اين المرأة اللبنانية من اليوم العالمي؟

يحلّ يوم المرأة العالمي ثقيلاً على المرأة العربية، التي أفنت تاريخاً طويلاً من النضال دون أن يحين وقت الحصاد، فكافحت من أجل قضايا الأمّة العربية، وواجهت العدوان الطاغي وقدّمت أغلى ما تملك من إبن أو أب أو أخ أو زوج دون أن يرفّ لها جفن، لأنها قوام المجتمع المناضل، فإذا ضعفت أو اهتزّت بات البناء بأسره آيلاً للسقوط.. فلم تترك اليأس أو الأسى يتسللان إلى معاناتها الصامتة، بل نجحت في تحويل الضعف إلى قوّة.. ودائماً كان العطاء دون مقابل! لم يكن الهدف تحويل الواجب إلى جميل تُحمّله إلى المجتمع، إلا أن الأخير قد استغل الترفّع الأنثوي عن المطالبة الجدّية بحقوقها، فباتت مهدورة، لا بل هبة أو شعار يستثمره السياسيون من وقت لآخر، لغايات انتخابية أو لتلميع صورة الحزب أو التيار المهترئة والتي أكل عليها الدهر وشرب.. وهكذا بقيت أبواب السياسة موصدة في وجه المرأة، يفتحها الرجل من وقت لآخر بشكل إستنسابي وموسمي فيرشّحها لوزارة أو نيابة، تنتهي مع انقضاء عهده أو حكمه، دون أن تُعطى الفرصة الحقيقية لإثبات كفاءتها وتحقيق بعض الإنجازات، ولو كانت غيضاً من فيض، في زمن رخص الحبر وغلا الفعل فيه.

فالعجز الذي نجح السياسيون في إقناع المرأة فيه، باتوا اليوم ضحيته، وما فشلت في تحقيقه بعدما سُلبت الفرص منها، فشلوا هم في التوصّل إليه بعدما استولوا على كل الفرص وعلى مختلف مقوّمات القوّة.. فالسادة الوزراء والنواب وسائر العاملين في القطاع العام اليوم، يقفون متفرّجين على العجز الحاصل في سائر قطاعات الدولة: فلا الاقتصاد المتعثِّر استطاع أن يحمي ربّ العمل من إرتدادات زيادات الأجور ولا وفّر للعامل فرصاً لتحسين دخله ومستوى معيشته، بما أن الزيادة تبخّرت مع ارتفاع الأسعار غير المضبوط قبل أن تصل إلى جيوب المطالبين بها.. ولا الإنقسام السياسي والكيدية المعتمدة في حلّ الملفات العالقة أمّنت الإستقرار السياسي وبالتالي الأمني المطلوب في ظل الظروف الإقليمية الراهنة وانعكاساتها على الوطن الصغير، والقابل للإشتعال عند أول استحقاق.. فلم يعد همّ المرأة وحقوقها المهدورة الأولوية في وطن أُبيدت حقوق مواطنيه جماعياً.. فغلاء المعيشة وغياب الضمان الصحّي وضمان الشيخوخة، وانطلاق أسعار المواد الأولية بشكل جنوني يُحبط المرأة والرجل العاملين على حدٍّ سواء.. أضف الى ذلك الفضائح الغذائية التي تتوالى فصولاً بتمادٍ غير مسبوق، مستغلِّة الغيبوبة الرسمية في ضبط الأمن الإجتماعي على مختلف الأصعدة، فإذا بصناعة المخدّرات تنشط وتتطوّر، وظاهرة مستودعات الأغذية الفاسدة تنتشر كالفطر السام، والمطاعم، والتي هي قوام السياحة، تستخف بأسس السلامة الغذائية وبأرواح روّادها وسلامتهم.

ولم يعد الخطر محصوراً بالكماليات فقط، بل بات يطال الأساسيات من لحوم وطحين وما إلى هنالك من مواد لا غنى عنها في الحياة اليومية، وكأنه كُتب على المرأة أن تتساوى مع الرجل في الشعور بالإحباط والكُفر بالمستقبل.
إن ما عجز العدو عن تحقيقه، نجح الإنقسام السياسي الحاصل في الوصول إليه.. وظُلم ذوي القُربى أشدّ مضاضة… فبغياب بشائر قوانين عادلة وعصرية تلوح في الأفق.. تبقى المرأة اللبنانية تُعاني من التمييز مهما اختلفت تسمياته وتنوّعت أقنعته، وتبقى الأم اللبنانية مجرّدة من أدنى حق لها أن تُعطي جنسيتها لأولادها «الأجانب»، وتبقى الزوجة اللبنانية تحت رحمة قوانين أحوال شخصية إذا عدلت، جاءت الممارسات على الأرض تضرب بمبادئ المودّة والرحمة عرض الحائط الذكوري!

السابق
الراي: لبنان في عنق حدوده مع سورية تتجاذبه ضغوط دمشق وتحذيرات واشنطن
التالي
الانباء: السفير علي يطالب لبنان بتسليم النازحين السوريين وكونيللي تحث ميقاتي على تأمين الملاذ الآمن لهم