اللواء: جنبلاط يقابل هيغ .. وجعجع من قطر يرفض استجداء تسوية الـ 11 مليار دولار

اوقعت كتلة 8 آذار النيابية نفسها ومعها البلد في «شرك افعالها» كما يقال، وكادت ان تجني على نفسها، فهي لم تربح مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة، واوشكت ان تخسر شريكها في الحكومة النائب وليد جنبلاط الذي حوّل الاقلية الى اكثرية في «لحظة تجلي» بعد «لحظة تخلي» غداة احداث ايار 2008.
والابعد من نتائج الاجتماع الذي ضم الى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي كلاً من النواب ميشال عون وسليمان فرنجية ومحمد رعد وطلال ارسلان، وهم رؤساء الكتل المنضوية في 8 آذار، هو وقوع البلد بأسره في «أزمة دور» تحت عنوان مالي اذ كيف يمكن الخروج من ازمة الانفاق المالي في ظل ازمة ثقة سياسية يعمق من شرخها عون وفريقه، وتبدو رئاسة المجلس مغلوبة على امرها، ولم تجد مناصاً من قبول اللعبة الديمقراطية لتعطيل نصاب الجلسة التشريعية من قبل نواب المعارضة، بعدما تضامن معهم نواب جنبلاط، وتحديد موعد جديد لجلسة نيابية في 15 آذار الحالي، يتصدر جدول اعمالها مشروع قانون بتخصيص اعتماد 8900 مليار ليرة للانفاق الاضافي.

ولم يشكل قرار رؤساء كتل 8 آذار بتكليف وزير المال محمد الصفدي اعداد مشروع قانون بقطع حساب يتضمن المبلغ الذي انفقته حكومتا الرئيس فؤاد السنيورة والمعروف بـ11 مليار دولار، مضافاً اليه المبلغ الذي انفقته حكومة الرئيس سعد الحريري والبالغ خمسة مليارات دولار، اي بما مجموعه 16 مليار دولار، واحالته الى المجلس النيابي، عبر الممر الالزامي وهو لجنة المال والموازنة، حلاً في نظر نواب المعارضة، طالما انه يجتزئ الانفاق المالي، بل اعتبر «لعبة شطارة» وتضليل للرأي العام ومحاولة لاقرار مشروع 8900 مليار ليرة، منفرداً بعد فصله عن الموضوع الاساسي، حسب مقرر لجنة المال النائب جمال الجراح، الذي اعتبر ان اجتزاء الموضوع لا يحل الاشكال، مؤكداً بأن الحل يكون عبر حل شامل يشرّع كل انفاق المرحلة السابقة، واتاحة المجال لهيئات الرقابة للتدقيق بكل الحسابات المالية. هو المعنى الذي جدد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع التأكيد عليه من قطر، وقبل عودته ليلاً الى بيروت، عندما لفت الى «اننا لا نريد تسوية ولا براءة ذمة ولا مقايضة في موضوع الـ11 مليار دولار، بل ان يتعامل الجميع تحت سقف القانون سواسية، مكرراً وصفه الحكومة الحالية بأنها اكثر حكومة فاسدة في تاريخ لبنان».

أما جنبلاط الذي يتابع زيارة إلى لندن، التقى خلالها وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ في حضور وزير الدولة للشؤون الخارجية اللورد هاول، فقد رفض الانجرار للرد على بعض الشبيحة، داعياً الحكومة إلى الالتفات لمتابعة شؤون النازحين السوريين وأن تقدّم لهم يد العون، لا سيما وانهم يهربون من آلة القتل التي تلاحقهم من كل حدب وصوب.
مجلس الوزراء
وبانتظار موعد الجلسة الجديد، الذي لا يبدو انه سيحمل علاجاً للانفاق المالي، خصوصاً وأن السنة المالية 2011 انتهت بدورها، على غرار سابقاتها من دون موازنة عامة، يختبر مجلس الوزراء غداً الأربعاء تضامنه مع تغييب التعيينات عن جدول الأعمال مرّة ثانية، وسط معلومات ترددت في غير موقع رئاسي، من ان الاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا بين الرئيس ميشال سليمان الذي غادر أمس إلى الدوحة، والنائب عون، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، لم يُنجز تفاهماً يسمح بتعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى، في وقت قريب، قبل ان يتفاعل الموقف لدى وزير العدل شكيب قرطباوي، ويكرر بطريقة أخرى سيناريو الوزير شربل نحاس.

ومع ذلك، فان جدول أعمال مجلس الوزراء غداً والذي يتضمن 69 بنداً، حمل بنوداً «دسمة»، توزعت على مختلف قطاعات الدولة، الدفاعية والاقتصادية والمالية والإعلامية والسياحية والبيئية، فضلاً عن الطاقة، إذ سيناقش المجلس من بين بنوده تطويع 200 تلميذ ضابط لصالح الجيش واقتراح قانون بإسقاط فواتير كهرباء مستحقة حتى 31/12/2011، ومشاريع قوانين تتعلق بتبييض أموال وتبادل معلومات ضريبية، وموضوع استقرار سعر الخبز المقدم من وزارة الاقتصاد، وتنظيم الاعلام الالكتروني، وانشاء المركز اللبناني لحفظ الطاقة، ومذكرة تفاهم مع ايران مقدمة من وزارة الطاقة، في مجالي الطاقة والمياه، وانشاء مجلس للترويج للسياحة، إلى جانب موضوعات تتعلق بأوضاع الكسارات والمرامل، وواقع صيدا البحري، وعرض لموضوع الابنية المتصدعة في الناعمة.

الجلسة النيابية
إلى ذلك، لاحظت مصادر نيابية أن توزيع رئاسة المجلس جدول أعمال الجلسة التشريعية التي لم تنعقد أمس، وارجئت إلى 15 آذار الحالي، كان محاولة للإيحاء بأن تعطيل النصاب من قبل نواب المعارضة عطّل عملية التشريع التي كانت مقررة، خصوصاً وأن جدول الأعمال تضمن بنوداً مهمة، تطال أفراد الهيئة التعليمية في ملاك التعليم الرسمي الأساسي، فضلاً عن توسيع ملاك القضاة، وتحديد بدل النقل اليومي والمنح المدرسية وتحديد السنة السجنية بتسعة أشهر، علماً أن التعطيل جاء على خلفية عدم إيجاد حل بسلة واحدة لمشكلة إنفاق الـ 11 مليار دولار والـ 8900 مليار ليرة.
وبحسب هذه المصادر، فإن الأمور باتت معقّدة أكثر مما يتصوره البعض، خصوصاً وأن الاستمرار في التمترس وراء المواقف سيزيد «الطين بلّة»، وسيبقى العمل التشريعي أسير الخلافات المالية، وبالتالي فإن هذا الجو سيعيق النهوض الاقتصادي والمالي الذي بلغ حداً من السوء لم يعد يُحتمل.

واللافت أن عون وصف غياب نواب المعارضة بأنه «هريبة»، متسائلاً: كيف يتقدمون باقتراح معجل مكرر حول الـ 11 مليار دولار ويهربون من حضور الجلسة؟ ولماذا يخافون من تقديم قطع حساب، موضحاً أن النزاع الحقيقي هو حول قطع الحساب، لكنه لم يشر إلى آلية طرح هذا الاقتراح، وعما إذا كان هو قبل بمناقشته في مجلس النواب أسوة بمشروع قانون الـ 8900 مليار ليرة.

الجرّاح
وفي هذا السياق، أكد مقرر لجنة المال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب جمال الجرّاح لـ «اللواء» أن اجتزاء الموضوع لا يحل الإشكال، ونحن ندعو لحل شامل يشرّع إنفاق المرحلة السابقة، وبالتالي إتاحة المجال أمام هيئات الرقابة للتدقيق بكل الحسابات، لافتاً إلى أن محاولة إقرار 8900 مليار ليرة، من دون إنفاقات السنوات السابقة، ومن ثم وضع الأمور أمام أمر واقع، هو عمل سياسي ومحاولة للهروب من عدم إقرار الموازنات السابقة، وبالتالي فإن الحل يكون ضمن هذا السياق سياسياً، لافتاً النظر إلى أن اقتراح القانون المعجل الذي قدمته الكتلة واضح سواء على صعيد الانفاق أو الظروف المتشابهة أو الآليات نفسها، وأن المادة الأولى للاقتراح تعالج مسألة الـ 8900 مليار ليرة والثانية لمسألة الـ 11 مليار دولار، مؤكداً أن اقتراح القانون والمشروع الحكومي متساويان من حيث أبواب الإنفاق وطريقته وظروفه والهيكلية، ومن حيث الضرورات، فلماذا الشطارة وتضليل الرأي العام.

وتساءل: لماذا الإصرار على إقرار المشروع لسنة 2011 طالما انها انتهت وأصبح وضعها شبيهاً بالسنوات السابقة؟
وختم بأن الحل لا يكون إلا بالتساوي، فإما ان تحال كل المشاريع والاقتراحات إلى الهيئة العامة او إلى اللجان، او ان المجلس سيبقى معطلا.
ومن جهته، اكد وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، ان مقاطعة الجلسة لا يعتبر لا خروجا من الاكثرية ولا خروجا عليها، بل ينطلق من الحرص على عدم حصول شرخ اضافي في الحياة السياسية والوطنية التي تعاني من الكثير من الانقسامات المحلية والطارئة والمقبلة مما يجري حولنا.

واوضح بأن هذا الموقف تم ابلاغه إلى الرئيسين بري وميقاتي والى حزب الله، ولا اعرف سبب التأويلات والاستنتاجات وان هناك من يريد ان يكسرالاكثرية وينقلها الى مكان آخر، مشيرا إلى ان الانفاق السابق الذي يقاصص عليه الرئيس فؤاد السنيورة هو انفاق الجميع، وقال ان معظم القوى السياسية المشكلة لهذه الحكومة كانت في حكومة الوحدة الوطنية، ولا يستطيع احد ان يدعي انه بريء من دم هذا الانفاق.
وثيقة «المستقبل»

من جهة ثانية، تعلن في الرابعة من بعد ظهر غد الاربعاء وثيقة تيار «المستقبل» من «بيت الوسط»، في احتفال يتحدث فيه الرئيس سعد الحريري، من خلال شاشة التلفزيون، ثم يتلو الرئيس السنيورة الوثيقة التي تتناول موقع التيار من الربيع العربي وانعكاساته.
ولاحظ عضو الكتلة النائب عمار حوري لـ «اللواء» ان وثيقة «المستقبل» لا تتعارض مع الوثيقة السياسية لقوى 14 آذار والتي ستعلن في احتفال تقرر ان يقام في «البيال» في ذكرى انتفاضة الاستقلال، لأن الاولى محصورة بالربيع العربي، فيما الثانية سياسية وكاملة، تحدد الرؤية السياسية للمرحلة المقبلة علىمختلف الصعد.

السابق
الأسيروفوبيا: ابتسم أنت في التيّار الوطني الحر
التالي
الراي: لبنان في قلب الإعصار السوري وارتداداته من خلال النزوح البشري و النزوح السياسي لجنبلاط