جنبلاط_حزب الله: الصدام مؤجّل؟

ليس في «أجندة» وليد جنبلاط و»حزب الله» مشروع مواجهة، على رغم القطيعة، فكلاهما يحتاج إلى الآخر. لكن صُوَر موشي دايان في تظاهرة البعثيّين رفعت الحرارة…

لا اتّصال بين النائب وليد جنبلاط و"الحزب" على مستوى القيادة منذ لقائه الأخير مع السيّد حسن نصرالله في تشرين الأوّل الفائت. لكنّ أركان الحزبين استمرّا في التواصل، خصوصاً على مستوى الجبل، لأنّهما يريدان إبعاد كأس التوتّر الميداني الذي تذوّقا مرارته في أيّار 2008. وعقد الطرفان ما يشبه "معاهدة عدم الاعتداء"، عبّر عن مضمونها الوزير حسين الحاج حسن في العشاء الذي جمع وزراء ونوّاباً وكوادر في منزل الوزير غازي العريضي في كانون الثاني الفائت، إذ قال إنّ الخلاف حول ملفّات بينهما (الملف السوري) لا يُفسِد الودّ القائم.

قرّر جنبلاط أن ينأى بـ"حزب الله" عن صراعه المفتوح مع النظام السوري. وقدّم إليه عناوين للاطمئنان:

– لن أفتح ملفّ سلاح "الحزب" حتى إشعار آخر.

– سأكون صلة الوصل بينكم وبين تيار "المستقبل"، وستحتاجون إليّ. ومن هنا طرحُه الطائف السنّي – الشيعي.

– لن أشارك في إسقاط الحكومة التي تتمسّكون بها حتى إشعار آخر.

– لن أكون إلى جانب 14 آذار في ملفّ المحكمة الدوليّة، بل مع الوسطيّين. ويعني ذلك أنّه سيلتزم السقف الأدنى لمراعاة متطلبات المحكمة، وليس السقف الذي يريده فريق 14 آذار.

في لحظة معيّنة، أراد جنبلاط حماية رأسه والدروز حتى مرور العاصفة، وأراد "الحزب" الإبقاء على جنبلاط في حضن الأكثرية وورقة يمكن الإفادة منها إذا ما ذهبت الرياح السوريّة بما لا تشتهي سفن "الحزب". إنّه تحالف المصلحة لا زواج المتعة.

تواصل مناطقيّ يمنع الفتنة

لكنّ جنبلاط يرفع اليوم السقف مع النظام إلى حدود يمكن أن تُحرج "حزب الله" أكثر ممّا كان يَتوقّع. وهناك مَن يقول إنّ القيادة السوريّة تركت لـ"الحزب" التصرّف مع جنبلاط وفقاً لما تراه مناسباً لها على الساحة اللبنانية. فالنظام السوري لا يجد فائدة في دفع "حزب الله" إلى التضامن معه ضدّ جنبلاط. والخسائر التي سيجنيها "الحزب" من ذلك ستُضعفه، وتالياً ستنعكس مزيداً من الضعف للنظام نفسه على الساحة اللبنانية.

إلّا أنّ الكثافة الناريّة التي صبّها جنبلاط على الرئيس بشّار الأسد واجتماعه بالشيخ أحمد الأسير دفعا بالأمور إلى الأسوأ بين الطرفين. وجاء وضع جنبلاط في صورة موشي دايان، في تظاهرة حزب البعث، الأحد الفائت، ليثير إشكالاً تأثّر به "حزب الله". فـ"الحزب" تضامن مع البعثيّين، وإعلامه سلّط الضوء على حِراكهم المناوئ لجنبلاط. وثمّة كلام يتردّد في أوساط الكوادر الاشتراكية مفاده أنّ "الحزب" كان قادراً بما له مِن وزن و"مَوْنة" على البعثيّين أن يمنعهم من الوصول إلى حدود المسّ بالزعامات والرموز. وتردّد أيضاً أنّ البعض طرح فكرة القيام بحراك شعبي مقابل، يدعم جنبلاط ويستنكر التعرّض له، ولكنّ الحرص على التهدئة حال دون ذلك.

وفي ظلّ انقطاع شبه تامّ في التواصل على مستوى رفيع، جاء كلام العريضي قبل يومين على اتّصالات بينه وبين رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في "الحزب" الحاج وفيق صفا. إلّا أنّ المعلومات المتوافرة تشير إلى أنّ قيادة "الحزب" تقفل الباب تماماً في وجه جنبلاط، معتبرةً أنّه يستفيد من الوضع العام في لبنان والمنطقة ليتنقّل بخياراته في شكل متناقض. ومن هنا، يبقى التواصل الفعليّ محصوراً بالمستويات الحزبية المناطقية في الجبل، لضرورات الاستقرار الميداني ومنع الفتنة.

فهل سيستمرّ "الحزب" في تحييد جنبلاط عن حملاته، وترك الأمور عند حدود القطيعة السياسية، أم أنّ حجم التوتّر الذي سيثيره الملف السوريّ في المرحلة المقبلة سيدفع "الحزب" إلى القيام بما لا يرغب فيه، أي الانتقال من القطيعة إلى المواجهة، خصوصاً أنّ الأجواء التي رافقت لقاءه الأخير مع جيفري فيلتمان في المختارة ما زالت تتفاعل؟ وهل تزيد مواقفه الداخلية من استياء "حزب الله"، خصوصاً بعد مقاطعته الجلسة الأخيرة للمجلس النيابي، فتنفجر العلاقة حيث لا يريد كلاهما؟

السابق
روسيا تلعب في الوقت الضائع
التالي
مؤتمر الأونيسكو في صيدا يركّز على الفقر والمخدّرات