اوهام فضل شاكر… غريبة !!

لم يكن مشهد الشيخ أحمد الأسير في ساحة الشهداء، قبل يومين، نافراً، فهذا هو على طبيعته، وهذا ما نتوقعه من سلفي اختار هذا الطريق، وهو حر بذلك، وواضح. أما مشهد الفنان فضل شاكر فهو النافر بالفعل، لا لأنه مثّل وجهة نظر سلفية، وأعلن بكلامه انحيازاً لتيار سلفي، فللسلفيين كل الحق في التعبير عن آرائهم وسياساتهم، ما داموا لا يكفرون الآخر ويهدرون دمه… كان نافراً لأنه ليس سلفياً وادعى ذلك.

المشكلة في انزلاق النجومية الفنية نحو ركوب موجات دينية أو سياسية، وقد صارت ظهور الناس مبرية من ركوب الزعماء السياسيين للموجات، بل في كثير من الأحيان يصنعون الموجة على قياسهم كي يركبوها باطمئنان، فماذا يفعل فضل شاكر؟ هل تفتق ذهنه في هذه المرحلة المتوترة والمستعرة بنار الحروب عن أحلام ركوب موجة سلفية؟ هل تبدلت أحلام النجومية في منطقتنا وتغيرت، وباتت شخصية بن لادن، مثلاً، «هوليوودية» يحلم بها حتى نجوم السينما والطرب وأصحاب الإرب؟
ربما الطموح الجامح هو الذي أخذ فضل شاكر إلى مقلب آخر بعيد عن الطرب وأهله، أخذه إلى المقلب النقيض. إنها مسافة طويلة ونقلة عجيبة قطعها الفنان على بساط الريح بسرعة قياسية.

قبله فكّر ملحم زين في الالتحاق بالموكب العاشورائي قارئاً في المجالس، لكنه تردد. لا مانع عندي من أن يغير الفنان قناعاته، فالعديد من الفنانات المصريات تِبْنَ إلى ربهن وانقطعن لفروضهن الدينية، واعترفن بأنهن مارسن الفحشاء، لكن الله غفور رحيم. هذا حصل ويمكن أن يحصل كل يوم، إلا أنهن لم يتركن قدماً على عتبة الماخور وأخرى على عتبة المسجد. هنّ أعلنّ قناعتهن الجديدة والتزمن بها، غير أن فضل شاكر لم يحسم أمره بعد، إنما أراد أن يفتعل عاصفة حول اسمه ورسمه، وربما أراد أن يزيد من شهرة أغانيه وفيديو كليباته على ظهر الموجة السلفية.

لماذا لم يعلن شاكر توبته من حياة الطرب ومجونها وفسقها التي يحاربها السلفيون، قبل أن يبدي استعداده ليكون سلفياً. والعجب في أن السلفيين قبلوه قبل أن يعلن توبته، فكما يبدو، الحاجة تبرر هذا السلوك، وأفكار الأسيريين لم تثبت بعد.
كل نجوم الفن الذين يطلقون تصريحات طائفية أو مذهبية أو دينية لركوب موجة يعبّرون عن قصور في تفكيرهم، لأن في ذلك انتحارا في ساحة لا يربح فيها إلا الزعيم الطائفي. لا أعرف لماذا ينزلق هؤلاء إلى وحل الطائفية ولا مصلحة لهم في ذلك، فكل الانزلاقات تمكن معالجة كسورها ما عدا الإصابة بالمرض نفسه الذي يحول خريطة لبنان إلى جراحات لا تشفى.

ليت فضل شاكر يحسم وضعه، فلا يضحك على عباد الله الصالحين، ولا على عباد السهر والفرفشة، ويعلن هويته الحقيقية، وإلا فهو يعيش ازدواجية تحمل نقيضين، يقاتل فيها نفسه بنفسه، فتصبح أحلامه أخيراً على قارعة الطريق.

السابق
تراث صور مهدد بالخطر!!
التالي
حين سأل طفل عن الشيخ الأسير…