أيتها الممانعة كم ارتكبت باسمك من جرائم!!

باسم الممانعة يقتل الشعب السوري كما قتل الشعب الفلسطيني.
انتهت حرب تشرين عام 1973 على فراق بين الرئيسين المصري والسوري. الرئيس المصري جنح للصلح والرئيس السوري التزم مبدأ فصل القوات على جبهة الجولان عام 1974 الذي ما يزال ساري المفعول حتى اليوم. أما الساحة المتاحة للمواجهة العسكرية بين سوريا وإسرائيل فكانت الساحة اللبنانية حصراً.
وبفعل قراءته التاريخية المعلنة، اعتمد الرئيس السوري استراتيجية تقوم على مبدأين:
أولاً: أن فلسطين هي الجزء الجنوبي لسوريا وبالتالي فلا توقيع لأي صلح مع العدو، وذلك تحت عنوان "الحل العادل والشامل"، وهو موقف عقائدي مبدئي.
ثانياً: الاستعاضة عن خروج مصر من المواجهة مع العدو الإسرائيلي بالإمساك بأوراق الجبهة الشرقية: لبنان، فلسطين، العراق والأردن.
وبناء عليه:
ـ حضّر بشكل جيد دخول الجيش السوري الى لبنان عام 1976 للإمساك بالورقة اللبنانية والورقة الفلسطينية معاً.
ـ وقع ميثاق العمل القومي مع الرئيس العراقي عام 1979 ثم عمل على القيام بانقلاب عسكري من قبل بعض الضباط في الجيش العراقي على الرئيس صدّام حسين. فشلت محاولة الانقلاب وسقط ميثاق العمل القومي وذرّ الصراع المستحكم بقرنه بين الطرفين.
وبعد دخول الجيش السوري الى لبنان برز تناقض رئيسي بين استراتيجية الرئيس حافظ الأسد بعدم توقيع أي صلح مع العدو واستراتيجية أبو عمار التي تقول بالعودة بالصراع الى بعده الفلسطيني ـ الإسرائيلي على قاعدة القرار الوطني الفلسطيني المستقل وهو موقف براغماتي واقعي.
وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تكرّس الصراع العربي ـ العربي بين خطين:
أولاً: خط الممانعة الذي تمثله القيادة السورية والمدعوم من إيران.
ثانياً: خط التضامن العربي على قاعدة دعم استقلالية القرار الوطني الفلسطيني وهو ما عرف خطأ بخط الاعتدال العربي، لأن التطرّف الوحيد في المنطقة هو الاستراتيجية الصهيونية.
أما في الجانب الإسرائيلي فكان الانقسام أيضاً بين خطين:
أولاً: خط اليمين الإسرائيلي الذي يرفض إعطاء الشعب الفلسطيني أية دولة مستقلة ويطرح حلاً بقيام كونفدرالية أردنية/فلسطينية لن يكون فيها وجود لهوية فلسطينية أو علم فلسطين الذي يمثله نتنياهو الآن.
ثانياً: خط حزب العمل الإسرائيلي الذي يقر بمبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة والذي مثله أيهودا باراك في المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية برعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون، حيث وافق باراك ورفض أبو عمار دولة فلسطينية على مساحة 97% من أراضي الضفة الغربية حسب ما ورد في كتاب وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت.
الاستنتاج: تلاقٍ غير مباشر بين استراتيجية خط الممانعة العربي الذي يرفض أي شكل من أشكال الصلح مع العدو الصهيوني وبالتالي فإنه يرفض مبدأ استقلالية القرار الوطني الفلسطيني وخط اليمين الإسرائيلي الذي يرفض الاعتراف بهوية الشعب الفلسطيني.
وعليه كان ما كان:
دخول الجيش السوري الى لبنان عام 1976 والمواجهة العسكرية مع المقاومة الفلسطينية من أجل مصادرة القرار الوطني الفلسطيني.
الحرب على المخيمات من قبل حركة أمل، بقرار سوري.
العدوان الإسرائيلي المتكرر ضد المقاومة الفلسطينية في لبنان.
الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت.
الاجتياح السوري لطرابلس وإخراج أبو عمار منها بهدف مصادرة القرار الفلسطيني.
الفعل، هو ضرب وتدمير بنية منظمة التحرير الفلسطينية من قبل العدو الإسرائيلي من أجل إلغاء هوية الشعب الفلسطيني ومن قبل الجيش السوري من أجل مصادرة القرار الفلسطيني.
الفعل هو نفسه، تدمير منظمة التحرير الفلسطينية وإن اختلف التبرير بين عدو وأخٍ شقيق.
المنطق هو نفسه والمشهد هو نفسه مع الشعب السوري اليوم. فباسم الممانعة يقتل الشعب السوري من قبل "الأخ الشقيق نفسه" لا من قبل عدو محتل والهدف مصادرة القرار الوطني السوري المستقل ومنعه من بناء ديموقراطيته.
إن التحول الديموقراطي في العالم العربي، بما فيه سوريا هو الرد العملي الحاسم على مقولة نتنياهو "إن الشعب العربي غير ديموقراطي". وهو المقدمة الضرورية للدولة الفلسطينية. وهذا ما تسعى القيادة الإسرائيلية الى منعه بالمراهنة على "ممانعة" النظام السوري وصموده في وجه هذا التحوّل الديموقراطي العربيّ.
  

السابق
بعد عام
التالي
كيف تجرأ الشيخ الأسير على انتقاد الشيخ سعد؟