اللواء: إجراءات تشريعية ونقدية تسبق وصول موفد الخزانة الأميركية

سقطت الحيلة من يد رئيس المجلس النيابي، ولم تفلح دعواته المتكررة لاعادة النواب الى القاعة لاستكمال مناقشة واقرار ما تبقى من مشاريع واقتراحات القوانين، فذهبت الى تحديد موعد جديد الاربعاء المقبل بالتزامن مع جلسة لمجلس الوزراء لمقاربة جدول اعمال ستكون من اولويات بنوده مشروع خطة الانفاق المالي، اذا ما قدر للجنة الفنية المختصة في وزارة المال انجاز قطع الحساب للاموال المنفقة، خارج الموازنة، وربما ادراج بند يتعلق بالتعيينات اذا ما حصل توافق.
وبالانتظار، فاحت رائحة اللفلفة في ملفات فساد الاغذية واللحوم، وسط خشية من اعلان "الويل والثبور وعظائم الامور" والتسوية من تحت الطاولة، لملفات هؤلاء المتورطين، في ظل همس يقوى عن تمتعهم بتغطيات سياسية، في حين كان قطاع اصحاب محطات المحروقات يقترب من صدام مع وزير الطاقة، ليكون المواطن الضحية في توفير البنزين والمازوت وحتى الغاز..
وفي المجمل، تلاحظ الاوساط النيابية ان المشهدين الحكومي والنيابي يتأثران بعاملين: احدهما داخلي ويتصل بانهاك التيارات بعضها للبعض قبل عام من الانتخابات النيابية، والثاني اقليمي يتعلق بتأرجح الازمة السورية بين ترجيح كفة النظام تارة وترجيح آفاق المعارضة تارة اخرى، وعلى هذا الايقاع يصل الى بيروت يوم الثلاثاء المقبل نائب وزير الخزانة الاميركية لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، بحسب ما ابلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مجلس ادارة جمعية المصارف، حيث طلب منهم درس آليات التعامل مع قانون "أفكا" الاميركي الذي يفرض ضرائب على المودعين الاميركيين، وفق مصلحة المصارف اللبنانية.
وتحدثت معلومات عن احتمال ان تتناول زيارة كوهين مسائل مصرفية وسياسية، ذات علاقة بالعقوبات الاميركية المفروضة على النظام السوري، في اطار سياسة ممارسة فريدة من الضغوط الاميركية على القطاع المصرفي اللبناني.
وعكست الجلسة النيابية التي لم تتمكن من اكمال بنود جدول اعمالها، رغم سحب المشروعين المتعلقين بالانفاق الحكومي، حالة من البلبلة السياسية بسبب عدم القدرة على انضاج تسوية في مقابل عدم القدرة على متابعة اشتباك سياسي يؤدي الى اعادة خربطة الاوراق وانتاج واقع سياسي جديد، فاكتفت المعارضة بتطيير نصاب الجلسة، لاستكمال مناقشة اقتراحي بدل النقل والمنح المدرسية وتخفيض السنة السجنية، بعد فشل التوافق عليهما، رغم تشكيل لجنة مصغرة من وزيري العدل شكيب قرطباوي ووزير العمل سليم جريصاتي وصاحبي الاقتراح الاول النائبين إبراهيم كنعان ونبيل دو فريج، سعت خارج قاعة الجلسات إلى التقريب بين الاقتراحين، خاصة وانه يفترض بالادارات العامة والخاصة البدء بدفع بدل النقل والمنح المدرسية على ما اقرهما مجلس الوزراء مؤخراً.
الجلسة النيابية
واقتصرت انتاجية الجلسة على إقرار أربع درجات استثنائية لأفراد الهيئة التعليمية، والاجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية، وتعيين خريجي المعهد الفني التربوي في ملاك مديرية التعليم المهني، وتوسيع ملاك القضاة في ديوان المحاسبة،
وبدا من مسار المناقشات النيابية تغليب المنطق السياسي على المنطق التشريعي في بعض جوانب بنود جدول الأعمال، ولا سيما تلك المتصلة بموضوعي تخفيض السنة السجنية وبدل النقل، بعدما ظهر بوضوح أن المعارضة باتت قادرة على امتلاك نصاب الجلسات، في مقابل تفكك الأكثرية، أو أقله عدم وجود رؤية سياسية واحدة للائتلاف الحكومي الراهن، الأمر الذي أفقد هذا الفريق القدرة على الدفاع عن المشاريع أو الاقتراحات المطروحة أمام المجلس، وهو ما بدا واضحاً في اقتراح النائب كنعان حول بدل النقل.
وإذا كان الرئيس نبيه برّي قد نجح من خلال ضبطه لايقاع الجلسة، دون تسرب الاحتقان السياسي إلى مجريات النقاش، فلم يخرج عن إطاره الطبيعي، خصوصاً وأن برّي أزاح عن كاهل الجلسة حمل الكلام في الأوراق الواردة من خلال اعتباره أن الجلسة استكمالية للجلسة السابقة التي فقد فيها النصاب من دون ان يتلى محضرها، حيث كان نواب المعارضة ينوون الجنوح نحو طرح الملفات الخلافية، وفي مقدمتها تداعيات الأزمة السورية وملف اللحوم الفاسدة، ومع ذلك لم تغب مناكفات كادت أن توتر الجلسة، عندما طلب النائب مروان حمادة من النواب الوقوف دقيقة صمت لمناسبة مرور سنة على الثورة السورية، فرد الرئيس برّي بأن هذا الامر ليس بالنظام، فيما اعترض نواب فريق 8 آذار، وبينهم النائب حسن فضل الله الذي دعا النواب إلى الوقوف على رجل واحدة.
النفط المسروق
وسط هذه الأجواء، غابت الحركة السياسية أو كادت عن نشاط المسؤولين، فانتقل الرئيس نجيب ميقاتي إلى طرابلس، حيث سيشارك اليوم في احتفال لتكريم معلمين ويشارك بعد الظهر في احتفال تنظمه الجامعة اليسوعية في بيروت يتعلق بسلامة المرور، في وقت حملت وزيرة خارجية قبرص ايراتو كوزاكو ماركوليس ملف الحدود البحرية المتصلة ببدء التنقيب عن النفط، في خلال جولة شملت الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان وبري وميقاتي، والرئيس فؤاد السنيورة ونظيرها عدنان منصور، على أن تلتقي مساء اليوم "حزب الله"، بشخص رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في حضور مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي، حيث أكدت ماركوليس ان علاقة قبرص مع اسرائيل لن تكون على حساب علاقتها مع لبنان، مشيرة الى مضاعفة التعاون البنّاء وبذل المزيد من الجهود لما فيه خير ومصلحة البلدين، وأعلنت ان من مصلحة لبنان وقبرص واسرائيل حل اشكال الموارد النفطية للوصول الى استخراج المصادر الطبيعية في إطار العلاقات الاقتصادية المتبادلة، واعدة بالقيام بكل ما يلزم لتسهيل حل المشكلة.
وتزامناً مع زيارة الوزيرة القبرصية، أعلنت شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية في بيان أن "شركة الكهرباء الاسرائيلية ستقوم بشراء 76,5 مليار متر مكعّب من الغاز من حقل تامار البحري والمتنازع عليه بين لبنان واسرائيل".
وأوضحت "نوبل إنيرجي" إحدى الشركات المشغلة للموقع امس ان قيمة العقد تقدر بنحو 18 مليار دولار أميركي على الأقل خلال فترة 15 عامًا.
وقالت الشركة الأميركية في بيان إنه يفترض أن تقوم شركة الكهرباء الإسرائيلية بشراء ما مجموعه 76.5 مليار متر مكعب من الغاز، ولديها خيار بزيادة الكميات تحت شروط معينة حتى 99 مليار متر مكعب.
وأضاف البيان "على الرغم من أن الإيرادات الفعلية تعتمد على الكميات المشتراة والأسعار وقت البيع، فإن العائدات المتوقعة خلال فترة خمسة عشر عامًا هي 18 مليار دولار، في حال عدم استخدام شركة الكهرباء الإسرائيلية خيارها، و23 مليار دولار في حال استنفاده".
وأشارت شركة نوبل إنيرجي إلى أنه تم التوصل إلى اتفاقات مع ستة مشترين لكمية تقدر بما بين 110.4 مليار وحتى 133 مليار متر مكعب.ومن المتوقع أن تصل الإيرادات إلى ما قيمته 27 حتى 32 مليار دولار في فترة تتراوح ما بين 15 إلى 17 عامًا. وأشارت الشركة إلى أن التنقيب سيبدأ هذا العام، ومن المتوقع بدء توريد الشحنات الأولى في نيسان 2013.
يُذكر أن حقل تامار البحري يقع على بعد 130 كيلومترا قبالة سواحل حيفا وهو من مجموعة حقول غازية اكتشفت في السنوات الأخيرة في البحر المتوسط ومتنازع على ملكيتها مع لبنان. ويضم نحو 238 مليار متراً مكعباً من الغاز.
نصر الله
في غضون ذلك، حرص الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على ان يضمن كلمته في حفل تخريج "دورات النور – لتعليم القراءة والكتابة في ثانوية الامام المهدي – شاهد" رداً هادئاً على مهرجان "البيال" لقوى 14 آذار، لم يخل من "زكزكة" عندما تحدى القائلين بنزع سلاح المقاومة بالقوة بقوله: "تفضلوا".
ومع ذلك، أعلن نصر الله استعداده لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، لأن هذا هو المنطق الفعلي الذي نستطيع من خلاله بناء الدولة معاً ومواجهة الملفات بروح التعاون، مؤكدا ان "الدولة لا تبنى على حذف الآخر بل بالتعاون والحوار معه".
واذ اعتبر انه "لا يجوز ان نعطل البلد لاننا اختلفنا على ملف او ملفين"، اشار إلى "منطق آخر يقول ان هناك ملفات عدة خلافية اما تسيرون كما نريد او نعطل، يطرحون مواضيع كسلاح المقاومة، يعني كأنه لا يمكن بناء الدولة الا بحل سلاح المقاومة ولا من هو ملتزم مع الغرب والاميركيين لحل هذا الموضوع ولو على حساب كل شيء".
وقال: "المنطق الآخر يريد تعطيل البلد بملفات معينة ويتكلم بالآخر والاعتراف به، الاعتراف بالآخر ليست شعارات بل ممارسة، في الممارسة نأخذ تجربة العام 2005 حيث كانت 14 آذار اكثرية وشكلت حكومة لم نكن نملك فيها ثلثا ضامنا ولا شيء بل اقلية، كنا مستعدين للتعاون، وتعاونا وكان كل طموحنا ان يتحقق الاستقرار والامن ويتم مسك البلد خصوصا بعد خروج القوات السورية وكان هناك تحديات كبيرة".
وتوجه بالسؤال إلى رؤساء الحكومات: "هل كان وزراؤنا متعاونين ام لا؟ ليس الموضوع شعارات وكل يوم يمكن ان نقيم مهرجانات ونقول اليد ممدود، كنا معا في الحوار وكنتم تجهزون فخ المحكمة، لذلك نقول ان الناس عندما تذهب الى الحوار مجددا يجب تفتيشهم ماذا يخبئون، عندما كانت تشكل الحكومة الحالية رفضتم المشاركة في حكومة وحدة وطنية ولم تعطوا هذه الحكومة فرصة بل اعلنتم الحرب عليها منذ اليوم الاول".

السابق
تراجع روسيا عن موقفها
التالي
بلدية عيترون نفت وجود مستودع للحوم والاسماك المثلجة في البلدة