مسيرة دفن صامتة لنساء يقتلهن العنف الأسري

نجحت «المجموعة النسوية» التي نظمت «مسيرة دفن صامتة»، بالتعاون مع منظمة «كفى عنفاً واستغلالاً»، اول من أمس السبت، للمطالبة بإقرار «قانون حماية النساء من العنف الأسري»، في إلقاء حجر في نهاية أسبوع العاصمة الراكد. اختار المشاركون في المسيرة، الطريق الطويلة الممتدة من ساحة ساسين إلى مجلس النواب، رافعين لافتة يتيمة تؤكد «مقّتل امرأة كلّ شهر على يد زوجها أو والدها أو أخيها» في لبنان، حقيقة يرمونها في وجوه العابرين بسياراتهم، والمارة في الشوارع، ومعهم الخارجون إلى الشرفات.
لم يكن الرقم عبثياً أو تقديرياً، بل نتيجة رصد نفذته «كفى» عبر وسائل الإعلام، من أيار 2010 إلى نيسان 2011، لتوثق مقتل 12 امرأة نتيجة العنف الأسري. الرقم بفجاعته، والتابوت الرمزي للمرأة القتيلة الذي حملته أربع شابات، يتبعهن المشاركون بالثياب السوداء، أضفيا على المسيرة حزناً حقيقياً، صامتاً.

جاء «الدفن» جدياً ومشجعا،على الرغم من «الفاجعة – الحقيقة». مشجعا بقدر التزام الشابات والشباب المشاركين، وهم بمعظمهم في الثلاثينيات من أعمارهم، بقضية مدنية خرجت من «قمقم» تقليد الجمعيات النسائية إلى رحاب المجتمع ككل، والأهم إلى عنصر الشباب في قلبه.
صمد السائرون أمام «ذكورية» متوقعة مارسها على المسيرة بعض رجال الأمن المولجين حمايتهم، وبعض «الذكور» الذين اصطفوا على جوانب الطرق والشوارع. فعلى هامش المسيرة، استشرى «التشفيط» الأمني من حول الشابات المشاركات، ومعه تعليقات رجال وشباب كانوا يتفرجون على المسيرة محذرين من «غضب النسوان».
وحرص منظمو المسيرة على إدخالها في «شرايين» العاصمة. تركوا ساحة ساسين في الأشرفية قاصدين شارع عبد الوهاب الإنكليزي بالقرب من السوديكو، فمنطقتي بشارة الخوري والبسطة، وصولاً إلى سليم سلام فزقاق البلاط، حيث غيّرت القوى الأمنية طريقهم.

في زقاق البلاط، لم يكن يفصل السائرين عن مجلس النواب سوى مئتي متر تقريباً عندما أقفلت القوى الأمنية الطريق في وجههم. كانوا قد وصلوا تحديداً إلى «كتف» السرايا الحكومية، عندما أبلغهم أحد العناصر الأمنية أن «السرايا» لا تقبل بمرورهم من قربها، من دون شرح الأسباب.
وعليه، دارت سيارة قوى الأمن التي تتصدر المسيرة نحو برج المر فالقنطاري نزولاً نحو الطريق الساحلية والتفافا عبر شارع المصارف بغية الوصول إلى ساحة رياض الصلح، وهي النقطة الأقرب التي يسمح فيها بالاقتراب من المجلس.
في وسط شارع المصارف، وبالقرب من زاوية مبنى البريد حيث الطريق المقفلة التي تؤدي إلى مبنى البرلمان، التف المتظاهرون بالتابوت ليضعوه عند عتبة الحاجز الأمني الذي يحول دون دخلوهم: «سنترك التابوت هنا في مواجهة المجلس».
خرج من الحشد الأمني رجل بسترة جلدية وسروال جينز وقميص أبيض ليبلغ المتظاهرين عدم جواز دخولهم إلى باحة المجلس حتى لوضع اللافتة، مقترحاً عليهم «سبلاً نضالية أكثر جدوى».
قال الرجل انه لا يمكن السماح لهم بتجاوز الحاجز انسجاماً مع «الأوامر». «دماثة» الأمني التي حرص عليها بوضوح لم تحل دون اندلاع نقاش حاد بينه وبين بعض المتظاهرين عندما قال لهم «ها أنتم تظاهرتم ولم نتعرض لكم». عبارة لم يقبلها البعض باعتبار أن عدم تعرض قوى الأمن لهم «ليس منة»، بل حق يضمنه القانون.
عند الحاجز الأمني الذي فصلهم عن المجلس النيابي وساحته، ترك المتظاهرون تابوت المرأة التي تقتل كل شهر في لبنان نتيجة العنف الأسري للنواب «يستأنسون» به وهم يناقشون «قانون حماية النساء من العنف الأسري». ومن هناك طالبت نادين معوض، من «نسوية» بالإسراع بإقرار القانون من دون تشويه «وإلا فسنرفضه، ولن نقبل به».

السابق
نستحق أن نكون بلا تاريخ
التالي
النهار: أنان للأسد: لا يمكنك تغيير اتجاه الريح والرد الواقعي هو التغيير وتبنّي إصلاحات