عن الإدمان في إقليم التفاح… الدكتور سعادة رَصَدْنا أكثر من 300 حالة

200 مدمن في إقليم التفاح – الترويج والإدمان في بعض القرى والدرك في المرصاد. وإثارة الموضوع ما زالت من المحرّمات. اقتحم شاب عيادة الدكتورة كاتيا في إقليم التفاح بلدة (ج) وسرق دفتر الروشتات والختم الخاص بها، وبعد أن ختم كافة الأوراق وسجل عليها إسم الدواء (Benzexol) ذهب إلى المستوصف ليصرف الدواء، ولسوء حظ اللص المدمن استغرب الصيدلي الكمية المطلوبة وشك في الفتى كما صودف وجود الدكتورة كاتيا في المستوصف نفسه، ولما رأت الوصفة استنكرت قائلة: "هذا ليس خطي، فتم القبض على اللص المدمن وأُحيل إلى النيابة العامة بتهمة السرقة والتزوير وتعاطي المخدِّر. فموضوع الإدمان على المخدّرات موضوع طويل عريض والحديث حوله شائك ولتسليط الضوء عليه كان هذا اللقاء مع مسؤول مركز التنمية الاجتماعية في منطقة النبطية وإقليم التفاح الدكتور مالك سعادة:

 تابعت موضوع الإدمان على المخدّرات عن كثب كيف ومتى بدأت تلاحظ حالته؟
"قبل العام 2006 أي قبل حرب تموز، كان تعاطي المخدّرات محصوراً بقرى معيّنة في المنطقة وبدأت الحالات تكشف عن نفسها، عندما أقبل راشدون على المستوصفات لطلب أدوية الأعصاب. وغالباً ما يكون مرضى الأعصاب معروفين لدينا وتكون أدويتهم مرفقة بطلب من الوزارة. أما الطلب دون روشتة طبيبٍ إضافة إلى الطلبات المتكررة لأدوية الأعصاب وغيرها يدفعنا إلى مراقبة الشخص الذي يجرنا إلى شلَّته التي يتعاطي وإيَّاها هذه الأدوية".
حسب أحد مخافر المنطقة فإن بؤر التعاطي والترويج معروفة لدى الجهات الرسمية والجمعيات المدنية المعنية بالموضوع كقرى: (ح – وك – وع). أما مصدر التجارة فهي بيروت لأن المتلبِّسين لديهم نفس المواصفات، من سكان بيروت ولديهم منزل آخر في الجنوب يتم التعاطي فيه مع رفاقه من مناطق مختلفة. وغالباً ما يكون المنزل غير مأهول، وحسب مصدر مسؤول: جاءت إخبارية بالأمس القريب إلى أحد مخافر المنطقة عن منزل في بلدة (ك) أن شباباً يدخلون المنزل في الليل ويغادرونه في الصباح الباكر، فنصب الدرك كميناً حوالى ثلاث ساعات، ثم داهموا المنزل ليجدوا ثلاثة أشخاص يجلسون إلى طاولة وضعت عليها الحشيشة وعدة التحشيش وأراكيل، وبعد عِلم الأهل بضبط أولادهم متلبّسين، إنهالت الاتصالات على جميع المسؤولين لإخراج الشباب المتلبِّسين من دائرة الاتهام ولملمة فضيحة الأهل والعائلة والقرية.

 كيف تعلم أن طالب الدواء مدمن وليس مريض أعصاب؟
نعرف من الطلب كما ذكرت سابقاً، فمرضى الأعصاب معروفون لدينا، وغالباً ما تكون أدويتهم مرفقة بطلب من الوزارة. كما تتحول كثرة تعاطي حبوب الـBenzexol مثلاً إلى حالة هذيان للشخص فتصبح حبوب هلوسة.
دواء السعال مثلاً ممنوع صرفه إلا بوصفة طبيب، لاحتوائه على مادة الكودايين (مادة مخدّرة). البيبي كال(Babycall) دواء للأطفال يضيف إليه المدمن كودايين أي يخلط الأدوية معاً لتصبح مادة مُخدِّرة. أما الوصفة السحرية فتتم بإضافة الزعتر والنعنع، يانسون، وأعشاب مهدئة….".

كيف تنعكس مخاطر الإدمان على الآخرين؟
"بلا شك فإن الإدمان قد يأخذ صاحبه إلى الموت المحتّم إذا استمرّ على إدمانه ولم يعالَج. وقد يتحول إلى مشكلة تنعكس على الآخرين يمكن أن يجر الشخص المدمن الآخر إلى تجربة المخدّر وهو شيء جديد بالنسبة إليه قد يريحه وقد يتعوّد عليه. وقد يتحوّل الإدمان إلى مشكلة، كما حصل في بلدة (ع.ح) حيث تناول شاب حبوب الهلوسة، ثم ذهب إلى ساحة البلدة يتبادل الحديث مع الشباب، فلاحظ أحدهم أن سلوكه غير سوي وغير طبيعي تحرّش به ببضع كلمات تحوّلت إلى شتائم فضرب متبادل أدى إلى موت أحدهم وسجن الآخر. هذا نموذج واقعي عن الإدمان ومخاطره كيف لا ومروّجي المخدّرات على عينك يا تاجر".

نموذج آخر عن الإدمان ولكن من نوع آخر؟
يركب خمسة عشر شاباً دراجاتهم من بلدة (ع) ويتوجهوا إلى بلدة (ص) ليشتروا المشروبات المُسكِرة، فيشتري كل شاب قنينة ليحصل على أخرى مجاناً ليبيعها لرفيقه فيما بعد، يعتقد المدمن أن البريَّة والنهر أو منزل غير مأهول هي أماكن أمينة للإدمان فيها، وكثير من الحالات تم القبض عليها بعد مراقبتها، نتيجة الشك بتصرفاتهم، كما حصل مع أحد الأشخاص الوافدين من كندا منذ ثلاثة عشر عاماً وهي أول حادثة اكتشفت فيها حالات الإدمان في بلدة (ع).
بعد وصوله من كندا أخذ يتجول في البلدة مترنحاً في أرجائها فلاحظ السكان أنه مخدّر أو دائخ، نتيجة مشيته وتصرفاته، فتمت مراقبته، وضُبط يتعاطى حبوب مخدرة ومهلوسة وقد جرّ سبعة أشخاص إلى تعاطي الحبوب واحد تلو الآخر. وبعد تدخل مركز التنمية الاجتماعية بالتعاون مع البلدية والأهل أقلع ستّة شباب عن الإدمان بعد علاجهم ومراقبتهم وبقي واحد مدمناً.
كما أن ترويج حبوب إثارة الشهوة الجنسية عند الفتيات. نوع آخر من الترويج في (د.ز) قام به فتى من أم وأب مطلقين طبعاً تم إلقاء القبض عليه ومنعه من الترويج مجدداً.

الإدمان قنبلة موقوتة والمُدمن لا يعرف الخطأ بل يبحث عن آخر ليُبرئ نفسه، أما المُروِج فهو شخص "واصِل" أي له علاقات مع أطباء وصيدليات يأخذ الوصفة لشخص معين (عالأملية) حسب الدارج فيروّج للدواء ليتحول إلى إدمان، لماذا الحبوب، الدواء والحشيشة لأن الكوكايين والهرويين غير مُتاحين مادياً وتريجياً. أما عدد المُدمنين فلا يتجاوز الـ200 شخص في إقليم التفاح يضاف إليهم مئة إذا شملنا جبل الريحان.

السابق
سعادة: كتاب التاريخ لتجنّب الحرب
التالي
إزاحة الستار عن نصب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في صيدا