حصل في سورية

توجد في سورية قضية حقيقية، في سورية الاوضاع مأساوية بحق. الحرب هناك لا يمكن نكرانها، ودموية السلطة أمر بيّن لا يمكن تجاهله. فالامر بحق يستحق البكاء والنحيب. لكن ارجو الا نأخذ الامور بهذه البساطة والسطحية الشديدة بحيث ننجر الى المطالبات العربية (وخصوصا الخليجية) بجرجرة البلد والمنطقة بأسرها إلى حرب طائفية واقليمية بحجة «مظلومية الشعب السوري»!

نعم أقر بان الاوضاع في سورية مأساوية. لكن ما الجديد والمختلف في سورية عن الدول العربية الاخرى؟! لم اجد من بين الدول العربية الاخرى من هي جديرة بان تنادي بإنصاف وانقاذ الشعب السوري. الدول العربية لم تجرب الثورات حتى نصدقها. فلماذا نحاكم السلطة السورية على قساوتها؟ نعم يحق لفرنسا ان تتحدث عن حق الشعب السوري في تقرير مصيره وحريته كونها دولة ديموقراطية (بغض النظر عن نواياها المبيتة ونظرتها الاستراتيجية لمصالحها في المنطقة)، نعم يحق للولايات المتحدة ان تتحدث عن حق الشعب السوري في الديموقراطية كونها دولة عظمى وتهمها المصالح الاسرائيلية، بل ويحق للكويت ان تتكلم عن دموية السلطة ومركزية القرار فيها بالنظر ان لها دستورا ولديها إعلاما وحرية تعبير وبرلمانا قويا بيده تجديد الثقة من عدمه بحق رئيس وزرائها.
افهم كل ذلك، اما ان يتحدث من بيده قيادة الجامعة العربية، فهذه نكتة الربيع العربي! كيف اصدق هذه الحرقة على الشعب السوري وفريق الانقاذ العربي بحاجة لمن ينجيه! دول تشتاق للحرية الاعلامية، تفتقر لبرلمان ودستور، بخيلة في تداول السلطة، انظمة لا تفرق بين صندوق الانتخابات وقبر ضحاياها، وثم تأتي لتدافع عن خلاص السوريين!

يوجد لجانب سورية دولة اخرى اسمها فلسطين، او عفوا كانت بالماضي. في تلك الدولة المنسية تقع القدس، اولى القبلتين وثالث الحرمين. يعيش في تلك البقعة «الشامية» شعب عربي مسلم. اسرائيل احتلتها منذ قرن لأجل وعد بريطاني اسمه «بلفور». الشعب الفلسطيني «السني»، ظل يُقتل ويُذبح على ايدي الصهاينة لسبعة عقود مضت بأسلحة أميركية وغربية، وصودرت املاكه وهُجر ابناؤه واستبيحت اعراضه. الجدير بالملاحظة ان اميركا استخدمت الفيتو لحماية اسرائيل 33 مرة، لكن وليد الطبطبائي (ومن وراءه الدول العربية «والاسلاميون») مزق صورة ميدفيدف لأجل فيتو مزدوج مع الصين لأزمة مر عليها سنة واحدة، ونسي تمزيق صورة واحدة من بين 17 رئيس أميركي مروا على القضية الفلسطينية!
ما أجده امامي شيئين: كره شديد لنظام بشار، وانحياز كبير وشديد للطرف المقابل (والأول بسبب الثاني)! فمع أن الدولتين يعملان الشيئ نفسه، ومع ان اسرائيل واميركا فاقتا الدموية والدكتاتورية السورية من حيث المدة ومن حيث المقدسات ومن حيث تطاولهم على الشعوب العربية كلها لا الفلسطيني وحده كما الحالة السورية، برغم ذلك تجد النظام العربي يميل ناحية ويضرب صفحا عن الاخرى!

كلمة اخيرة اقولها لنوابنا الافاضل، اجتماعكم وتبنيكم لتسليح «الشعب» السوري يعني انكم صراحة تدخلتم في شؤون الغير، وبالتالي رسالة ضمنية بسماحكم للمرتزقة بالتدخل في شؤوننا!

السابق
الإحتلال يبدأ بناء جدار المطلة قريباً
التالي
ابي ارميا: مشروع الانفاق المالي يجب ان يتطابق مع الدستور