حكومة الإنتاج المعطّل

هذه حكومة غير منتجة. أو، بالأصح، هذه حكومة مكتوب عليها عدم الإنتاج. وبالأصح الأصح: هذه حكومة كُتب على لبنان أن يتحمّل وجودها بالرغم من أنها غير منتجة.

وكم كان بعضهم مضحكاً وهو يتحدّث عن «إنجازات» الحكومة التي عرفنا منذ مضي الشهر الأول على تأليفها أنها محكومة بالجمود، وأنّ أزمات لبنان ومشكلاته ستتفاقم معها، ولن تكون قادرة على أي قرار أو مشروع أساسي!

ولقد بلغ الجمود فيها حدّ التصادم السلبي بين عناصرها. فمن جهة يقف وزراء التيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح، ومن جهة ثانية يقف وزراء جنبلاط (جبهة النضال) وميقاتي وجماعته… وصار شبه مؤكد أن أي أمر أو مشروع أو مرسوم مهم لن يقوم عليه إجماع، فما يؤيده هؤلاء يرفضه أولئك، وما يقترحه هؤلاء يعارضه أولئك.

وهكذا يمضي مجلس الوزراء أوقاته في إقرار مشاريع غير ذات أهمية أو جدوى أو ممّا يستلزم إقراره، في بلدان العالم (وكما كتبنا هنا غير مرة) موظفين من درجات مختلفة لا أكثر…. أمّا قضيّة مثل الأحد عشر ملياراً ( حسابات الإنفاق العام للدولة ما بين 2006 و 2010)، فإمّا تتمدّد مراراً وتكراراً، وإمّا يتعطل مجلس الوزراء إذا كانت على جدول الأعمال، وإمّا تسحب من جدول الأعمال وتؤجل، وإمّا يكلّف الوزير المختص اعداد مشروع بشأنها (مشروع الصفدي) فيتصدى له أفرقاء داخل الحكومة (وزراء «التكتل») وإمّا يحال الأمر برمته، من جديد، على رئيس الحكومة بعدما ينتزع المشروع من وزير المالية… وإلى أن يجد هذا الأمر حلاً (وهو لن يجد) تكون أشهر طويلة قد هُدرت من عمر البلاد والعباد من دون أي إنتاج أو فائدة…

هكذا هو حال هذه الحكومة. وهذا هو وضعها، وتلك هي «أبرز إنجازاتها» التي يحلو حيناً لقصر بعبدا، وحيناً آخر للسراي الكبير أن يتحدّثا عنها ويعدّداها بإعجاب واعتزاز!

طبعاً نحن نعرف أن تشكيل حكومة جديدة في المرحلة الراهنة أمرٌ يتعذّر كلياً. بل ندرك أنّ هذه الحكومة باقية ما بقيت الأوضاع غير مستقرة في سوريا. وبالتالي هل ترانا نبالغ إذا وجهنا سلسلة الإنتقادات لهذه الحكومة في مقالات متلاحقة؟

للجواب نرى أنّ المطلوب من هذه الحكومة أن «تنزل عن ظهرها» القضايا الكبرى، والقضايا الخلافية (وما أكثرها) وأن يُقام إتفاق «جنتلمن» بين سائر مكوّناتها على تصريف الأعمال بما يتناول الحدّ الأدنى من تحريك عجلة الحكم… وأمّا الباقي فينتظر حكومة جدّية، إذا تيسّر قيام مثل هذه الحكومة في بلد مثل بلدنا إكتشف مجلس وزرائه، أمس، ضرورة «وضع أسس التعاون بين الأجهزة الأمنية»! وهو إكتشاف عظيم ليت عباقرة الحكومة توصلوا إليه منذ تأليفها!

السابق
دوريات مكثّفة للإحتلال في العباسية
التالي
الطقس قليل الغيوم وارتفاع في الحرارة