تراجع روسيا عن موقفها

في 16 فبراير الماضي وبعد أن اشترط المندوب الروسي فيتالي تشوركين ضرورة حضور بشار الجعفري مندوب النظام السوري الدائم في مجلس الأمن, صوتت روسيا ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مستعملة ً حق النقض "الفيتو" لصالح نظام الأسد, لكن من الممكن أن يكون "الفيتو" الذي استعمل من قبل روسيا الاتحادية بمثابة سلاح لإرغام الولايات المتحدة الأميركية على الضغط على يهود روسيا للتصويت في الانتخابات لصالح فلاديمير بوتين الذي فاز بالانتخابات الرئاسية الروسية بفارق أصواتهم.

لكن الناحية السلبية من هذا التصرف الروسي في مجلس الأمن برفض إقتراحات بنود جامعة الدول العربية بإستعمالها حق النقض "الفيتو" بوجه تلك المقترحات لمصلحة النظام في سورية يشجع إياه على الإستشراس في قتل شعبه, هي أن الأمر أسفر عن معاداة الشارع العربي لروسيا وإنتقادات الدول العربية لها, فاضطر الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف الى الاتصال هاتفيا ً بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي كانت ردة فعله لافتة إذ قال للرئيس الروسي "ان الحوار لم يعد يجدي الآن, وأنه كان من الأفضل أن تنسق روسيا مع العرب قبل استخدام "الفيتو" في مجلس الأمن", وكان هذا الرد بمثابة إفهام الرئيس الروسي أن روسيا تجاهلت الدور العربي المتمثل بالمملكة العربية السعودية ودولة قطر اللتين أصبحتا بمثابة الرقمين الصعبين في العالم العربي.
وإفهام روسيا بأنهما يؤثران سياسيا ًعلى صعيد المنطقة العربية وحتى الشؤون الاقتصادية تمر من خلالهما, ما جعل روسيا تفكر بالتراجع عن موقفها لصالح خطة بنود المبادرة العربية خوفا ً من أن يؤثر موقفها على مصالحها الحيوية في المنطقة العربية.

القرار الروسي بالتراجع طبق في 10 مارس الجاري عندما طلبت روسيا حضور اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة بشأن سورية, حيث حضرت متمثلة ً بوزير خارجيتها سيرغي لافروف من دون أن تشترط هذه المرة كما فعلت سابقا ً في الأمم المتحدة ضرورة حضور يوسف أحمد مندوب النظام السوري الدائم في الجامعة العربية, بعد صدور قرار جامعة الدول العربية السابق بتعليق عضوية النظام السوري, حيث ألقى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف كلمة مدافعا ً عن مواقف بلاده إزاء الأزمة السورية أمام مجلس الأمن, بعدها أتت كلمة وزير خارجية قطر ورئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم ومن ثم كلمة وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل موجهين كلامهما الانتقاضي, خصوصا ً الأمير سعود الفيصل, إلى الضيف الروسي سيرغي لافروف, مشددا ً على ضرورة مساعدة الشعب السوري إنسانيا ً بعد استعمال روسيا حق النقض لصالح النظام البعثي ما سبب الإجرام والمجازر بحق الشعب السوري, إلا أن اختلى وزراء خارجية العرب بنظيرهم سيرغي لافروف ضمن اجتماع مغلق على هامش الجلسة وخرجوا بقرار ضرورة تنفيذ مبادرة البنود الخمسة الصادرة عن الجامعة العربية التي ينص أحدها على "دعوة الرئيس السوري بشار الأسد بترك الحكم" علما ً أن الإدارة الأميركية صرحت سابقا ً أن بمقدور روسيا فقط إخراج الأسد من الحكم, تماما ً كما أقنعت المملكة العربية السعودية الرئيس علي عبدالله صالح بترك الحكم في اليمن.

السابق
يزيد سوريا وحسينيوها
التالي
اللواء: إجراءات تشريعية ونقدية تسبق وصول موفد الخزانة الأميركية