تحيا سوريا…بشعبها الثائر

في الخامس عشر من شهر آذار الجاري، يكون مضى على الثورة السورية عام بكامله، انكسرت خلاله ثقافة الخوف، الى غير رجوع، وهي الثقافة التي نشرها نظام الاستبداد والرعب الذي حكم سوريا (ويجب أن نقول: حكم لبنان أيضاً) طوال أربعين عاماً، بالحديد والنار والتجويع والتيئيس.
وقد استطاع الشعب السوري البطل خلال هذا العام الأخير، لا أن يكسر ثقافة الخوف فحسب، بل أن يكسر "ثقافة الأبد" و"ثقافة ما بعد الأبد"، وأن يعيد الاعتبار الى كرامته الوطنية والفردية التي امتهنها نظام البعث بشبّيحته وعسسه ورجال مخابراته، صانعاً ثقافةً للكرامة، ولعالم القيم، ومسطّراً أبهى آيات الثورة على نظام فاق في جبروته أنظمة الاستبداد في العالم برمته، وفاتحاً نافذة هائلة على الأمل، من أجل قيام دولة الحرية والديموقراطية والقانون والعدل والمساواة والتنوع والتعدد والحداثة.
لقد استطاع الشعب السوري أن يكسر باب القمقم الذي أسره فيه النظام الاستبدادي، وها هو يخرج منه، مضرّجاً بالدم، لكن بالكبرياء والكرامة والأمل، مستعيداً حياته المسروقة، وواهباً بلده معنىً، لم يكن متيسراً خلال العقود الطويلة التي حكمه فيها النظام الشمولي. الأكيد أنه لم يعد ممكناً الرجوع عاماً الى الوراء، كأن شيئاً لم يكن.

انطلاقاً من هذا المنجز، فإن التفكير في مستقبل المسألة السورية، أو في المسألة السورية – اللبنانية، بل في مسألة المشرق العربي برمته، ابتداءً من القضية الفلسطينية، لم يعد ممكناً بمعزل عن هذا الإرث الثوري الثمين الذي أنجزته الثورة السورية، وصار جزءاً جوهرياً من تراكمات التوق الى الحرية، في هذه المنطقة من العالم.
لقد فضحت الثورات العربية المتلاحقة، عقمَ النظام الاستبدادي الذي حكم بلاد العرب منذ مراحل التحرر من سلطة الأجنبي ونيل الاستقلال. وفضحت نظريةَ الممانعة والتصدي للعدو الصهيوني، كما فضحت، أكثر ما فضحت، هول ما ارتكبه هذا النظام في حق شعوبه وبلدانه، ابتداءً بسورياً وليس انتهاءً بمصر، أو بتونس، أو بليبيا، أو باليمن.

عشية 15 آذار 2012، ذكرى مرور سنة كاملة على ولادة الانتفاضة السورية في وجه النظام الشمولي الجائر، يغتنم "الملحق" هذه المناسبة التاريخية، ليؤكد مواصلة دوره الثقافي والنهضوي كمجال للتفكير والتحليل والنقد والسؤال، تحت سقف الحرية، الذي لطالما استظله، وعمل على إعلائه، وتوسيع آفاقه، وجعله أرحب وأوسع وأشمل، أياً تكن الصعوبات والمشقات الناجمة عن ذلك.

وعليه، فقد توجه "الملحق" الى عدد من المثقفين اللبنانيين والسوريين، بأسئلة محورية تتعلق بهذه المسألة، ومنها: كيف ترى كمثقف، الوضع الراهن للثورة السورية، والى أين يحتمل أن تسير الأوضاع السورية، وأي أفق يمكن أن تنتهي اليه؟ فكانت هذه الأجوبة، التي شارك فيها كلٌّ من سمير فرنجية، عباس بيضون، محمد حسين شمس الدين، يوسف بزّي، رامي الأمين (لبنان)، ياسين الحاج صالح، إياد العبدالله، منير الخطيب، محمد دحنون، ماهر الجنيدي (سوريا)، وزيّنتها ريشة الفنان السوري الكبير يوسف عبدلكي.
15 آذار 2011 – 15 آذار 2012: تحيا سوريا… بشعبها الثائر.

السابق
في صيدا يستخدمون مأساة حمص
التالي
إقفال شارع المصارف غدا لانعقاد الجلسة التشريعية