لماذا يكرهوننا؟!

كان يكفي الاستماع إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما متحدّثا أمام المؤتمر اليهودي العام حتى يشعر المرء بقدر كبير من الإحباط من هذا الخطاب المنحاز بالكامل للكيان الإسرائيلي من غير أنْ يأخذ في الاعتبار أي حقوق فلسطينية عربية، أو إشارة إلى عملية السلام بشكل جدي وواضح.
جُلّ ما تحدّث عنه الرئيس الأميركي كان محاولة لخطب الود الصهيوني، تحضيرا للانتخابات الرئاسية المقبلة أواخر هذا العام.

لم نكن نستمع يوم أمس إلى الرئيس باراك أوباما، بل كنّا نستمع إلى المرشّح للرئاسة باراك أوباما الذي يخطب ود إسرائيل أمام أكبر مؤتمر يهودي في الولايات المتحدة، حيث يتنافس الجمهوريون والديمقراطيون على المزايدة في الكلام عن أمن إسرائيل مع وابل من التطمينات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وكأنّما الولايات المتحدة قد وُجِدَتْ لتكون خادماً مُطيعاً لإسرائيل، والمرشحون الأميركيون للرئاسة يأتون إلى هذا التجمّع الذي يمتلك قوة ضغط إعلامية ومالية وسياسية هائلة للتنافس على عرض خدماتهم وكسب الرضا اليهودي والصهيوني.

ولعلّ أوقح ما جاء في خطاب أوباما بالأمس قوله بأنّه يرفض فكرة أنّ «الصهيونية حركة عنصرية»!!! وفي هذا الكلام خلل كبير في المعايير التي تبني عليها الدول المحترمة سياساتها وافكارها. فإذا لم تكن الصهيونية بجرائمها حركة عنصرية فإنّ كل الحركات العنصرية من نازية وفاشية تصبح ملائكية أمامها.
ومن هنا يبدو أنّ المفعول الرجعي لكلام أوباما هو مفتتح تاريخي لإعادة تعريف العنصرية بكل أشكالها وأنواعها ولنبدأ من الاستيطان الأوروبي للقارة المكتشفة في القرن الخامس عشر حتى اليوم، عندها سنكتشف أنّ إسرائيل وأميركا تتشاركان بمواصفات كثيرة تجعلهما متشابهتين، وهذه المواصفات تبدأ بالإبادة الجماعية للسكان الأصليين وطردهم من أرضهم ولا تنتهي بالذهنية الاستعمارية التوسعية التي تمارسها الدولتان في العالم العربي والإسلامي.
بعد ذلك يسألك الأميركيون لماذا تكرهوننا؟؟!

ينبغي لأحدهم أنْ يوزّع خطاب أوباما يوم أمس على الشعب الأميركي فردا فردا مع شرح مفصّل حول هذا السؤال الجوهري، ربما سيجد دافع الضرائب الأميركي المُضلّل والبسيط جوابا وافيا على هذا السؤال: نعم نحن نكرهكم.  

السابق
نحن مع الأسلاك
التالي
يكفيهم أنهم جذبوا كل هذا الانتباه