السفير: أنان: باب الحوار مع سوريا ما زال مفتوحاً

في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الاحتجاجات في سوريا، التي طغى عليها الوضع الأمني، وسقوط آلاف القتلى من مدنيين وعسكريين ومسلحين، استعرض النظام امس قوته الشعبية في سلسلة من التظاهرات في المدن الكبرى، في دمشق وحلب والسويداء واللاذقية والحسكة ودرعا ودير الزور، فيما يقدم مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان تقييما أوليا لمجلس الأمن الدولي اليوم حول وساطته لحل الأزمة، مشددا على أن «باب الحوار» ما زال مفتوحا مع دمشق التي ردت بالتأكيد على «انخراطها الايجابي» مع مهمته، و«مصلحتها في إنجاحها».
وكشفت الأمم المتحدة عن أن عددا من خبرائها سينضمون إلى المهمة الإنسانية التي تقودها الحكومة السورية في عدد من المدن التي تشهد احتجاجات، ابتداء من عطلة نهاية الأسبوع. وكانت دول غربية وعربية عدة تحاول الضغط على النظام السوري واستدعاء تدخل عسكري عبر مجلس الأمن بحجة إقامة «ممرات إنسانية آمنة» داخل سوريا.
وأثارت تركيا مجددا أمس احتمال إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، بعد ارتفاع عدد السوريين الذين فروا إليها، وتعبير انقرة عن مخاوف من لجوء حوالى 500 ألف شخص إلى تركيا. وأكد نائب رئيس الحكومة بشير اتالاي، ردا على سؤال عما إذا كانت أنقرة تفكر في إقامة منطقة آمنة داخل سوريا، تعاون تركيا مع الجامعة العربية، لكنه أضاف، في تصريح لقناة «ان تي في»، ان هذه المسألة «ضمن الأمور المحتملة التي قد نعمل بشأنها في الفترة المقبلة».
وقررت البحرين والكويت وهولندا إغلاق سفاراتها في دمشق وسحب دبلوماسييها «نظرا لتردي الأوضاع في سوريا». وقال مصدر مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون تسعى الى دفع جميع دول الاتحاد الى سحب سفرائها من سوريا قبل بدء محادثات وزراء خارجية الاتحاد الأسبوع المقبل.
أنان
أعلن المتحدث باسم المبعوث العربي والدولي إلى سوريا احمد فوزي، عشية مؤتمر بالدائرة التلفزيونية المغلقة من جنيف مع مجلس الأمن في نيويورك، أن «باب الحوار ما زال مفتوحا. ما زلنا على اتصال مع السلطات السورية بشأن مقترحات السيد انان».
ورحبت وزارة الخارجية السورية، في بيان، «بزيارة الفريق الفني الذي شكله المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا كوفي انان لمناقشة بعض القضايا المتعلقة بمهمته في سوريا». وأوضحت أن «هذا الترحيب يأتي في إطار الجهود التي تبذلها سوريا لإنجاح المهمة التي يقوم بها انان».
وأضاف فوزي إن انان تحادث هاتفيا مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومع مسؤولين من القوى الأجنبية الأخرى «التي لها نفوذ». وتتضمن خطة انان إنهاء العنف ودخول المساعدات الإنسانية وبدء حوار سياسي بين السلطة والمعارضة.
وقال فوزي إن مجلس الأمن سيعقد اجتماعا في نيويورك، موضحا أن هذه الدائرة المغلقة ستكون «اجتماعا مغلقا»، مشيرا إلى أن انان سيقدم عرضا لمجلس الأمن عن «تقييمه للوضع اليوم» وتفاصيل محادثاته مع دمشق.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن «كوفي تحدث في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية سيرغي لافروف حول عمله مع كل الأطراف المعنية من أجل إيجاد حل سياسي مقبول للوضع في سوريا». وأضافت «جدد لافروف دعمه مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، وقال إن الطرف الروسي سيستمر في مساعدته».
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي لوكالة انباء الشرق الاوسط، ان «سوريا رحبت بزيارة انان حيث أجرى لقاءين مع الرئيس السوري بشار الأسد»، مشيرا إلى أن «زيارة انان طابعها استطلاعي ليستكشف كيفية إيجاد حل للازمة التي تعيشها سوريا». وأضاف إن «أجواء الزيارة كانت ايجابية، لكن بما أن الأزمة السورية مركبة فالموضوع ليس فقط بيد الحكومة السورية، فهناك جانب دولي يجب أن يحشد لإنجاح مهمة انان، فالموضوع ليس بيد شخص انان بل بالتفويض الذي يحمله».
وتابع «إذا كان المجتمع الدولي متمثلا في انان يود مساعدة سوريا على تخطي هذه الأزمة فيجب أن يكون هناك تعاون جماعي، فالدول التي تسلح، وأشهرت الآن أنها تسلح، والدول التي تحرض إعلاميا، والدول التي تكرس عناد المعارضة الخارجية في رفض الحوار، كل هذه الأطراف يجب أن تتجاوب مع مبادرة انان لإنجاحها. إننا منخرطون إيجابا ومن مصلحة سوريا إنجاح مهمة انان».
بان كي مون
وأعرب الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، في بيان، عن «تضامنه مع الشعب السوري وتطلعاته المشروعة نحو الكرامة والحرية والعدالة». واعتبر انه «من الملح وقف دورة العنف ووضع حد للعمليات العسكرية ضد المدنيين وتجنب عسكرة اكبر للنزاع في سوريا».
واذ ذكر أن «أكثر من ثمانية آلاف شخص قتلوا»، دعا الى «انهاء العنف وايجاد حل للأزمة من خلال الوسائل السلمية»، وحض «الحكومة السورية والمعارضة على التعاون مع انان».
وقالت مسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة فاليري اموس، في بيان، «الاسبوع الماضي قالت الحكومة السورية انها بحاجة الى مزيد من الوقت لدراسة اقتراحاتنا». واضافت ان «السلطات السورية أبلغتني الآن ان مهمة تقودها الحكومة ستزور محافظات حمص وحماه وطرطوس واللاذقية وحلب ودير الزور ومناطق ريف دمشق ودرعا ابتداء من عطلة نهاية الاسبوع».
وتابعت اموس ان موظفين من الامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي «سيرافقون المهمة ويغتنمون الفرصة لجمع المعلومات عن الوضع الانساني بشكل عام ومراقبة الظروف في مختلف البلدات والمدن بأنفسهم»، الا انها اكدت انه «من المهم بصورة متزايدة ان يتم السماح للمنظمات الانسانية بالدخول من دون اعاقة لتحديد الاحتياجات الملحة وتقديم الرعاية الطارئة والإمدادات الأساسية. لا مجال لاضاعة الوقت». وتابعت «اكرر دعوتي للحكومة السورية لأن تسمح للمنظمات الانسانية بالدخول دون اعاقة حتى يمكنها مساعدة الناس المحتاجين بطريقة محايدة وغير متحيزة».
مدلسي وجوبيه
وأشار وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الايطالي جوليو ترزي دي سانتا في الجزائر، الى امكانية ايصال مساعدة انسانية «خلال ايام» الى سوريا في «ظروف مقبولة». وقال «هناك فرص في ان تصل مساعدات انسانية خلال ايام الى الشعب السوري، ربما ليس في ظروف مثالية وانما مقبولة».
وكرر موقف الجزائر المتمثل في ان حل القضية السورية يتوقف على السوريين انفسهم، مشيرا الى وجود «مسؤولية مشتركة للحكومة والاطراف الاخرى» في سوريا. واعرب عن الاسف لسقوط ضحايا «حتى اذا كانت هناك تجاوزات اعلامية في هذا الصدد».
وحذر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه من «مخاطر نشوب حرب أهلية في سوريا في حال تسليم أسلحة إلى المعارضة». وقال إن «الشعب السوري منقسم بشكل عميق، وان أعطينا أسلحة إلى فئة معينة من المعارضة في سوريا، فسنكون ننظم حربا أهلية بين المسيحيين والعلويين والسنة والشيعة، وقد يكون الأمر بمثابة كارثة اكبر من الكارثة القائمة اليوم».
ورأى جوبيه، في مقابلة مع اذاعة «فرانس كولتور»، ان «روسيا التي تعرقل اي مبادرة في مجلس الامن بشأن سوريا تقوم بحسابات خاطئة على المدى المتوسط». وقال «انها تأخذ علينا التدخل في ليبيا وتعتبر اننا تخطينا تفويضنا في ليبيا، وهو ما لا اوافق عليه». واضاف «روسيا لديها مصالح في سوريا، انها تبيع او باعت كمية كبيرة من الاسلحة للنظام السوري». وتابع ان «روسيا تخشى ايضا انتقال العدوى الاسلامية الى اراضيها، لذلك تعارض كل ما يجري في سوريا».
تظاهرات
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) «في مشهد وطني يحمل رسالة للعالم أجمع أن الشعب السوري اختار وحدته الوطنية واستقراره بعيدا عن التدخلات والاملاءات الخارجية، توافد ملايين المواطنين السوريين إلى ساحات وشوارع الوطن في المحافظات للمشاركة في المسيرة العالمية من اجل سوريا».
وأوضحت أن المشاركين خرجوا «رفضا للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للشعب السوري ودعما لبرنامج الإصلاح الشامل الذي يقوده الرئيس بشار الأسد لبناء سوريا المتجددة واستنكارا للحملة العدائية والمؤامرة التي تستهدف سوريا وتقودها بعض الأطراف العربية». ورددت الحشود في دمشق هتافات «بالروح بالدم نفديك يا بشار» وحلقت ثلاث مروحيات في ما يبدو انها تحية عسكرية للحشود.
وبث التلفزيون السوري لقطات ظهرت فيها حشود ضخمة في عدد من الساحات السورية منها ساحة الأمويين وسط دمشق ترفع الأعلام السورية. كما بث لقطات لعشرات آلاف المشاركين في حلب والسويداء واللاذقية والحسكة ودرعا ودير الزور. وبقيت التجمعات قائمة لساعات، وسط اجواء من الرقص والموسيقى والغناء والتلويح بالاعلام السورية والروسية.
وكان سوريون موالون للنظام دعوا من خلال صفحة على موقع «فيسبوك» بعنوان «لايك من اجل سوريا»، السوريين في الداخل إلى التظاهر أمس، والسوريين في الخارج إلى تنظيم تجمعات اليوم وغدا. وكتبوا على صفحتهم «من ارض السلام سوف نبدأ في 15 آذار مسيرتنا العالمية من اجل سوريا».
وفي الذكرى السنوية لاندلاع الحركة الاحتجاجية، شهد عدد من المناطق السورية تظاهرات تطالب بسقوط النظام. وأشارت «لجان التنسيق المحلية» إلى «خروج تظاهرات معارضة في تل رفعت في ريف حلب، وفي حي سيف الدولة في مدينة حلب، وفي جامعة حلب حيث هاجمتها قوى الأمن بالغازات المسيلة للدموع. كما خرجت تظاهرات في القامشلي ودوما وجوبر في ريف دمشق. كما سارت تظاهرة في كفررومة في محافظة ادلب».
ميدانيات
وقالت وكالة الانباء السورية «استعادت مدينة إدلب أمس (الاول) الأمن والطمأنينة بعد أن قامت الجهات المختصة بتطهير أحيائها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي روعت المواطنين واعتدت عليهم وألحقت الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانات، «قتل 22 شخصا، بينهم عسكريون ومنشقون، في ادلب وريف دمشق وحماه والقصير في محافظة حمص، كما أصيب 20 شخصا في قصف على مدينة الرستن»، مشيرا إلى انه «تم العثور على 23 جثة قرب مزرعة وادي خالد غربي مدينة ادلب تم التعرف الى 19 منها وظهرت عليها آثار التعذيب الشديد»، مضيفا إن «الجثث كانت معصوبة الأعين ومقيدة اليدين وقد تم قتلهم جميعا بعيارات نارية».
وقال المرصد «ان اشتباكات عنيفة تدور بين الجيش النظامي السوري ومجموعات مسلحة منشقة في مدينة مو حسن تستخدم خلالها القوات النظامية الرشاشات الثقيلة والقذائف». واشار الى ان ذلك حدث «اثر مهاجمة المجموعات المنشقة مراكز الجيش النظامي في المدينة». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «قتل 9113 شخصا، بينهم 6645 مدنيا و2468 عسكريا منهم 471 منشقا» منذ بداية الاحتجاجات قبل عام.

السابق
الشرق الأوسط: نصر الله يدعو الى القاء متبادل للسلاح في سوريا شدد على ضرورة التوصل الى حل سياسي
التالي
الاخبار: نصر اللّه يدعو إلى إلقاء السلاح في سوريا