شكراً للجيش والقوات الأمنية

في المكونات الوطنية للشعب اللبناني، أنه لا أسلاك شائكة وفاصلة بين طوائفه ومذاهبه ومناطقه، تحت سقف الدولة والقوانين ومعايير الصالح العام، وأن التعدّد والتنوع والتباين في العقائد والمواقف، وظهور حالات من الإنقسام والتضاد السياسي بين شرائح هذه المكونات. لا تشكل حاجزاً ومانعاً للتلاقي والتفاهم والحوار بشأن تسويات وحلول نهائية وكاملة للمسائل الخلافية والقضايا العالقة على الصعيد الداخلي، وهذا من الأنماط الديمقراطية والمضامين الدستورية للعهد في المعالجات الجارية للوضع الراهن، حيث يحرص رئيس الجهمورية العماد ميشال سليمان من خلال جلسات مجلس الوزراء على إخضاع الخلافات إلى منطق الحلول الوفاقية، وليس إلى منطق المحاصصة والمصالح الذاتية لهذا أو ذاك.

غير أن اللافت، هو دخول الخلافات العربية – العربية على خط التباينات اللبنانية – اللبنانية السياسية، فتحصل اعتصامات مضادة ومتقابلة في الساحة الواحدة، ولكل اعتصام شعاراته وهتافاته وجمهوره، وطروحاته، الأمر الذي يضيف إلى متاعب الدولة والمواطنين متاعب أمنية وسياسية، تنعكس سلباً على الوضع الداخلي المتأزم أصلاً بالخلافات المحلية، والمثقل أساساً بتداعيات الخلافات العربية – الناشئة والناشبة حول مستجدات الوضع السوري، بحيث تشكل الإعتصامات المتقابلة عبئاً مضافاً إلى أعباء الدولة ومعاناة الشعب.

ولكن هذه الإعتصامات، لم تتحول إلى اشتباكات ومصادمات وميادين اقتتال، فبقيت محصورة في أماكن تجمعاتها بالرغم من سخونة شعارات بحق هذا الطرف أو ذاك، والفضل في ذلك، يعود إلى الإجراءات والتدابير العسكرية والأمنية التي سبقت ورافقت الاعتصامين المتقابلين وارفضاضها سلمياً، حيث شكّل انتشار وحدات من الجيش والقوى الأمنية على مداخل العاصمة وفي ميادينها وشوارعها المظلة الواقية للمعتصمين من اختراقهم بالطوابير الخامسة التي تحترف الفوضى والتفجير وإثارة الفتن.
ويضاف إلى التدابير العسكرية والأمنية في هذا الشأن، أمر هام جداً، وهو السماح للمعتصمين واعطاؤهم حق التعبير عن آرائهم وطرح مبادئهم. بما لا يؤدي إلى الإخلال بالأمن والتحريض على الفتنة، والتهديد للسلامة العامة والسلم الأهلي، وهكذا نجحت الدولة في حماية أمنها وأمن المعتصمين ونال المعتصمون حق التعبير الذي يكفله الدستور، كما ربح الجيش والقوى الأمنية تقدير المسؤولين والمواطنين وتثمينهم للإجراءات والتدابير لتي نفذوها لحماية العاصمة وكل لبنان من التحضير والإستحضار للعودة بهما الى اعتصامات كبرى سبقت عهد الرئيس سليمان.

والمفارقة في عِلْم الإعتصامات وأعلامِها، أن في لبنان اعتصامات لبنانية ببُعد عربي ودولي، ولكن لم يلحظ اللبنانيون اعتصامات عربية ودولية يوماً لدعم لبنان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

السابق
لا حرب أميركية ولا قنبلة نووية إيرانية
التالي
اللشرق الأوسط: نزوح جماعي من سوريا إلى لبنان هربا من اقتحام الفرقة الرابعة لمدينة القصير