باسيل:لا نقبل بجنبلاط موظفا لدينا

اعتبر وزير الطاقة والمياه اللبناني جبران باسيل، مسؤول العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» بزعامة النائب العماد ميشال عون «مخطئا وواهما وسخيفا من يعتقد ان الأمور في سورية ستعود الى سابق عهدها».
وفي حوار خاص اجرته معه على هامش عشاء اقامه له ممثلو التيار الوطني في الكويت لمناسبة زيارته شارك خلالها في اعمال "منتدى الطاقة الدولي الـ 13"، عبّر باسيل عن تخوّفه على مستقبل الاقليات في المنطقة مؤكدا ان "اكبر جريمة هي التي يرتكبها انسان وينسبها الى الدين".
وعن الاعتراضات الصاخبة التي استقبله فيها نواب كويتيون انطلاقا من تأييده للنظام السوري، ابدى الوزير اللبناني احترامه لجميع آراء هؤلاء النواب، مشيرا في الوقت نفسه الى ان "لبنان هو اساس الديموقراطية، فكيف يمكننا ان نرفضها لغيرنا".
وفيما نفى ان يكون العماد عون (والد زوجته) "أيّد في أي فترة نظام صدام حسين وتحديدا خلال غزوه الغاشم للكويت"، اعترف باسيل ان"بعض اللبنانيين ضعيفي النفوس بانتظار المتغيرات مما يحصل في المنطقة»، معترفا في الوقت نفسه "بأننا لسنا اكثرية حقيقية، بمعنى اكثرية حاكمة" في لبنان، مشددا على تصميم «التيار الحر» والحكومة على مسألة رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة في قضية الـ 11 مليار دولار، مؤكدا ان "السنيورة لا يمكنه ان يحصل على صك براءة قبل اعطائنا الارقام والكشوفات والحسابات عن انفاق العام 2005 والتجاوزات المالية خلال فترة تسلّمه الحكومة"
اما عن الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط فقال ردا على سؤال "نحن لا نريد جنبلاط موظفا لدينا ولا نقبل في الوقت نفسه ان نكون موظفين عند احد".
وفي ما يلي نص الحوار:

 استقبلت في الكويت باعتراضات صاخبة من نواب على زيارتك انطلاقا من تأييدك للنظام السوري، وتم تحذيرك من تكرار هذه المواقف في الكويت… ماذا تقول لهؤلاء النواب وهل انت متمسك بمواقفك من النظام في سورية؟
– انا احترم جميع آراء النواب الكويتيين المختلفة، لكن لا يجوز ان ينسب لنا اما تأييد موقف بالمطلق او تغيير موقفنا بالمطلق نتيجة مطالبة معينة.
نحن مع الديموقراطية في المنطقة لأن لبنان اساس هذه الديموقراطية، فكيف يمكننا ان نرفض لغيرنا، ونحن مع اي اصلاح في اي بلد وخصوصا في سورية الجارة الاقرب لنا، لذلك نحن لا يمكننا – ولأننا عشنا تجربة القتل والعنف – ان نرغب برؤية هذا القتل والعنف في أي بلد ثان وخصوصا اذا كان بلدا مثل سورية.
وما نراه اليوم، هو ان هناك مشروعا اصلاحيا تم التصويت عليه في سورية وتبناه الشعب السوري ويدعو له النظام الحالي، واذا ما تم تطبيقه، فلن يبقى هذا النظام الحالي، لأن الدستور يقول بأن الرئيس يحق له فترتان، ومفهوم تداول السلطة، يعني بأنه لن يبقى احد في الحكم الى الأبد من جهة، ومن جهة اخرى لدينا صور من العنف التي نفضّل عليها الدستور والانتخابات والاستفتاء وتداول السلطة والتعددية الحزبية والتعددية السياسية والحريات الاعلامية والحرية الفكرية، فماذا نختار هنا؟ اذا القضية ليست مسألة خيار بين نظام حالي على رأسه بشار الاسد ونظام آخر، لأننا نحن نختار هنا تداول السلطة ولم نعد نختار شخصا، وهذا الامر لا يخضع لنا كلبنانيين، لكن عندما اقول نختار، فأنا اعني ان نختار ما نرغب ان نراه، لكن لا كلمة لنا، فنحن لا نؤثر ولا نلعب موقفا مساعدا او موقفا معرقلا، هذا امر يخص السوريين فقط، ونحن متفرّجون من الخارج.

 ذكّر النواب الكويتيون بموقف العماد عون المؤيد لنظام صدام حسين في معرض اعتراضهم على تأييدكم النظام في سورية. ماذا تقول عن هذا الربط؟
– اولا العماد عون لم يؤيد اي مرة نظام صدام حسين، العماد عون كان بمرحلة يسعى فيها الى تحرير لبنان، وكل دولة قدمت له وقتها المساعدة، قبل هذه المساعدة، لكن عندما حصل الاحتلال الغاشم للكويت، لم يكن العماد عون مؤيدا لهذا الامر، وكانت لدينا مواقف دائما مؤيدة للكويت لأننا نحترم سيادة الكويت واستقلالها وهذا تشويه لواقع غير صحيح ابدا.

 دفعتم كتيار ثمن الوصاية السورية على لبنان، ألا تشاطرون الشعب السوري انتفاضته ضد ما عانيتم منه اساسا على يد هذا النظام؟
– النظام السوري عندما ارتكب ما ارتكبه بحق لبنان كان يعتبر نظاما خارجيا يعتدي على نظام آخر، ونحن رفضنا هذا التعاطي مع هذا النظام اكان اسمه نظام الاسد او البديل عن الاسد.
اذا، لا يمكننا المقارنة اليوم بين ما يحدث الآن وما حدث سابقا، لأن الحاصل اليوم هو شأن سوري داخلي لا علاقة لنا به في شكل مباشر انما علاقتنا به هي برغبة ما نتمنى ان نراه حولنا من ديموقراطية، وما حصل معنا سنكرره اذا حصل في المستقبل، اذا كان الامر سيحصل على يد المعارضة او على يد النظام، لأننا كما رفضنا النظام بسلاحه في قلب لبنان وسنرفضه مجددا، فإننا ايضا نرفض المعارضة بسلاحها في لبنان، اليوم وغدا، لأن هذا الامر يضر بلبنان وبسورية.

 هل تتحدث هنا عن «معارضة مسلحة» في لبنان؟
– نعم، لأنه اليوم ثمة دعوات الى قيام مخيمات او ممرات او ثكنات او منطلقات او استيعابات للمسلحين السوريين في لبنان، وهذا الامر مرفوض على الاطلاق، مثلما رفضنا النظام السوري بجيشه وبسلاحه.

 راهن العماد عون سابقا على انتهاء الاحتجاجات في سورية في «ثلاثاء» مر اكثر من ثلاثاء من بعده، ثم اعتبر ان حمص هي آخر معركة قبل مرحلة «التنظيف»… الا ترون في الامر مبالغة في تبسيط ما يجري في سورية؟
– ثمة فرصة جديدة تلوح في الافق اليوم بأن يكون هناك حل في سورية، وقتها كان هناك امل بأن يتم هذا الحل، ليس بالمعنى التبسيطي انما بالمعنى الذي تفتح بادرة ام افق حل.
سورية لن تكون ولن تعود كما كانت ابدا، ومخطئ وواهم وسخيف من يعتقد ان الامور في سورية ستعود الى سابق عهدها، وإلا لن يكون قد تم اصلاح او تغيير في هذا البلد، لكن في الوقت نفسه، يخطئ من يعتقد ان الوقائع على الارض – ان لناحية مظهر القوة ام لناحية مظهر الاكثرية والتي ظهرت هذه الاكثرية جلية في الاستفتاء – أن بالامكان تجاهلها، لأن بعد كل الذي حدث، ظهر انه لا يزال في الداخل السوري، ممانع ومواجه استطاع حتى الآن ان يصمد، اذا لا يمكننا تخطي هذا الواقع.
واذا كان هناك أي انسان لا يؤمن بهذه الغالبية في سورية، فليستفد من الدستور الحالي ومن انتخابات مقبلة وليتغير، لأن هذا هو التحدي الكبير، فإذا اردت ان تلعب لعبة الديموقراطية على الاصول، فعلينا ان نقبل بإتمام هذه العملية.
يقولون لنا انها ليست جدية، اذا لنختبرها، لأننا بذلك نكون خلقنا واقعا فرضناه وسيتغير حكما.
وطالما ازيل الخوف في سورية، بات المكان جاهزا للقدرة على التغيير، لكن ليس التغيير بالسلاح والعنف وإلغاء الآخر، فلا يمكنك تبديد خوفي من نظام تصفه بالمستبد والديكتاتوري باستبداله بنظام آخر يقوم على قتل الآخر وحذف كل من لا يشبهك.

 تربطون تأييدكم لنظام الأسد بمصلحة المسيحيين… ثمة من يسأل على المستوى الاخلاقي ولو سلمنا افتراضا بأن بقاء نظام الاسد فيه «مصلحة» للمسيحيين في سورية كما لبنان، هل يجوز القبول بقمع الملايين مثلا في سورية فقط من اجل «مصلحة» مسيحية يرى كثيرون انها اصلا غير قائمة بدليل ان هؤلاء المسيحيين لا يتمتعون بحقوق سياسية او في الحريات اكثر من المواطنين الآخرين في سورية نفسها؟
– يصيب المسيحيين في سورية ما يصيب غيرهم بمعنى النظام العلماني الموجود هناك.
بالعكس فتحت ضغط الشارع اليوم، اضطروا للقول بأن رأس الدولة يجب ان يكون مسلما. اذا هذا هو اول برهان على وجود اثر غير ايجابي على مفهوم الدولة المدنية والمواطنة بهذا المعنى.
ثانيا، نظرتنا لسورية ليست مصلحة المسيحيين فقط، لأن المسيحيين لا يقاسون بمليوني مسيحي في سورية، بل خوفنا على طبيعة المنطقة وتواجد الاقليات والتعددية فيها وإلغاء الآخر منها تحت عنوان الدين.
فإلغاء الآخر باسم الله (عز وجل) هو اكبر جريمة ممكن ان يرتكبها انسان وينسبها الى الدين، وهذا الامر لا يشمل المسيحي فقط، بل انه يبدأ بالمسيحي وينتقل الى الشيعي والدرزي، وينتهي حكما بالسني المختلف عنك.
اذا، لأننا مهتمون في المنطقة بالشيعي والسني والدرزي والمسيحي والكردي وجميع الأديان، فخوفي ان اضع العالم امام خيار: اما هذا النظام واما نظام القتل او «القاعدة» او الظواهري، فأنتم بذلك تدفعون العالم بالتمسك بهذا النظام الغاشم.

 تبدو الحكومة وكأنها باتت لتصريف الاعمال بسبب الصراعات الدائمة بين مكوناتها… من يتحمل مسؤولية تعثر تجربة هذه الحكومة التي قامت على انقاض حكومة الوحدة الوطنية؟
– لا اريد ان احمّل خلال وجودي في الكويت المسؤولية إلى بعضنا البعض، لكن ما اريد ان اقوله، ان وضع المنطقة يؤثر على عمل الحكومة وانسجامها وتماسكها…

 إذا انت تحمّل الوضع الحالي القائم في لبنان إلى الوضع في المنطقة؟
– اولا، انا احمل هذه الامور إلى اللبنانيين طبعا، وانا كنت اعني ان ما يؤثر على اللبنانيين وتحديدا ضعفاء النفوس الذين هم بانتظار المتغيرات وما يحصل في المنطقة. فنحن دائما بانتظار ما يحصل لنا.
مشكلة الحكومة في لبنان اليوم انها لا تملك الاكثرية الفعلية، مشكلتها الحقيقية انها وببعض مكوناتها، تنتظر ما يحدث من حولها لتقرر اين ستكون، وهذا هو ما يضعف عملها، وهذا جعل منها انها ليست حكومة فريق واحد، انما عمليا، فهي تشبه إلى «حد بعيد» حكومة وحدة وطنية، وهنا اشدد على كلمة «الى حد بعيد».

 ثمة من يرى في ضوء مسار ملف المليارات في مجلس النواب ان الأكثرية باتت عاجزة عن ممارسة غالبيتها بدءا من تأمين النصاب بفعل موقف النائب جنبلاط… ألم تصبحوا اكثرية وهمية؟
– كما قلت، نحن لسنا اكثرية حقيقية بمعنى اكثرية حاكمة، بل نحن اكثرية متقلّبة بفعل تقلّب بعض من فيها، وبالتالي ليس هناك من اكثرية في لبنان، وبانتظار انتخاب 2013 سنبقى كما في الطوائف والاديان ستبقى حكومتنا مجموعة اقليات، ومهما تغيّرت هذه التركيبات الحكومية، فستبقى مجموعة من الاقليات بانتظار حسم آخر في انتخابات الـ 2013؟

ما تقييمكم لتموضع النائب جنبلاط الذي اكد انه ليس موظفا عند «التيار الوطني الحر»؟
– لم يرد احد في اي يوم ان يكون جنبلاط موظفا في هذا التيار، لكنه هو اعتاد ان يكون لديه موظفون، وتحديدا من المسيحيين في منطقة الشوف (جبل لبنان) وفي بقية لبنان، واليوم من الجيّد ان يضع نفسه في موقع دفاعي ويقول انه ليس موظفا لدينا.
نحن لا نريد ان يكون جنبلاط موظفا لدينا ولا نقبل ان نكون موظفين عند احد، وهذه هي العلاقة السليمة، اي عليه (جنبلاط) القبول بمشاركة اهله في الشوف خصوصا واهله في لبنان عموما، فليس بامكانه ان يَفرض على احد او ان يفرض احد عليه اي شيء، وعلى هذا الاساس، بامكان جنبلاط العيش بسلام مع من حوله، وبامكاننا سن قانون انتخابي يمثله ويمثلنا.

 بالعودة إلى «ملف المليارات»… قال الرئيس السينورة اخيرا انه يرفض اي تسوية تكون على شكل «صك براءة» ما تعليقك؟
– لو ان السنيورة لم يكن يطلب صك براءة، فلماذا يستغل طلبا شرعيا من الحكومة للسماح لها بانفاق يربطه ويشكله بانفاقات وتجاوزات مالية كبيرة من العام 2005 باقتراح قانون من نائب، لتسوية قضية الـ 11 مليار دولار؟ الامر يجب ان يتم حسب الاصول من قبل وزارة المالية والحكومة اللبنانية بقطع حساب خاضع للمراقبة الفعلية. كل هذا الكلام لا يجيب عن سؤال واحد وهو: اعطوا الارقام، اعطوا الحسابات، ودعوا المدققين النيابيين والرقابيين والقضائيين ان يحكموا ما إذا كانت هذه الارقام صحيحة ام لا، لكن لا تقدموا المشاريع لتخفوا فيها الارقام وتأخذوا فيها صكوك البراءة، فبراءتكم من الاجهزة القضائية ومن الاجهزة الرقابية، وليس بتهريب اقتراح قانون… ونحن مستمرون في هذا المشروع وصولا إلى تقديمه.

 قيل الكثير عن «إحباط برتقالي» (لون شعار التيار الوطني) نتيجة اداء التيار وادارته بعض المعارك مع الحلفاء او الخصوم وكان آخرها «التضحية» بالوزير شربل نحاس؟
– «البرتقالي» لا يحبط، فـ «البرتقالي»، انما ان يبقى بلونه وباشعاعه وبطاقاته او لا يكون. و»الكسوف البرتقالي» الذي يتحدثون عنه منذ 10 سنوات، لم يكن ولن يكون.
نحن لا نضحي بأحد ولن نضحي باحد، نحن احيانا نضحي بانفسنا لبقاء لبنان، واليوم نحن أكثر فريق يدفع ثمن بقاء هذه الحكومة، لكن ليس على حساب احد ولا على حساب المشروع الاصلاحي بل على حساب الوقت الذي ينهدر من حساب الجميع والذي لا قدرة لنا في ظل هذه «الاكثرية الوهمية» التي تحدثت انت عنها وفي ظل هذا الوضع المضطرب حولنا، فلا قدرة لنا بالوقت الذي نحن نريده ان يكون مضغوطا، ان ننجز ما نريد ان ننجزه في مدة قصيرة، لكننا سننجز انما ببعض الوقت.

 ما صحة ما قيل عن انك انت عراب «التضحية» بالوزير نحاس؟
– بالنسبة إلى موضوع الوزير نحاس فقد أخذ طابعه الداخلي، والا لم يكن التيار ليقبل استقالته، لان المشكلة لم تكن مع «الميقاتي» (رئيس الحكومة نجيب ميقاتي)، انما تحوّلت المشكلة مع الوزير نحاس إلى مشكلة داخل التكتل بسبب رؤية اقتصادية غير منسجمة بالكامل مع موضوع قانون العمل الذي قدمه الوزير نحاس وبسبب وصولنا إلى حل تمكن من تأمين قانونية وانتظام الاجر اللبناني، وتحقيقنا إلى قدر كبير من معركة ادارها الوزير نحاس شخصيا، انما الوزير نحاس اعتقد ان هذا الحل غير كاف(…) نحن انجزنا المهم وهناك الكثير من المعارك الاخرى التي تنتظرنا في ميادين كثيرة والتي يجب ان ننكب عليها.

 قيل كثير عن انسحابات من التيار نتيجة اعتراضات على ادائكم من انشقاق لجنة الحكماء الاربعة إلى ما يشاع عن تسرب كوادر وناشطين إلى احزاب مسيحية اخرى، الا يدفعكم ذلك لاعادة النظر في خياراتكم لجعلها اكثر انسجاما مع القاعدة العونية؟
– على مستوى القاعدة «العونية» والانتظام الحزبي، فإن التيار في ازدياد. فلا انشقاقات ولا نقصان بل زيادة على مستوى القاعدة الصلبة، وهي تنمو وتزيد.
وبكل الاحوال، فخياراتنا السياسية ليست مرتبطة فقط بشعبيتنا والا فاننا كنا امام خيارات كثيرة لم نكن لنقبل ان نأخذها، لاأنها اقل شعبية، لكننا اليوم امام خطاب سياسي صعب وجديد على مجتمعنا، ورغم ذلك فإن شعبيتنا تزداد كثيرا.

كلمة أخيرة معالي الوزير.

 هل نحن شعب بامكانه ان يكون على قدر هذا التحدي المطروح امامه وتحقيق احلامه؟ ما الذي يمنعنا من تحويل لبنان إلى بلد منتج للنفط وبالتالي نستفيد من ثرواته؟ لا يمنعنا شيء الا ان تكون لدينا الارادة اللازمة. واتمنى ان يكون هذا الموضوع هو موضوع اجماع عند اللبنانيين، لأن من غير الممكن ان نقنع انفسنا بأننا محرومون من ابسط حقوقنا. فكيف يمكن ان نكون في بلد ليس فيه كهرباء وبلد ليس فيه ماء، ونحن منبع المياه في الشرق الاوسط، وكيف يمكن لا نستطيع استخراج النفط ووضعنا شبيه بوضع الدول النفطية من حولنا، إذاً، ما يمنعنا عن هذا الشيء هو تصميمنا كشعب لبناني كي نلاحق ونحاسب.

ما ينقصنا هو ثقتنا بنفسنا، وهذا الامر قائم لاننا تعودنا التفكير كجماعات، جماعات للأسف طائفية، مذهبية ومناطقية وتعيش على فكرة وطن نتغنّى بوحدته الوطنية والعيش المشترك ومثاله الوطني، لكن كل فرد منا باللاوعي الخاص به، تراه في انتظار الفرصة كي يقيم دولته او دويلته، وهذه هي الكارثة الاكبر، لان لبنان صغير، وتخيلوه يصبح اصغر. ليس بامكان اي احد ان يقنعنا باننا ذاهبون إلى تقسيم لبنان. من المعيب علينا ان نكون شعباً بهذه الحضارة، نصل إلى مرحلة لا نعرف كيفية احضار الكهرباء إلى بلدنا، ويصبح هذا الامر انجازا وحلما. من المعيب على شعب كبير مثل شعبنا الا يعرف كيفية المحافظة على ثروة المياه، ويصبح حلمه بان يعمل سدا، في حين لدى قبرص المجاورة 100 سد وبحيرة ولبنان بعد 50 عاما بنى سدا واحدا. فماذا ينقصنا غير الارادة والتصميم والثقة بالنفس وان نجدد انفسنا كل 4 سنوات من خلال ديموقراطيتنا.

نحن ربيعنا دائم ولسنا بانتظار الموسم، نحن دائما في فصل الربيع، ثقتنا بشعبنا ستظل كبيرة، ونحن كفريق لا دعم لدينا سوى الناس. فعندما يفقد الناس ثقتهم بذاتهم وبنا، فلن يعود لدينا شيء واكيد لن يكون لدينا لبنان، لان النفس بشعب لديه قدرة ان يقاوم اسرائيل وينتصر عليها، ومن غير المعقول ان ترى هذه النفس على جبهة صعبة مثل الجنوب ولا يمكننا ان نجدها على باب مؤسسة مياها او كهرباء. من المستحيل ان يتمكن شعب قهر اقوى ظلمات في العالم، وليس بامكانه ان يقهر ظلمة العتمة وظلمة العطش.

السابق
حملة المطالبة بإعدام قاتل الناتوت تستمر
التالي
السفير: سوريا: الانتخابات في 7 أيار … تسبقها اختبارات حزبية وأمنية