قبة الأوهام

ان جولة القتال الحالية في الجنوب والنجاح النسبي لنظام «القبة الحديدية» قد يحدثان وهما خطيرا كأن هذا النظام قادر على ان يحل المشكلات المعقدة التي قد تواجهها اسرائيل هناك في المستقبل القريب.
ان صوت الذين أوكلت اليهم القبة الحديدية والذي هو صلف احيانا منتشي بنشوة النجاح المدهش مع استهانة بقوة الارهاب الفلسطيني التي بُنيت في القطاع، كما يُسمع من بعض المتحدثين في الايام الاخيرة – يثيران القلق.
لا يجوز لحكومة اسرائيل ان تكرر أخطاء الماضي. والقبة الحديدية لن تحل المشكلات المعقدة في الجنوب. لا يشير اغتيال زهير القيسي الى قدرة عملياتية ممتازة للجيش الاسرائيلي فحسب بل هو تعبير في الأساس عن تزايد الاتجاهات المقلقة في غزة.
ان سقوط النظام في مصر وتحول سيناء الى ساحة «ارهاب»، قدرة الجيش الاسرائيلي على العمل فيها غير موجودة، أحدثا ضرورة يمكن ان يتم احباط «الارهاب» المرسل الى مصر في سيناء فقط.
ان توجيه «الارهاب» الى الخارج انشأ وضعا لا مناص معه لاسرائيل سوى ان تضرب قادة المنظمات لكنه أحدث ايضا معادلة خطيرة يتم معها بعد كل اغتيال مسؤول ارهاب كبير من غزة اطلاق واسع النطاق يجعل مليون اسرائيلي رهائن.

هذه المعادلة خطيرة ينبغي تغييرها ولا تجوز الاستهانة بالمنظمات التي أحدثتها. ولا تستطيع اسرائيل للخروج من الشرك ان تكتفي بتقوية نظام الدفاع – من الغرف الحصينة الى نظم اعتراض فعالة.
يجب على الحكومة ان تدرك انه نشأ وضع جديد في الجنوب. وأن تصدير «الارهاب» من غزة الى سيناء يوجب نظاما دفاعيا أكثر فاعلية بحيث يمكن تثبيط محاولات «ارهابية» لا باصابة قادة المنظمات فقط (الذين ينشأ ورثة بدلا منهم فورا).
لا يشير اغتيال القيسي كما قلنا آنفا الى القدرة الاستخبارية والعملياتية عند الجيش الاسرائيلي فقط بل الى عمق المشكلة ايضا. فسحق الردع الذي أحرز بعملية «الرصاص المصبوب» وسيطرة حماس المحدودة على المنظمات الاخرى وتعززها العسكري لا سيما الجهاد الاسلامي تقرب اللحظة التي ستكون فيها عملية برية كبيرة أمرا يقتضيه الواقع.
يجب ان نحدد من الآن ما هو هدف هذه العملية وما هو الانجاز المطلوب وما هو النظام الذي سيفضي الى انهاء العملية بشروط تريح اسرائيل ويمنع الانجرار الى غرق جديد في وحل غزة. ويجب على اسرائيل ايضا ان تنشئ قاعدة تأييد دولي وتفهم لضرورة هذه العملية.
يجب ان يأخذ توقيت العملية في حسابه عوامل الانتخابات في الولايات المتحدة وحساسية نظام الحكم في مصر وكونه عامل ضبط، وخطر صرف انتباه العالم عن المذبحة في سوريا الى صراخ الفلسطينيين، والمحاولة التي سيقومون بها لاحداث شعور مذبحة وكارثة انسانية. ويجب ان يؤخذ في الحسبان بالطبع ايضا تأثير العملية في العلاقات مع الاردن وتركيا.
وفي الخلاصة لا يجوز لنا ان تدور برؤوسنا نجاحات «القبة الحديدية» ومنعة الجبهة الداخلية المدهشة، فكل ذلك محدود بالوقت. وقد تجر اسرائيل من غير مبادرة هجومية مدروسة في غضون وقت قصير نسبيا الى جولات تصعيد اخرى. ان وهم ان «القبة الحديدية» ستكون الرد في جولات المستقبل مخطوء وخطير.

السابق
تشريح المعارضين العرب… الجدد والقدامى
التالي
إسرائيل والأسديون