بوتين يستغني عن لافروف؟

بعد 364 يوماً على انطلاق شرارة الحراك الشعبي في سوريا، يبدو نظام الرئيس بشار الأسد في منأى عن خطر حقيقي للسقوط، وإن لم يتمكن حتى الآن من إنهاء دورة العنف وسفك الدماء وإخماد الاحتجاجات.

وتدين دمشق في صمودها لأربعة عوامل أساسية، وهي:

1 – قوة النظام وتماسكه، وحزمه في قرار المواجهة من دون خوف أو تردد.

2 – ضعف المعارضة وانقسامها، وقلّة خبرة مواردها، وبطء حركتها، وتردّدها في حسم خياراتها، ولا سيما الانتقال الى المواجهة المسلحة الشاملة أو الحفاظ على سلمية حراكها.

3 – موقف روسيا الذي شكّل مظلة واقية للنظام السوري، ومنحه المزيد من الوقت لحسم أموره بعيداً من التدخل الخارجي.

4 – عدم وجود استعداد أو رغبة لدى الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها الغربيين للتدخل عسكرياً في سوريا، وعدم قدرة الدول العربية على التدخل بمفردهم.

لكن هذه المعطيات ليست جامدة، بل هي متحركة وفق حسابات المصالح والأجندات، ويبدو أن روسيا التي قبضت على الورقة السورية دخلت مرحلة تقطيع الوقت من الآن وحتى السابع من أيار المقبل موعد تسلّم الرئيس المنتخب مجدداً فلاديمير بوتين سلطاته الرئاسية، فتقدّم الحكومة استقالتها لتشكل حكومة جديدة.

من هنا يدور صراع صامت داخل دوائر القرار والمقرّبين من بوتين، للإمساك بوزارة الخارجية المسؤولة عن إدارة الملف السوري. فوزير الخارجية سيرغي لافروف يَجهد لتحقيق اختراق ما في هذا الملف في هذه الفترة الفاصلة، بهدف تعزيز حظوظه في العودة الى الحكومة الجديدة، فيما يقود المقرّب من بوتين ميخائيل مارغيلوف تياراً تغييرياً يتهم لافروف بأنه يتحمّل مسؤولية الضرر الذي لحق ويلحق بالمصالح الروسية مع غالبية الدول العربية بسبب دفاعه عن النظام السوري، ويطالب بإسناد منصب وزير الخارجية الى مارغيلوف.

من هنا، يمكن فهم الخطوة الأخيرة للافروف تجاه مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة، والتوَصّل الى تفاهم النقاط الخمس وما قد يليها من تعاون روسي- عربي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وإن لم يكن مبنياً على أساس تغيير جذري في سياسة موسكو حيال الأزمة السورية.

ويكشف ديبلوماسي بارز في موسكو ان الكرملين وصل الى قناعة أن الرئيس الأسد غير قادر على الحسم ولا المعارضة قادرة على إسقاطه، وان العرب (خصوصاً الخليج) هم الذين أخطأوا في تجاهل المصالح الروسية سواء في الإخلال بوعودهم بشراء اسلحة روسية، أو في الامتناع عن إبرام اي صفقة مع الشركات الروسية.

وعلى رغم ذلك، حرص بوتين، قبيل انعقاد اجتماع القاهرة، على إرسال إشارة إيجابية الى الدول الخليجية بإقالة السفير الروسي في قطر الذي كان تسبّب بإشكال ديبلوماسي هناك.

ويؤكد الديبلوماسي البارز ان تغييرات كثيرة سيجريها بوتين في الادارة، وان الجميع ينتظر معرفة القرار الرئاسي في بقائه أو رحيله، وان هذه التغييرات ستنعكس حكماً على سياسة الكرملين الخارجية التي تتأثر حاليّاً بالديبلوماسيين ورجال المخابرات الذين بَنوا علاقات شخصية قوية مع دوائر الأمن والقرار في سوريا من جهة، واللوبي الاسرائيلي في موسكو برئاسة ايفغين بريماكوف الذي يضغط ما أمكنه لعدم التخَلّي عن النظام في دمشق.

فهل تطاول التغييرات لافروف والحرس القديم المؤيد لسوريا؟ أم يتكيّف ناظر الخارجية الروسية مع تطلعات الشعوب العربية ويحقق خرقاً في جدار الأزمة السورية؟  

السابق
حين يشتم السيّد المسيحيين وبطاركتهم 
التالي
فولكلور؟ نعم ولا