فلتندد اسرائيل بمذبحة سوريا

جاء من دمشق، ويقول ان هذا أول لقاء له مع اسرائيلي. وهو طبيب؛ له عيادة في باريس وعيادة في دمشق، وهو ينتقل مع عائلته منذ سنين طويلة بين العاصمتين. وهو يعلم جيدا من الذي يحادثه وبرغم ذلك يتحدث اليه باعتباره شخصا من المؤسسة. وهو في نهاية الخمسينيات من عمره. وهو منضبط وذو علم، يقرأ كثيرا عن اسرائيل ويتحدث عنا حديثه عن «عدو مقدر».

وهو يتحدث عن معهد وايزمن وعن التخنيون وعن التجديد وعن الأدب العبري وعن حنكة الجيش الاسرائيلي وقوة الشبكة اليهودية في العالم وعن صلتها المتميزة كثيرا باسرائيل وعن الزراعة في اسرائيل وعن خصبها الكبير قياسا بأماكن اخرى في العالم، وأنت تسمع هذا ويكاد وجهك يحمر خجلا. اعتقدنا قبل خمسين سنة أو ستين أنكم ظاهرة مؤقتة، يقول، لكنه مر وقت كثير منذ ذلك الحين. وقد أدركنا قبل سني جيل وأكثر أنكم ستظلون جيراننا سواء أحببناكم أم لا، واقول للحقيقة إن أكثرنا لا يحبكم. وقد فعلنا حماقات كثيرة لكن وجدت عدة لحظات في التسعينيات كان يمكن فيها صنع السلام، وكنا مستعدين لذلك على أثر تحلل الاتحاد السوفييتي ولم تنتهزوا أنتم الفرصة، ولم تنتهزوا ايضا فرصة المبادرة العربية، لماذا رفضها شارون؟
أغضبتنا جدا عملية «الرصاص المصبوب» في غزة. لا تستهينوا بالعلاقة بيننا وبين الفلسطينيين، فقد غضبوا في كل بيت في سوريا. لماذا كان يجب عليكم ان تقتلوا فلسطينيين كثيرين بهذا القدر؟ ألا توجد لديكم طرق أشد إحكاما لانهاء اطلاق الصواريخ عليكم؟ لكنه حدثت أمور في الاثناء. رئيسنا قتل منا أكثر كثيرا مما قتلتم من الفلسطينيين، ونحن نتوقع منكم ان تقولوا شيئا ما بصوت عال. ان تقولوا شيئا ما عن سلوك بشار الاسد ورجاله، غير الانساني. لا أعتقد أنكم تنسقون معه لكن الناس في شوارع دمشق على يقين من أنكم معنيون باستمرار حكمه لأنكم ترونه «الشيطان المعروف» فقط.

حينما قال شخص ما عندكم انه يجب الاستعداد لمئات آلاف اللاجئين السوريين، أصبح ذلك يرى فورا تأييدا للعلويين، وكان صمتكم هادرا.
سألته: ماذا تريد، تريد ان تقول حكومة اسرائيل انها تؤيد معارضي النظام وتجعلكم جميعا «صهاينة» في تلك اللحظة وتجعل اسرائيل تقوم من وراء التظاهرات؟
قال: لا، لكن لا يجوز لكم ان تصمتوا. أنتم تتحدثون كثيرا عن الاخلاق اليهودية ويجوز لكم ان ترفعوا أصواتكم بأنهم يقتلون الاولاد بلا رحمة، ويجب ان نسمع هذا الصوت.
ان معارضة بشار متحدة على ارادة اسقاطه فقط. وليس لها زعيم حقيقي ولا قاسم مشترك حقيقي. ولا يمكن ان نعلم، كما هي الحال في اماكن اخرى جربت الربيع العربي، ماذا سيحدث بعد ان يسقط بشار، لكنه سيسقط، وقد يكون لكم تأثير ما فيما سيحدث عندنا بعده. اذا لم تسمعوا صوتكم فقد تصبح العداوة لاسرائيل هي القاسم المشترك برغم أن هذا آخر شيء يجب ان يكون في برنامج عملنا، واذا رفعتم صوتكم فقد يبني هذا ثقة أولية تمهيدا لسلام بينكم وبين النظام التالي في سوريا الذي قد يكون ديمقراطيا أو – على الأقل – أكثر ديمقراطية.
هذا صوت من دمشق.

السابق
نواف الموسوي: حكمة وقوة فريقنا السياسي وراء بقاء الاستقرار في لبنان
التالي
الصرصور الصغير الذي صاح ايران