الهاجس الأمني يقلق صيدا وجوارها: أحاديث متزايدة عن الحماية الذاتية

عاد الهاجس الأمني، الناجم عن جرائم القتل وأعمال السلب إلى الواجهة من جديد في صيدا ومحيطها، وصولاً إلى جزين ومنطقة الزهراني، ليصبح مصدر قلق دائم لأهالي المنطقة. وبات حديث الشارع، ويتصدر أولويات الأهالي الذي يتساءلون "كيف نحمي أنفسنا وعائلاتنا وأملاكنا؟"، وصولاً إلى الحديث عن "ضرورة امتلاك السلاح للدفاع عن النفس". ولم يعد ذلك الحديث محصوراً بأصحاب مؤسسات الصيرفة، والمحال التجارية، بل تعداها إلى المواطن العادي، الذي يطرح فكرة "الحماية الأمنية الذاتية في الأحياء، وبين مجموعة من البيوت القريبة من بعضها البعض".

إضافة إلى ذلك، تنهال الشائعات على المدينة يومياً، عن سرقة هنا، وسلب هناك، ومحاولات قتل في هذا الحي أو ذاك. ويتبين عدم صحتها، بعد أن تؤدي إلى استنفار القوى الأمنية وإرباكها. كل ذلك يجري والجيش اللبناني يتنقل وفق إمكانياته اللوجستية وانتشاره في المدينة، من مهمة إلى أخرى، حيث نجحت مخابرات الجيش في الجنوب أمس، في تسلم الشاب م. ص. ع.، المتهم بقتل السائق الفلسطيني طعناً بالسكين محمد وليد صلاح في ساحة النجمة، وسط السوق التجاري ليل السبت الماضي، لخلاف على الأجرة بينهما، بعدما تمكن من الدخول إلى مخيم عين الحلوة إثر ملاحقة ومطاردة دورية من الجيش له وتبين أنه فلسطيني عراقي. وقد تم تسليمه إلى الجيش، على يد قائد "الكفاح المسلح" محمود عبد الحميد عيسى المعروف بـ "اللينو"، بحضور عضو "لجنة المتابعة" وعضو "اللجنة الشعبية" فؤاد عثمان، على حاجز الجيش عند مخل المخيم الفوقاني. وذلك بعدما كانت مخابرات الجيش في الجنوب قد تمكنت في وقت سابق وفي عملية نوعية من توقيف المتهم بقتل رجل الأعمال الصيداوي محمد الناتوت، إضافة إلى المهام التي تقوم بها قوى الأمن الداخلي.

وأخذ الهاجس الأمني حيزاً واسعاً من اهتمامات القوى السياسية، والحزبية، والدينية، في المدينة. وطرحته النائبة بهية الحريري كأولوية خلال لقائها في مجدليون "اللجنة اللبنانية الفلسطينية في صيدا ومنطقتها"، معتبرة أن "مشهد الجرائم المتنقلة بين منطقة ومنطقة، يطرح الكثير من التساؤلات، ويظهر أن الأمن والسلم الأهلي في لبنان باتا مستهدفين من خلال الجرائم". ورأت الحريري أن "الأحداث المتتالية والجريمة التي هزت صيدا وذهب ضحيتها المواطن محمد الناتوت، وصولاً إلى جريمة ساحة النجمة تدفعنا للتوقف، وللمطالبة بالدولة وبالأمن وبالاستقرار"، مجددة تأكيد أن "الجريمة مرفوضة في أي منطقة من لبنان، وأن العقاب السريع للمجرمين هو الرادع لهم". وقالت: "علينا التفكير كيف نحمي مدينتنا أكثر، ونحمي ناسنا أكثر، وما هي الترتيبات التي يمكن أن تعتمد لنبعد الكأس المرة؟".

من جهته، رأى الرئيس فؤاد السنيورة، خلال لقائه وفوداً في مكتبه في الهلالية، أن "هناك خيطاً يربط بين ما يجري من أحداث أمنية متنقلة بين المناطق اللبنانية"، لافتاً إلى أن "هناك تداعيات ونتائج لتردي وتلاشي الدولة اللبنانية وهيبتها، حيث أصبح هناك تجرؤ على الدولة". وقال: "كلما تراجع دور الدولة وازداد دور السلاح المتفشي والمنتشر هنا وهناك، تراجع وضع النمو الاقتصادي والوضع المعيشي للمواطنين. وذلك ينعكس على الوضع الأمني ومن ثم ندخل في حلقة جهنمية تزداد عنفاً كلما مرت الأيام"، داعياً الدولة إلى "تحمل مسؤولياتها بأن تكون أكثر تشدداً في التعاطي مع مرتكبي الجرائم".

بدوره دعا رئيس "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد "القوى الأمنية إلى مضاعفة سهرها على الأمن". كما دعا القضاء إلى "التشدد في الأحكام التي يصدرها بحق مرتكبي الجرائم، مع عدم الإنصات للتدخلات السياسية أو سواها". وتوقف سعد أمام تصاعد موجة السرقة والقتل في صيدا، خلال الآونة الأخيرة، مطالباً القضاء بـ "الإسراع بمحاكمة القتلة الذين أصبحوا بين أيدي القوى الأمنية، وإنزال العقاب الصارم بحقهم لكي يكون عبرة لمن يعتبر".
كما اعتبر رئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري أن "تكرار التعديات المسلحة والسرقات والقتل والإخلال بالأمن، هي ظواهر مستحدثة على المدينة وأهلها"، مشيراً إلى أن "أجواء القلق والحذر التي تعيشها مدينة صيدا، وتفاقم مسلسل الاعتداءات المسلحة والسرقات جعل الناس يتساءلون عن اللجوء الى الأمن الذاتي، وتشكيل لجان حماية للأحياء وذلك للدفاع عن أنفسهم، ولوضع حد لتلك الأمور". وطالب البزري "الحكومة اللبنانية ووزارة الداخلية تحديداً، والأجهزة الأمنية والقضائية إلى تحمل مسؤولياتهم، واتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة آفة المخدرات ومروجيها، ومتعاطيها، ولنزع الغطاء السياسي والأمني عن المخالفين، وبعض الزمر التي أصبحت تعتبر نفسها فوق القانون وسيادة الدولة، وتستخفّ بالناس وأرواحهم وممتلكاتهم".

السابق
مجزرة أميركية: جندي يقتل 16 أفغانياً
التالي
نجاد للغرب: لا نأبه لقنابلكم وسفنكم وطائراتكم