السفير: مقاطعة في ساحة النجمة … و قطوع ساحة الشهداء يمر

إذا كان «الاختبار الأمني» في ساحة الشهداء قد نجح أمس، بعدما مرت على خير تظاهرة الشيخ أحمد الأسير المناهضة للنظام السوري وتظاهرة حزب البعث المؤيدة له، فإن «الاختبار البرلماني» في ساحة النجمة سيصاب اليوم، على الأرجح، بالإخفاق بعدما قرر نواب 14آذار وجبهة النضال الوطني مقاطعة الجلسة، احتجاجاً على عدم ربط مسار قوننة الـ8900 مليار ليرة بمسار الـ11مليار دولار في سلة تشريعية واحدة.
ولئن كان من البديهي ان تتضامن قوى 14آذار مع الرئيس فؤاد السنيورة الساعي الى حجز مقعد لمبلغ الـ11مليار دولار في قطار التغطية النيابية، إلا أن ما ليس طبيعياً هو الوضع الهجين للأكثرية التي ستتعرض الى نكسة إضافية مع عجزها مجدداً عن تأمين النصاب وانتزاع المبادرة، وسط تأكيد النائب وليد جنبلاط مرة أخرى تمايزه عنها ومقاطعته الجلسة، بانتظار تحقيق التسوية المالية الشاملة، ما يعني ان هذه الاكثرية الآخذة في التآكل أكثر فأكثر، ستظهر مجدداً من دون أنياب او أظافر.

القمة المارونية
وبينما تواجه محاولة لمّ الشمل النيابي مصاعب واضحة، استطاع البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد جهد كبير ان يجمع في قصر بعبدا، وبحضوره، الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون، في قمة مارونية ناقشت الملفات الداخلية والإقليمية، وسادتها أجواء إيجابية، كما أكدت مصادر مطلعة.
وأبلغ الوزير جبران باسيل «السفير» ان الاجتماع الذي حصل برعاية بطريركية يحمل من حيث الشكل العديد من المعاني والدلالات، لافتاً الانتباه الى ان مضمونه تمحور حول قضايا استراتيجية كان قد عبّر عنها البطريرك الراعي في تصريح صحافي، «أما التعيينات وغيرها من التفاصيل فهي من الصغائر التي نريد للبطريرك الماروني ورئيس الجمهورية ان يترفعا عنها».
من جهتها، أكدت مصادر كنسية لـ«السفير» ان لقاء بعبدا كان ممتازا، مشيرة الى انه يندرج في إطار معادلة «شركة ومحبة» التي أطلقها البطريرك الماروني الحريص على الحوار كأفضل وسيلة لمعالجة كل أنواع الخلافات.

تجاوز قطوع الفتنة
وفي موازاة مرور قطوع تظاهرتي ساحة الشهداء بسلام، مع رفع القوى السياسية الأساسية الغطاء عنهما، كان الجيش اللبناني ينفذ إجراءات عسكرية واسعة على الجانب اللبناني من الحدود مع سوريا، فيما كان الجيش السوري يقوم من الجهة الأخرى للحدود بحملة واسعة لمطاردة المسلحين.
وقد نوه الرئيس نبيه بري بموقف كل من تيار المستقبل وحزب الله، الى جانب حركة امل، في عدم منح التغطية السياسية لأي من التظاهرتين. وقال لـ«السفير» إن هذا الموقف هو على مستوى راق من الوطنية في درء الفتنة، ويشكل ركيزة مهمة يمكن ان يبنى عليها، لافتاً الانتباه الى ان هذه القوى أثبتت مرة أخرى انها ترفض الفتنة وتتجنب الانزلاق اليها.

الجلسة النيابية على المحك
وعشية الجلسة النيابية المفترضة، قال بري لـ«السفير» إن هذه الجلسة «يُفترض ان تكون طبيعية وعادية، لأنها لا تختلف عن مثيلاتها من الجلسات التشريعية، وأنا سأديرها وفق الأصول المعتادة، أما من يتخلف عنها فيتحمل مسؤولية قراره».

 وأضاف: لا تعديل في جدول الأعمال المحدد، وقد سبق لي ان قدمت مبادرة لمعالجة ملف الـ11 مليار دولار، ثم أضفت إليها بعض التحسينات، وأنا ما زلت عند هذه المبادرة، فإذا تجاوبوا معها، كان به، وإلا فإن جدول أعمال الجلسة لا يقتصر على مشروع الـ8900 مليار ليرة، بل يتضمن بنوداً عدة من بينها مشاريع واقتراحات قوانين مهمة للناس والدولة، يجب البت بها، وعدم أخذها رهينة لتحقيق مطالب أخرى، وعندما نصل الى بند الـ8900 مليار، ليدلي كل طرف بدلوه، وحينها تأخذ الجلسة مسارها بناء على مواقف الأطراف وخياراتهم، وإذا فُقد النصاب، فليست المرة الاولى، ولن تكون هذه آخر الدنيا.

جنبلاط: لن نشارك
أما النائب وليد جنبلاط، فقد أبلغ «السفير» ان جبهة النضال الوطني لن تشارك في جلسة اليوم، ما دامت التسوية حول الملف المالي لم تتحقق، ولكنه لفت الانتباه الى ان «ذلك لا يعني اننا لم نعد جزءا من الأكثرية الحاكمة». وأوضح انه مع التسوية المالية، ليس من أجل 14آذار وإنما انسجاما مع نفسه، «إذ نحن شاركنا في إنفاق الحكومات منذ عام 2006 ، وكذلك وزراء حركة أمل وحزب الله قبل ان يستقيلوا لاحقاً، ولا لزوم لنتذاكى على بعضنا البعض».

باسيل: جنبلاط مع 14شباط
من ناحيته، قال الوزير جبران باسيل لـ«السفير» إنه إذا صح ان النائب جنبلاط لن يشارك وكتلته في جلسة مجلس النواب اليوم، فهو يكون قد اختار ان يصطف مع فريق 14شباط، شكلاً ومضموناً. ولاحظ ان «ذعر الرئيس فؤاد السنيورة وصل به الى حد مقاطعة جلسة مجلس النواب إذا لم يحصل بسطرين في اقتراح قانون على براءة ذمة قيمتها 11مليار دولار «، معتبراً ان في ذلك نوعاً من «الوقاحة السياسية».

«كتلة المستقبل» تقاطع
في هذه الأثناء، أكد مصدر بارز في كتلة المستقبل النيابية لـ«السفير» ان الكتلة لن تشارك في الجلسة النيابية اليوم، من أساسها، وبمعزل عن ترتيب جدول أعمالها، موضحاً ان قرار المقاطعة سيظل ساري المفعول الى حين إيجاد صيغة مشتركة لقوننة إنفاق الـ11مليار دولار و8900مليار ليرة في سلة واحدة، على قاعدة «وحدة التشريع من وحدة الإنفاق».
ورأى المصدر ان المقاطعة ستفسح المجال امام الرئيس نبيه بري لإيجاد صيغة الحل، معتبراً ان المطلوب مخرج مشترك للمبلغين، أما الاقتراح بأن تُعالج مسألة الـ11مليار دولار خلال شهرين فلا يعني سوى المراوحة في المكان.

الأكثرية: الترابط غير منطقي
ولكن مصادر مطلعة في الأكثرية قالت لـ«السفير» إن الرئيس بري قدم أقصى ما يمكن تقديمه لطمأنة فريق 14آذار والرئيس فؤاد السنيورة، عبر تعهده بأن يعالج ملف الـ11ملياراً في شهرين، من خلال اللجنة التي اقترحها، ولكن الفريق الآخر مصر على الربط غير المنطقي وغير المبرر بين قوننة الـ8900 مليار التي تستوفي كل الشروط القانونية والمحاسبية، وقوننة الـ11 مليار دولار التي لا يتوافر فيها أي من هذه الشروط.
وأكدت المصادر ان الاكثرية ستتعاطى مع الأمر بأعصاب باردة، مشيرة الى ان الحكومة مرتاحة لوضعها وهي تقوم بتأمين التغطية الدستورية لإنفاقها كما فعلت بتفنيد أوجه صرف الـ8900 مليار وإحالة مشروع قانون بذلك الى لجنة المال النيابية، وإذا كان من الصعب ان تضع الحكومة الموازنة بسبب الافتقار الى قطع الحساب عن السنوات الماضية، فإن بمقدورها ان تحيل الى مجلس النواب مشروع قانون بكل نفقة تقوم بها، بما يتيح لها ان تحمي نفسها، وليستمر الآخرون في تعنتهم.
واعتبرت المصادر ان موقف النائب وليد جنبلاط غير محق، لأن هناك فارقاً كبيراً بين وضعية الـ8900 مليار ليرة ووضعية الـ11مليار دولار.

تعديل سن تقاعد قائد الجيش
على صعيد آخر، وبينما ينتظر المؤسسة العسكرية في صيف عام 2013 ومن ثم خريفه، استحقاق مفصلي يتمثل ببلوغ قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي وعدد كبير من اركان القيادة سن التقاعد، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان «السفير» انه اقترح رفع سن التقاعد الى 62عاماً.
وقال سليمان: قليلة هي الدول التي يحال فيها «الجنرال» (العماد أو العميد) على التقاعد في سن الـ 58، ونحن اخترنا عمر الـ62 لقائد الجيش كسن تقاعد، ونعتبر انه العمر المعقول لتطوير السلسلة العسكرية، وحتى لا نلجأ إلى تمديد شخصي للعماد جان قهوجي، لمرة واحدة، طرحنا أن يصار إلى تعديل سن تقاعد قائد الجيش، وهذا ما يؤمّن استمرارية القائد الحالي إلى نهاية العهد، وينسحب الأمر على كل من سيعيّن لاحقاً.
وأوضح ان الحكومة ستتقدم بمشروع قانون الى مجلس النواب ينص على تمديد سن التقاعد لقائد الجيش، وقد طرح عليّ هذا الموضوع قبل أي مسؤول آخر، وطلبت السير به. 

السابق
الأنوار: جلسة المليارات مرشحة للتعطيل ولقاء سليمان وعون برعاية الراعي
التالي
النهار: جلسة اليوم طارت والنازحون الجدد 3 آلاف ولقاء بعبدا تقريب وجهات نظر