السفير: زعيـم «تجـارة الخطـف» في قبضـة الجيـش

برّدت العاصفة الثلجية المستمرة، مواقف أهل السياسية، لكن أهل الأمن، شدوا عزائمهم، فأضافوا الى سجلهم إنجازاً جديداً تمثل في اعتقال الرأس المدبر لـ«تجارة الخطف»، وذلك بعد ساعات من تمكن الجيش من توقيف احد المشاركين في عملية خطف الاستونيين السبعة في محلة «مشاريع القاع» قبالة عرسال.
يأتي هذا الإنجاز الجديد للجيش، على مسافة ايام قليلة من الإنجاز الاستخباري النوعي المتمثل في كشف « الشبكة التكفيرية التي كانت تخطط لضرب المدرسة الحربية وكلية الأركان وإحدى القواعد العسكرية المهمة في الجيش، بينما كان الجيش اللبناني يواصل إحكام الطوق على كل مداخل مخيم عين الحلوة من أجل إلقاء القبض على الرأس المدبر لـ«الشبكة التكفيرية» أبو محمد توفيق طه وباقي أفرادها المتوارين عن الأنظار.
وكان لافتاً للانتباه أن هذه الإنجازات، ترافقت مع زيارتين «نوعيتين»، الأولى لرئيس هيئة أركان الجيوش الفرنسية الأميرال إدوارد غييو، والثانية، لنائب مدير الشؤون السياسية – العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط في هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال غي كوسنتينو، فيما كانت وزيرة خارجية قبرص تواصل زيارتها اللبنانية لليوم الثاني على التوالي، وتتوجها بلقاء مطول جمعها برئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، وفي الوقت نفسه، ردّ قاضي الإجراءات التمهيديّة في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال فرانسين، الطلب المقدّم من المدّعي العام السابق دانيال بيلمار لتعديل قرار الاتّهام، وفي أعقاب ذلك، قرّر، رئيس المحكمة القاضي السير دايفيد باراغوانث، أمس، وقف الإجراءات الرامية إلى تعريف جريمة «جمعيات الأشرار» مؤقتاً.
وإذا كان يسجل للحكومة ولرئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، أنهم وفروا التغطية السياسية لمعظم الخطوات التي يقوم بها الجيش اللبناني وباقي القوى الأمنية في هذا الظرف المحلي والإقليمي، فإن مصدراً متابعاً أخذ على بعض القوى السياسية، المضي في «عملية الطعن في ظهر الجيش»، والتي برز آخر تجلياتها في حملة الدفاع عن «الشبكة التكفيرية» تحت غطاء نفيها والتشكيك فيها واعتبارها «كذبة كبيرة»، على ما جاء على لسان عضو كتلة تيار المستقبل النائب خالد ضاهر الذي توعد باسم نواب المستقبل في الشمال بالنزول إلى الشارع.
وقال المصدر لـ«السفير» إن الحملة التي تتعرض لها المؤسسة العسكرية « ليست بريئة أو وليدة ساعتها، بل تندرج في سياق خطة ممنهجة ليس للإساءة الى الجيش، فحسب، بل لحمله على إخلاء الساحة لكي يتمكن البعض من تحقيق غايات دفينة، ولكن الجيش لن يحيد من طريقهم، وعلى هؤلاء أن يعلموا أن الجيش لا ينتظر شهادة تقدير من أحد، وسيستمر في أداء دوره ومهامه شاء من شاء وأبى من أبى، وخاصة أولئك الذين يؤمنون الغطاء للشبكات التخريبية».
واستغرب المصدر «ارتفاع أصوات بعض السياسيين دفاعاً عن إرهابيين أوقفوا وقدموا اعترافات مثبتة بملء إرادتهم، ناهيك عن المتابعة والملاحقة والرصد والاتصالات الهاتفية التي كلها أفضت إلى كشفهم، حتى وصل الأمر بأحدهم إلى إصدار حكم من جانبه يعتبر أفراد الشبكة التكفيرية الإرهابية، التي كانت تخطط لاستهداف الجيش بمجازر، بأنهم مظلومون ومعتدى عليهم مستبقاً حكم القضاء الذي يعود له وحده الكلمة الفصل في ذلك».
وأكد المصدر «ان كل الأصوات المرتفعة دفاعاً عن الإرهاب والإرهابيين لن تجدي مع المؤسسة العسكرية نفعاً، وهي ماضية بتوجيهات قيادتها وتعليماتها الصارمة في عملية قطع دابر الإرهاب واجتثاث العصابات الإرهابية والإجرامية وعصابات السلب والخطف بلا هوادة، وصولاً الى فرض الأمن وصيانة الاستقرار أياً كانت العقبات والتحديات. وما تقوم به المؤسسة العسكرية ليس للمتاجرة أو العراضات إنما هو واجبها الوطني المنذورة له بكل مكوناتها في سبيل تحقيق الأمن والأمان لكل اللبنانيين».
وأعلن المصدر نفسه أن توقيف خاطف الاستونيين وقاتل المواطن هلال الناتوت في صيدا وتوقيف رأس خلية «تجارة الخطف» ليس نهاية المطاف، «فهذا الجهد مستمر ولا سقف زمنياً له ولا محميات او حمايات من أي نوع لأي كان من الإرهابيين والمجرمين، مهما حاول البعض إحداث الضجيج ومحاولة صرف الأنظار عن الخطر الكبير الذي يمثله هؤلاء».

كيف تم توقيف تاجر الخطف؟
أفاد مراسل «السفير» في البقاع سامر الحسيني، أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني ألقت القبض على محمد فياض إسماعيل في عملية نوعية نفذتها عند الرابعة والنصف، بعد ظهر أمس، على مقربة من بلدة القصر قرب الحدود اللبنانية السورية، وأهم ما في هذه العملية النوعية أن إسماعيل أوقف حياً برفقة صهره.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الجيش أعدّ خطة محكمة منذ مطلع الأسبوع الجاري لمطاردة إسماعيل ونفذ خلالها سلسلة مداهمات ودوريات مكثفة في العديد من المناطق التي تواجد فيها، وبعد تكون المعطيات تم تجهيز قوة من مغاوير الجيش داهمت إحدى المغاور في الهرمل بعد إحكام الطوق حولها وتمكنت من إلقاء القبض على إسماعيل وصهره.
وأشار مراسل «السفير» الى أن إسماعيل حاول الفرار بسيارته من نوع «نيسان باترول» في اتجاه المنطقة الحرجية، إلا أنه فشل نتيجة الطوق الأمني، فجرى تبادل لإطلاق النار معه أدى الى إصابته برصاصتين في رجله، وتم توقيفه ونقله الى مستشفى العاصي في الهرمل حيث أخضع للإسعافات الأولية، ثم جرى نقله الى بيروت وسط حراسة أمنية مشددة.
وضبطت مع إسماعيل قطع من الأسلحة الحربية وكميات من الأموال اللبنانية والسورية. وقال مصدر أمني «إن توقيف إسماعيل هو الخطوة الأولى على طريق ضبط المنطقة أمنياً وتوقيف كل العابثين بأمنها والذين أساؤوا اليها».
وأعلنت قيادة الجيش في بيان رسمي عن توقيف محمد فياض إسماعيل وشريك له يدعى سعد العلي وذلك في عملية أمنية دقيقة شارك فيها «فوج المغاوير».
وأشار بيان قيادة الجيش، الى أن اسماعيل كان يرأس عصابة امتهنت خطف المواطنين وترويعهم وابتزازهم مادياً. كما قامت بعمليات سلب بقوة السلاح وتهديد عسكريين والاعتداء على دورية للجيش في 13/4/2009 مما أدى حينها إلى استشهاد اربعة عسكريين وإصابة ضابط بجروح بليغة.
وأورد بيان الجيش مجموعة من العمليات التي خطط لها وشارك فيها إسماعيل، كما يلي:
– بتاريخ 13/2/2009 سلب أحد النواب الأردنيين بقوة السلاح.
– اقتحام منزل المواطن زين الأتات بتاريخ 6/6/2010 والمطالبة بفدية قيمتها 4 ملايين دولار أميركي.
– خطف المواطن علي طالب بتاريخ 17/6/2010 والمطالبة بفدية مالية.
– إقدامه على اقتحام المبنى البلدي في بريتال وتحطيم محتوياته بتاريخ 19/11/2011.
– خطف المدير الإداري لشركة «ليبان ليه»، أحمد زيدان، بتاريخ 7/12/2011.
– سلب إميل الشاوي مبلغاً من المال قدره 7000 دولار أميركي وستة كيلوغرامات من الذهب وسيارته الخاصة بتاريخ 23/1/2012.
– خطف السوريين محمد عبد الوهاب الجابي ويونس محمد راشد المهايني بتاريخ 1/2/2012 والمطالبة بفدية مالية قدرها 400 ألف دولار أميركي.
– خطف 4 مواطنين سوريين بتاريخ 11/2/2012 على طريق تعنايل، وهم خالد عبد السلام حمادة وهشام عزت عبد الرؤوف وشقيقاه عماد وأسامة، والمطالبة بفدية قيمتها 2 مليون دولار أميركي، وقد انتحل الموقوف إسماعيل وشركاؤه في عملية الخطف صفة عسكرية.
– بتاريخ 27/2/2012، اقدم إسماعيل وعصابته على خطف ولدي السوري محمد صلاح عز الدين وطالب بفدية مالية، كما سرق من خزنة منزل عز الدين في زحلة مبلغ مليون ليرة سورية ومجوهرات بقيمة 30 ألف دولار أميركي.
وأضاف البيان إن الموقوف إسماعيل «متهم بتهريب المخدرات وترويجها بين لبنان وتركيا، كما انه كان يقوم بتهريب أسلحة إلى داخل الأراضي السورية».
ولفت بيان الجيش النظر الى وجود «بقية لهذه العصابة الخطيرة»، وحذر المواطنين «من الوقوع في شباكها عبر إيوائهم أو تقديم التسهيلات لهم، أو التكتم على أمكنة وجودهم». لافتاً الانتباه الى «أن قيادة الجيش لن تتهاون في كل ما يتهدد أمن المواطنين واستقرارهم في أي منطقة من لبنان، وهي ماضية في اقتلاع جذور هذه الآفة الخطيرة والغريبة عن نسيج المجتمع اللبناني والتي من شأن استمرارها إلحاق اشد الضرر بسمعة الوطن عموماً وأهالي المنطقة خصوصا»ً.
وكان موقع «المردة»، قد نشر حديثاً صحافياً مع محمد فياض إسماعيل قبيل ساعات من توقيفه أشار فيه الى أن القوى الأمنية تشدد الطوق الأمني على منطقة نفوذه وأبدى خشيته «من أمر لا تحمد عقباه».
  

السابق
المستقبل : 16 آذار يلاقي 14 شباط في التضامن مع أحرار الشام
التالي
النهار: سليمان: انسوا معزوفة التمديد للرئاسة والمجلس