سورية.. هل بات الانقلاب العسكري وشيكاً؟

لم يهدأ البحث عن حلول لإنهاء الأزمة السورية, منذ اندلاع موجة الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد, منذ عام كامل. التدخل الخارجي, عبر تكرار السيناريو الليبي في سورية, كان من بين الحلول المقترحة, والمؤيَّدة بقوة, من قبل جهات معارضة سورية ودول عربية. لكن الأنظار تحولت عن هذا السيناريو, بعد أن أعلن الغرب, صراحةً, عدم وجود أي رغبةً لديه للتدخل العسكري المباشر في سورية.
الرفض الغربي هذا دفع المعنيين والمهتمين إلى البحث عن حلول أخرى, فكان الحديث عن تسليح المعارضة, أي الجيش السوري الحر, وفرض حظر جوي, إلى إقامة مناطق عازلة لحماية المدنيين من بطش النظام وفتك آلته القمعية. هذه الحلول أيضاً لم ترَ النور, وبقيت مجرد كلام نظري, لم يخرج عن نطاق القاعات التي طُبخت فيها.
المستجد في هذه القضية, هو الحديث الدائر حالياً عن احتمال حدوث انقلاب عسكري ضد نظام بشار الأسد. حيث أوردت بعض الجهات معلومات تُفيد بأن اجتماعاً لممثلي الاستخبارات العسكرية الأميركية, البريطانية, الفرنسية, التركية, السعودية والقطرية عُقد على هامش "مؤتمر أصدقاء سورية" في تونس, تباحثت فيه هذه الأطراف موضوع "تنظيم انقلاب عسكري" ضد النظام السوري. اللافت أيضاً, أن وزيرة الخارجية الأميركية, هيلاري كلينتون, لا تتردد في الدعوة علناً إلى الإطاحة بالأسد عبر انقلاب عسكري, وقد تواترت تصريحاتها, في هذا الصدد, في الأيام القليلة الماضية. غير أن كلينتون تدعو إلى ذلك بشيء من المواربة, فليس واضحاً من كلامها, ما إذا كانت تريد انقلاباً عسكرياً, كتلك المتعارف عليها, والتي تُنفذ عادةً من قبل مجموعة محددة, أم أن تصريحاتها دعوة للانضمام إلى الجيش السوري الحر, والبدء في المواجهة العسكرية المباشرة والعلنية مع القوات الموالية للنظام.
علاوةً على ذلك, تحدثت تقارير صحافية عن محاولة انقلاب عسكري وقعت فعلياً الأحد, أي بعد يومين من اجتماع تونس. لكن من دون أن تتحدث عما إذا كان لها علاقة بالاجتماع الهامشي, المذكور آنفاً, الذي جرى في تونس. رغم أن قصر المسافة الزمنية الفاصلة بين هذه الحدثين يقلل من احتمالات وجود مثل هذه العلاقة.
وقد تكون هذه المحاولة, إن صدقت الأنباء, هي ما دفعت النظام فجر الأحد إلى نشر, ولأول مرة بتلك الكثافة, الآليات العسكرية والمدرعات والجنود في الساحات والشوارع الرئيسية, وتعزيز السيطرة الأمنية فيها. ليس هذا فحسب, فقد أفادت المعلومات بأن أوامر صارمة ومشددة أعطيت للمطارات العسكرية بمنع الطيارين الاقتراب من طائراتهم, وحظر حتى الطلعات الجوية التدريبية والروتينية, إلا بأمر شخصي من الأسد. وأنه جرى بالتزامن مع هذه السلسلة من الإجراءات اعتقال عدد من كبار الضباط والشخصيات المهمة, "المتهمين بشن قصف جوي بالطائرات على القصر الجمهوري".
تُجدر الإشارة إلى أن التقارير الصحافية تحدثت عن أن المتورط في هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة, هو اللواء محمد خلوف, الرئيس السابق لفرع فلسطين في المخابرات السورية. وكانت أنباء سابقة قد تحدثت عن انشقاق خلوف لكن لم يتم تأكيدها بشكل قاطع إلى الآن.
أياً يكن, وبغض النظر عن مدى صحة المعلومات السابقة, فإن تزايد الانشقاقات داخل صفوف الجيش النظامي, ومن ذوي الرتب العليا, عقداء وألوية, وتشكيل "مجلس استشاري عسكري", منوطٍ به مهمة دعم "الجيش الحر" سياسياً وعسكرياً, اعتبره البعض بمثابة "وزارة الدفاع", كل هذه المستجدات, على صعيد الجبهة العسكرية المعارضة للنظام, معطيات على أن تحولات كبيرة ستحدث على صعيد المواجهة العسكرية, بين الجيش الموالي للنظام والجيش الحر. وإذا ما تلقى الجيش الحر الدعم المطلوب والمفترض, فإنه سيكسب ثقة أكبر بين الجنود والضباط, الذين لن يتوانوا حينها عن الانضمام إليه. وهذا قد يساعده في اختراق الحلقة العسكرية الضيقة المحيطة بالنظام, الذي إن حدث سيسهل أمامه مهمة القيام بمحاولة انقلاب عسكري, هذا إن لم يهزم النظام وقواته على أرض المعركة المباشرة.  

السابق
لم يتغيّر شيء في موسكو
التالي
السلفيون الجدد أسلوب جديد في الحرب على الأمة