاع النفط به شخصياً بدلاً من أن تتمتع بحد أدنى من الاستقلالية، أو لجهة تأخره في إعداد دفتر الشروط لتلزيم مشروع الكهرباء لتقوية التغذية بالتيار الكهربائي، وتردده في تعيين مجلس ادارة جديد لشركة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة للكهرباء.

وقالت المصادر ان باسيل يصر على ربط الهيئة العامة لإدارة قطاع النفط به شخصياً، ما يلقى معارضة من بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مؤكدة ان لا مبرر لتعيين هذه الهيئة طالما انها ستخضع مباشرة لوصاية الوزير باسيل وبالتالي فليحاسب هو شخصياً وعندها لن يكون من داع لتشكيل الهيئة.

وأعربت عن مخاوفها من اصرار باسيل على خصخصة وزارة الطاقة على طريقته ومن خلال رفضه اعطاء أي دور للطاقم الإداري فيها، وحصر ادارة شؤونها بفريق من الخبراء الذين تعاقد معهم، وقالت ان أحداً لا يريد التجني على الوزير وكيل الاتهامات العشوائية له، وأن ما يحصل في وزارة الطاقة بات موضع شكوى من معظم أركان الدولة الذين يغمزون من قناته من دون مبادرتهم الى الاعلان عن التجاوزات الحاصلة، لئلا تتصدع الحكومة من الداخل نتيجة رد فعل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، مع انه يكفيها ما أصابها من تصدعات ليست ناجمة عن الاختلاف بين مكوناتها حول الأزمة في سورية، بمقدار ما انها متأتية من أن قوى أساسية فيها تتصرف وكأن الانتخابات النيابية حاصلة غداً، ولا بد من الإمساك بمفاصل الدولة وتوظيفها في الترويج لمرشحي هذا الطرف أو ذاك.

… الانتخابات النيابية!

واعتبرت المصادر ان اصرار بعض الأطراف على تحقيق مكاسب عابرة لتجييرها في الانتخابات النيابية أدى الى تجميد كل الملفات مع ان مصيرها لن يتقرر إلا من خلال ما ستؤول اليه الأزمة في سورية. وقالت: هناك من يخطئ إذا أراد التكهن بإجراء الانتخابات من دون استقراء مستقبل الوضع في سورية.

ولــــم تستبعد المصادر لجوء عدد مـــن النواب في جلسة الاستجواب التــــي ستكون على رأس جدول أعمال اجتماع اليوم لهيئة مكتب المجلس برئاسة بري، الى طرح أسئلة حول الأسباب التي ما زالت تعيق تشكيل الهـــيئة العامة لإدارة قطاع النفط وصــــولاً الـــى استرداد زمام المبادرة من أجــــل الضغط على الحكومة لتشكيل هذه الهيئة وانما من خارج الشروط التي يضعها باسيل.

… والإنفاق الحكومي

كما ان المصادر تنتظر ما سينتهي اليه الاجتماع الحاسم المقرر اليوم للجنة الوزارية برئاسة ميقاتي المكلفة وضع الصيغة النهائية والأخيرة الرامية الى رفع سقف الإنفاق الحكومي كمدخل لإنجاز قطع الحساب للسنوات من 2006 الى 2010 ولقوننة مبلغ 8900 بليون ليرة، أنفقته حكومة ميقاتي عام 2011.

وعليه، هناك من يأمل في أن تتوصل اللجنة الوزارية اليوم الى تسوية للإنفاق الحكومي على قاعدة رفع سقف الإنفاق باعتبار ان عدم اقرار الموازنات للسنوات من 2006 الى 2011 أدى الى الصرف من خارج القاعدة الاثنتي عشرية، خصوصاً ان التسوية لا تعني اعطاء براءة ذمة للحكومات السابقة ولا تغطي المخالفات في حال وجودها وإنما تجيز لأجهزة الرقابة، وأولها ديوان المحاسبة، التدقيق في الحسابات والجداول والسجلات الموجودة في وزارة المال.

كما ان هذه التسوية باتت أكثر من ضرورية لأن الحكومة الحالية ستواجه عاجلاً أو آجلاً مشكلة تتعلق بوجوب رفع سقف الإنفاق وقوننته في ظل عدم اقرار الموازنة للعام الحالي، وبالتالي لم يعد من الجائز التمييز بين إنفاق الحكومات السابقة وبين ما ستنفقه الحكومة الحالية طالما ان الأسباب التي أملت هذا الإنفاق واحدة، على أن يترك لهيئات الرقابة القيام بالدور المطلوب منها.

لذلك تعتقد المصادر أن الإنفاق يجب أن يقونن في سلة واحدة وإلا لا مجال لقوننة قسم منه وترك القسم الآخر عالقاً لاستخدامه ورقة اتهامية ضد الحكومات السابقة، اضافة الى ان اصرار رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط على ان تكون التسوية شاملة ومتلازمة بات يقف حجر عثرة في وجه أي تشريع انتقائي لحقبة دون الحقب الأخرى.

السابق
معلومات فرنسية تشير الى تهديدات جديدة لليونيفيل
التالي
أنان والضربة القاضية