سوريا: أولويات وخلط أوراق

الموقف الأميركي من الملف السوري سوف يظل متشددا إعلاميا وسياسيا على ما يبدو، لكنه لن يتخطّى الضجيج الإعلامي على الأرجح، وذلك لأسباب عديدة ذكرت هيلاري كلينتون جزءا منها وهي تتلخص بأمرين: الخشية من الفوضى والانشغال بالانتخابات الرئاسية المقبلة.
من هنا من المتوقع أنْ تقوم الدول الإقليمية بزيادة الضغط على سوريا من خلال تسليح المعارضة بسلاح نوعي من خلال إمدادها بالمال وترك القضية مطروحة بشكل قوي إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، حيث تأتي إدارة جديدة تكون قادرة على مجاراة الرغبة ليس بإسقاط النظام في سوريا فحسب، بل بإشعال المنطقة بفتن مذهبية وطائفية من أجل محاولة احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة ومواجهته في النقطة الأكثر حساسية وهي النقطة المذهبية.
استفاد الحكم في سوريا من المواقف الدولية المتحفّظة والخائفة من الفوضى بناء لحساباتها ومصالحها وجرّد حملة عسكرية على المناطق التي يسيطر عليها المسلحون ومنها حمص وإدلب وريف حلب وبعض أرياف المناطق الطرفية.
وقد أفادت التقارير بأنّ الجيش السوري سيطر على معظم الجيوب الخطيرة للمسلحين، لكن لا تزال هناك بعض الجيوب التي تحاول إلهاءه وإشغاله في منطقة ما للتخفيف عن منطقة أخرى
خلاصة الأمر أنّ النظام السوري لا يزال قويا وقادرا على الإمساك بالوضع على الأرض أمنيا وعسكريا بشكل مقبول، لكنه يواجه أزمات اقتصادية ستزداد تعقيدا إذا ما طال عمر الأزمة.
ومن المرجّح أنْ تحاول الدول المنخرطة في المعركة مع سوريا إبقاء الملف حيّاً والحرب قائمة عبر التصعيد الإعلامي والسياسي من خلال الوسائل الإعلامية التي تملكها، ومن خلال استغلال واستثمار علاقاتها الدولية والسياسية.
مع إمساك الجيش السوري بمعظم المفاصل الحيوية على الأرض تبقى المواجهة السياسية والإعلامية قائمة إلى حين وجود وقائع سياسية جديدة تُعيد خلط الأوراق وترتيب الأولويات.   

السابق
التغيير يدق أبواب إيران
التالي
دراسة تؤكد: الأغنياء الأكثر كذباً وخداعاً