صوت الشباب اللبناني في الأغاني

الشارع لم يحقّق الهدف المرجو منه، التظاهرات والشعارات كلّها لم تنقذ الشباب اللبنانيين من غلاء الأسعار والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، وصوتهم لم يصل الى المسؤولين القادرين على فتح الأبواب أمامهم. وبقيت وسيلة يتيمة ذات شعبية كبيرة يمكن أن تضيء على القضايا الشبابية التي تزداد تأزماً يوماً بعد يوم، وهي الأغاني الشعبية التي تكتسب زخماً كبيراً، خصوصاً في الوقت الذي يجد الكثير من الشباب أنّ الأبواب تُقفل أمامهم ولا طريقة للانتفاض على هذا الواقع، فإذا كانت أغاني الحبّ والعشق هي التي تطغى على المقاهي والنوادي التي يجتمع فيها الشباب منذ فترة قصيرة، تسود اليوم ظاهرة الأغاني التي تُعبّر عن الواقع كما هو، من دون أي إضافات تجميلية، فتدبّ الحماسة بين سامعيها، ويشعرون بأنّ هناك من يتكلّم باسمهم.

خلال فترة قياسية أصدر أكثر من خمسة فنّانين لبنانيين شباب، أغاني تعكس الواقع المحليّ من ناحية صعوبة الزواج وتأمين لقمة العيش، فالفنّان أيمن زبيب غنّى «شو بعملِّك» وهي موجّهة الى حبيبته التي يخاطبها ليقول لها إنه غير قادر على تأمين منزل لها في ظل الوضع الاقتصادي، وعلى رغم أنه يحبها كثيراً فهو يصارحها بأن لا أملاك لديه، وأنه ينتظر أن يفتح الله الأبواب أمامه ليستطيع الزواج بها. وكذلك أطلق الفنان الشاب عامر زيّان أغنية «شاب وعم أسس حالي» ضمن السياق نفسه، ليوصل صوت الشباب اللبنانيين غير القادرين على تأمين متطلبات حبيباتهن اللواتي يلجأ بعضهن نحو البحث عن الشاب الأكثر ثراء لتحمي نفسها من الفقر. أما الفنان شادي شريف، فيعبّر عن رؤية بعض الشباب تجاه الفتيات اللواتي لا يطلبن الكثير من الحب بقدر مظاهر الجاه والفخامة، في أغنية «بريستيجا ما بيسمحلا»، وصولاً الى أغنية «خلص» للفنان الشاب سجال هاشم، التي تعكس تعب الشباب من المتطلبات الكثيرة في الحياة، وخصوصاً حين تكون لديهم مسؤوليات عائلية. كما كان للفنان الشاب إبراهيم سعيد محطة رئيسية عبر أغنية «أسرعوا»، التي يتوجه فيها الى كل الشباب اللبنانيين ليحثهم على الزواج، ويذكّرهم بأهلهم الذين أسسوا عائلاتهم من دون أن يكون لديهم القدرات المالية العالية. وعلى رغم أن الأصوات الأنثوية لم تبرز بعد في سياق هذه المواضيع الاقتصادية، فقد علمت «الحياة» أن هناك مشاريع فنية للعديد من المغنيات ليعبّرن عن هموم الشابات اللبنانيات أيضاً وحاجتهن الى التعبير عن أفكارهن.

هذه الأغاني وغيرها باتت الرفيق اليومي للّبنانيين، وخصوصاً الشباب منهم، في جلساتهم وسهراتهم وخلال تنقلهم في السيارات، حتى أن بعض الشباب يستخدمونها لإيصال رسائل مباشرة الى حبيباتهن ليدركن الإمكانات المحدودة التي يملكونها. وتشرح المتخصصة في العلوم الاجتماعية لما كرم هذه الظاهرةَ بالقول إن بعض الأغاني الشعبية تكتسب شهرة كبيرة خلال فترات زمنية معينة لأنها ترتبط بشكل وثيق بالمجتمع الذي تتوجه إليه. وتقول: «إذا كانت هذه الأغاني محبّبة جداً في لبنان، فقد لا يكون لها الصدى نفسه في دول أخرى، حيث لا يعاني الشباب من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية نفسها» كما تقول حيدر. وتضيف أن مثل هذه الأغاني ستعرِّف بجيل الشباب خلال السنوات المقبلة، لذا فهي تكتسب قيمة كبيرة بالنسبة الى المجتمع اللبناني بما أنها تُعبّر عن اتجاهات سائدة بين الشباب وليس ضمن فئة معينة فقط. ولا تستغرب حيدر تعلق الشباب الكبير بهذه الأغاني لأنها توصل أفكارهم وتبرز مشاكلهم على الملأ، وتتوقع أن تزيد هذه الصيحة أكثر فأكثر طالما ان الوضع الاقتصادي يتجه الى المزيد من التأزم. وتلفت حيدر الى ان هذا الاسلوب الغنائي لا يقع في خانة الفن الشعبوي، انما يعكس حقيقة الواقع «فإذا كان أي من المسؤولين يريد معرفة وضع الشباب، لا بد له من أن يستمع الى هذه الأغاني».

السابق
المرأة تقبض راتب زوجها !!
التالي
لماذا بكى وزير الداخلية؟