بطاقة الطالب غير صالحة للاستخدام!

يبدي طلاب الجامعة اللبنانية يأسهم من أي مطلب يتوجب على الإدارة تلبيته. لكنهم عندما يتعلق الأمر بالبطاقة الجامعية، يضيفون إلى اليأس بعض السخرية. فالبطاقة التي يفترض أن يستفيدوا عبرها من الخدمات والحسومات، داخل الحرم الجامعي وخارجه، كما هي الحال في الجامعات الخاصة في لبنان وخارجه، لا تقدّم سوى الحد الأدنى من دورها: التعريف بطالب الجامعة الوطنية.
يستغرب بعض طلاب "اللبنانية" لدى معرفتهم أن هذه البطاقة تقدّم خدمات أخرى في الجامعات الخاصة، خارج غرفة الدراسة أو الامتحانات. تعلّق زهراء ملّي (كلّية إدارة الأعمال والاقتصاد) حين تسمع ببعض الخدمات المتاحة لسواها: "هل هناك أمل بأن تبصر بطاقتي النور بعد أن وضعتها في محفظتي الصغيرة منذ بداية العام؟ لن أنكر أني استخدمتها، فأحياناً، أستبدل الهوية ببطاقتي الجامعية، لأن صورتي عليها جميلة وأفضل من صورة الهوية".

أما سوسن سعد (كلية الفنون – هندسة معمارية) فتحاول أن تتذكر الأماكن التي استخدمت فيها بطاقتها الخاصة بالجامعة اللبنانية. وسبب الارتباك في التذكر يعود إلى أن سوسن تحمل اليوم بطاقة أخرى، هي "بطاقة طالب عالمية"، حصلت عليها من السفارة النمساوية، أثناء زيارة سابقة إلى فيينا، في بعثة تعليمية. وتقدم هذه البطاقة حسومات في أماكن كثيرة، كالمطاعم والنوادي الرياضية والثقافية، بالإضافة إلى تخفيضات في اشتراك الإنترنت مثلا، في كافة بلدان العالم.
وتستعيد سوسن قصة حدثت معها ذات مرّة: "دخلت إلى محل لبيع الألبسة في منطقة الحمرا، انتقيت ما أريد وذهبت لأدفع، فقرأت ورقة معلّقة على الحائط: 30% حسم للطلاب. لم أكن أملك حينها سوى بطاقة الجامعة اللبنانية، فسألت المحاسب بخجل إن كانت بطاقتي تشمل الحسم، فاستغرب. لم يكن يعلم أننا لا نحظى بالحسومات من خلال بطاقتنا". وتضيف في معرض ذكرها لمدى "فائدة" البطاقة: "حين نذهب إلى ورشات عمل ميدانية، لا يسمح لنا صاحب المشروع بالدخول من خلال بطاقتنا، إنما يطالب بورقة موقعة خطياً من مدير الجامعة!".

وتبدي بتول خريس (كلية الإعلام والتوثيق – علاقات عامة) غضبها من هذا الاستهتار بحق طلاب الجامعة اللبنانية. تقول: "لن تخسر الجامعة شيئاً إن فعّلت خدمات بطاقتنا خارج الجامعة، إذ إننا لا نريد المطالبة بتفعيلها داخل الجامعة فنحن لا نستخدمها أبداً (تضحك). لا توجد تخفيضات في كافيتيريا الجامعة كي نستفيد منها بحسم سعر المأكولات، ولدينا بطاقة ثانية لمكتبة الجامعة كي نستعير الكتب، وبطاقة ثالثة كذلك خاصة بالامتحانات!" وتتابع: "استفدت من بطاقتي في مكان واحد فقط، وهو ناد رياضي عالمي، حصلت فيه على حسم 50% تقريباً. وهذا لأنه عالميّ، إذ إن الدول الأجنبية تقدّر الطالب وتشجعه على خوض الحياة كي لا يكون المال عائقاً". وتشدد بتول على المطالبة بتفعيل دور البطاقة الجامعية لتستفيد من الخدمات الصحية والطبية تحديدا.
أما أبرز الخدمات التي يدعو معظم الطلاب إلى الاستفادة منها من خلال البطاقة فهي: تخفيض كلفة الإنترنت (خدمة خاصة للطلاب)، كلفة "تشريج" الهاتف، النقل العمومي، معاهد اللغات، السينما، المكتبات، الأدوات الإلكترونية، الأدوية والمستشفيات.
والجدير ذكره، أن النائب الراحل بيار الجميّل تقدم في العام 2001 بمشروع قانون يتعلق بالبطاقة الطالبيّة، وتضمّن إعفاء الكتاب المدرسي والجامعي من أي رسم أو ضريبة على الإطلاق، واستفادة التلامذة والطلاب من أسعار مخفضة عند استعمالهم وسائل النقل العمومية، وتخفيض رسوم الامتحانات الرسمية، وإعفاء البيوت والعقارات المخصصة لإيواء الطلاب من ضريبة الأملاك المبنية والرسم البلدي، إضافة إلى إعفاء المؤسسات التجارية والصناعية والسياحية من الضرائب والرسوم واشتراكات الضمان الاجتماعي المتوجبة على أُجرائها من الطلاب الذين يتابعون دراستهم النظامية في المدارس والجامعات، وذلك طيلة فترة الدراسة، على ألاّ يتعدى مجموع أيام عملهم السنوي مئة يوم.
خلافا لطلاب "اللبنانية"، وإلى جانب التسهيلات الكثيرة المتوفرة لدى طلاب الجامعات الخاصة على الصعيد العلمي والعملي، استطاع هؤلاء الحصول على خدمات بطاقتهم الجامعية نسبيا. تقدّم حنان منصور (جامعة C&E – هندسة ديكور) بعضاً من خدمات بطاقتها الجامعية الخاصة. تقول: "تعرضت صديقتي منذ فترة إلى وعكة صحية داخل الجامعة، فأسعفها رفاقها إلى المستشفى، واستطاعت من خلال البطاقة أن تُعفى من 80% من التكاليف المتوجبة، لأن الجامعة تكفلت بتغطية تكاليف العلاج". وتضيف إلى ذلك الحسومات التي يحصل عليها الطلاب في المكتبات، وكذلك المعدات الهندسية والقرطاسية التي يحتاجونها في اختصاصاتهم.

ويختصر جهاد خليل (الجامعة الأميركية في بيروت – علوم سياسية) الجواب قائلاً: "حتى في الأماكن التي لا أحتاج فيها إلى تخفيض في السعر، أحظى بذلك من خلال بطاقتي".
والبطاقة الطالبيّة حقّ تحدّثت عنه وطالبت بتفعيله قطاعات شبابية في أكثر من حزب لبناني، كمشروع جديد غير سياسي، وهي واحدة من حقوق الطلاب الأساسية التي لم تبادر الحكومة إلى إقرارها حتى الآن. وكان التيار الوطني الحر قد أخذ المبادرة في المطالبة بهذا الحق، منذ خمس سنوات، فأطلق في هذا الإطار حملة توقيع وطنية.
ومن واجب الحكومة من دون أية منظمة أخرى أن تتولى دراسة المشروع وتمويله وإدارته وتفعيله وتطويره، أسوة بجميع الدول المتقدّمة. وذلك على أن تكون البطاقة مجانية وتجدّد سنوياً لكلّ طالب لبناني في أية جامعة أو معهد كان، وتكون التقديمات قابلة للزيادة مع الوقت وحسب الاقتراحات.

وبالعودة إلى الجامعات الخاصة، يشير عميد الجامعة اللبنانية الأميركية جوزيف جبرا إلى أن طلاب جامعتهم يستفيدون من بطاقتهم داخل وخارج الجامعة، مؤكدا على أن "البطاقة جزء من حقوق الطالب، ويترتب علينا أن نحفظ هذا الحق ونعززه".
ومن الجامعات الخاصة إلى خارج لبنان، يعدد واصف الشامي (جامعة كارلسروه لعلوم التكنولوجيا في ألمانيا) خدمات بطاقته: "لدينا الحق باستعارة كتب من كافة الجامعات في ألمانيا، تخفيض سعر المأكولات اليومية داخل الجامعة، تخفيض في سعر التنقلات داخل المدينة (مترو وترام) وخارجها (القطار)، أسعار خاصة للطلاب في كافة الأماكن الثقافية والسياحية والنوادي الرياضية، أسعار منخفضة لخطوط الهاتف وكلفة أدنى للدقيقة، وتخفيض رسوم بعض المعاملات الرسمية ". أما هبة جمعة (جامعة هنري فورد الأميركية – علم الأحياء وعلاج الأدوية) فتلفت إلى أن الطلاب في أميركا يعاملون أفضل معاملة، ويحصلون على حسومات مالية في كافة أنحاء الولاية.
وتبدو المقارنة هنا مجحفة للوهلة الأولى، في بلد يفتقد إلى أدنى الخدمات التي يتحدث عنها الطلاب اللبنانيين في الخارج، ووسائل النقل أبرز دليل على ذلك. لكن فشل الدولة في تأمين هذه الخدمات على مدى سنوات الوعود الماضية، لا يعني بالضرورة أن تسير الجامعة اللبنانية على الخطى ذاتها. فالبطاقة الجامعية حق للطالب أينما وجد، وربطها بتسهيلات يستفيد منها في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة لا تتطلب الكثير.. ربما فقط قرار بالالتفات إلى حقوق الطلاب فحسب.

السابق
سوريا.. ونفاق الغرب
التالي
سفارة اجنبية