الأسير: أنا نازل ونعم أنا أصعد

في ظلّ الأحداث المتلاحقة، وعقب اندلاع الثورات في العالم العربي، وبين انتشار الخطاب المتشنّج مذهبيّاً بين السنّة والشيعة جرّاء الدور البارز إيرانيّاً على الساحة الدوليّة ومحاولاتها الاستئثار بالدور الإسلامي عالميّاً، استفاقت المدارس الإسلاميّة السنّية لملء الفراغ بين الجمهور السنّي الثائر والمتأثر بالفكر الديني، وتحديداً في المدن الأساسيّة الحاضنة للإسلام السياسي كطرابلس وصيدا وعكّار والضنّية. ومن أبرز هذه الظواهر الظاهرة الأسيريّة التي يقودها الشيخ أحمد الأسير، والتي انطلقت من صيدا بعدما دعا عند انطلاقها إلى إعلاء شأن السنّة في الحياة السياسية اللبنانية لمواجهة مطلق ايّة هيمنة على الحياة العامّة في لبنان.

ولكن تأتي دعوته اليوم للنزول إلى وسط بيروت بهدف ثانٍ وهو للتعبير عن وجع وعن "صرخة غضب تجاه العنف وآلة القتل المستشرسة من النظام السوري تجاه شعبه".

وعن هذا الاعتصام قال الشيخ الأسير بأنّه لن يتراجع بالرغم من جميع الضغوط، حتى لو نزل وحيداً.

بدأنا سؤالنا عن التظاهرة الحاشدة التي دعا إليها، فقاطعنا الشيخ أحمد الأسير قائلا بأنّها اعتصام سلميّ وليس تظاهرة.

• هل هناك دعوات محدّدة لفئات محدّدة إلى هذا الاعتصام؟

– لا إنّها دعوات عامّة للعموم ولكافّة المواطنين اللبنانيّين.

• يقال إنّ الحركات السنّية لا سيّما في عاصمة الشمال، تتّهمك بالتفرّد في هذا القرار؟

– لم يبلّغني أحد ذلك. ولكن من الطبيعي أن أمثّل نفسي وأنا أدعو بما أمثّل.

• مَن تمثل؟

– أمثّل نفسي.

• هل تتوقّع تجاوباً بالنزول إلى الشارع في ظلّ هذه الأجواء المتشنّجة؟

– أنا أناشد كلّ إنسان، أناشد إنسانية الإنسان أكان مسلماً أو غير مسلم، إذا كان يقبل هذا الظلم على أخيه الانسان "وعلى اشقّاء له في سوريا أم لا، وإذا أحبّ ان يعبّر لنا وللعالم عن مشاعره، أن ينزل معنا ونتّحد معاً في هذا الاعتصام.

• مَن هي الحركات المشاركة في الاعتصام إلى جانبكم؟

– لقد جاءتني اتّصالات كثيرة من مشايخ وعلماء ومواطنين عاديّين وزعماء مسلمين ومسيحيّين ايّدوا الفكرة ويحبّون ان يشاركوا، وليس هناك جمعيّات محدّدة او رسمية انّما اتّصالات من افراد ينتمون ربّما الى هذه الجمعيّات او حتى من المجتمع المدني اللبناني.

• هل تعتقد أنّ قيام هذا الاعتصام في هذه الظروف سيكون فعّالاً؟ وألا تتخوّف من أيّ توتّر أمنيّ من الممكن أن يطرأ نتيجة هذا الاعتصام؟

– بعكس ذلك، هذا الاعتصام سيكون فعّالا لكشف مدى الهيمنة على البلد ومدى قمع الحرّيات وكسر الصوت وتغيير العنوان الاساسي للبنان، تحرُّكنا سيكشف "حقيقة البلد" اين اصبحت، نحن نريد ان نعلم اذا كان هناك دولة في لبنان أو لا، وسنرى في حينها.

• هل وَرَدَك حتى الساعة أيّة تمنّيات أو تهديدات بإلغاء الاعتصام؟

– نعم، هي نصائح وربّما مبطّنة برسائل.

• هل تعتقد أنّ هناك غيابا لمرجعيّة موحّدة للإسلام السياسي في لبنان؟

– صحيح، لا مرجعيّة موحّدة للاسلام السياسي في لبنان، وأؤيّد هذا القول تماماً.

• ما قصّة الظاهرة الأسيريّة، وهل ترى نفسك مختاراً مثلاً لتوحيد هذه المرجعيّة؟

– أنا اعتبر نفسي خادما صغيرا ومقصّرا جدّا لديني وبلدي والناس جميعا.

• هل يمكن إدراج هذا التحرّك تحت ثلاثة عناوين: الاحتجاج على مظاهر العنف والقتل في سوريا؛ إعلاء شأن المسلمين السنّة في الحياة السياسية اللبنانية، ومواجهة هيمنة "حزب الله" على الحياة العامّة في لبنان؟

– نعم، إنّ هذا التحرّك هو لوقف الظلم والقمع والهيمنة، سواء في سوريا أو في فلسطين أو في لبنان.

• هل أنت خائف من أن تشكّل النصائح التي أُسدِيت لك تهديداً مباشراً لشخصك؟

– نحن تربّينا، والحمد لله، على الإيمان الذي يعلّمنا انّه "لن يصيبنا إلّا ما كتبه الله لنا". لا لست خائفا، انا خائف من المعصية فقط.

• هل تتوقّع مشاركة كثيفة غداً في الاعتصام؟

– سُئلت كثيرا هذا السؤال وأكرّر جوابي "آخر همّي أكان هناك مشاركة كثيفة أم لا! سأنزل الى العاصمة بيروت نهار الاحد ولو كنتُ وحيدا، لنصرة المظلوم ضدّ الظالم.

• ما رأيك بالأحداث المتسارعة والأليمة في سوريا؟

– صحيح أنّ الجزّار يحقّق إنجازات الآلة العسكرية، ولكنّه يجهل انّ الأقنعة سقطت، الأقنعة التي غشّت الناس لعقود، سواء في الشام او في لبنان.

• ماذا يمكن لهذا الاعتصام أن يغيّر من الوضع القائم في سوريا مثلا؟

– هو عبارة عن صرخة وجع وصرخة موجوع، ولا يمكن القول للموجوع "لا تقول آخ".

• هل أنت متخوّف من الانفلاش الأمني غداً في الاعتصام؟

– من جهتنا، سنحاول ضبط الامور قدر المستطاع، وأستغلّ المناسبة للطلب من الاجهزة الامنية حمايتنا، فهي مؤتمنة على ضبط الارض إذا ما تأزّمت أمنيّا لا سيّما أنّنا استحصلنا على ترخيص من المحافظ الذي سهّل لنا المهمّة وسرّع لنا بالحصول على الترخيص عكس الذي يشاع في الإعلام، أمّا احتمال دخول الطابور الخامس فوارد، ولكنّه لن يردعنا من النزول الى بيروت غدا الاحد.

• معروف أنّ هناك عمليّات تسويق ضدّك وضدّ الحركات السلفية والأصولية في لبنان لا سيّما من المذاهب غير المسلمة، فكيف تطمئن المسيحيّين وغير المسيحيّين من دعواتكم غداً أو في المستقبل؟

– تشرّفني كثيراً مشاركة المسيحيّين في هذا الاعتصام، لأنّ قضيتنا هي قضيّة مشتركة، وقائمة على مفاهيم الحرّية ورفض الظلم والهيمنة علينا أينما كان وممَّن أتى؟ وهذا الامر متقدّم جدّاً عند شركائنا في البلد أي المسيحيّين، وأنا لا أكنّ لكلّ شركائي المسيحيّين في لبنان سوى كلّ مودّة واحترام وحبّ وسلام، وأنا مقتنع تماما من انّنا سنعيش دوما سويّا.

• أنت لست متمسّكاً بالخلافة الإسلاميّة؟

– موضوع الخلافة الاسلامية ليس مطروحاً، وجوّه ليس هنا، لا في لبنان ولا خارج لبنان. كلّ ما هنالك انّ الشعوب وعت وتطلب شيئا من الحرّية.

• نفهم من كلامك أنّ مشروعك السياسي لا يتناقض مع جوهر وفلسفة الكيان اللبناني القائم على التعايش المسيحي – المسلم؟

– للحقيقة أنا ليس لديّ مشروع سياسيّ، بل إنّني أحارب آلة الظلم والقمع التي تواجه الشعوب المسالمة، وليس لديّ مشروع سياسيّ متكامل حتى الآن.

• إنطلاقاً من هذا المشروع السياسي غير المتكامل! ما هي رمزيّة الاعتصام في العاصمة بيروت مثلاً وليس في صيدا؟ وهل ثمّة توجّه للدخول إلى القرار السياسي عبر "بوّابة" العاصمة؟ أي أن تكون شريكاً في القرار؟

– لا لست طامحاً الى الدخول على القرار السياسي، ولكنّكِ تعلمين أنّ الصوت الذي يرتفع من العاصمة يكون صداه ومفعوله مدوّياً بشكل أكبر مقارنةً مع مناطق اخرى في ارجاء الوطن. ومن حقّنا ان نرفع صوت الألم من العاصمة عندما نرى المجازر التي تُرتكب يوميّا، والعاصمة بيروت هي لكلّ اللبنانيين وليس لفئة معيّنة فقط.

• هل أنت مع مشروع المقاومة وحصريته وحصريّة بقاء السلاح بيده؟

– كلّا، أنا مع الدولة اللبنانية وحصريّة السلاح داخلها واحتكارها للقرار الاستراتيجي. السلاح يجب أن يكون في يد الدولة اللبنانية فقط، ويجب ان يكون هناك استراتيجية دفاعيّة، وإذا أراد الشعب اللبناني بأجمعه ان يشارك بها لا بأس بذلك، ولكن أن يُحتكَر هذا السلاح في يد مقاومة ليست تحت إمرة الدولة، فأنا أرفض هذا السلاح وأخاف منه.

• أما زلت متمسّكاً بالنزول غداً بالرغم من الضغوط التي تتعرّض لها والتي سمعناها عبر الإعلام اليوم، والتي تقول إنّ رئيس فرع المعلومات اللواء وسام الحسن طالب المحافظ بسحب الترخيص؟

– لا علم لي بهذا الكلام، وسمعته مثلك عبر الإعلام. ونحن أخذنا الموافقة منذ نهار السبت الماضي، وماضون رغم كلّ التحدّيات.

• سماحة الشيخ، ألا تعتبر أنّك تصعّد في هذا الكلام؟

– إذا كانت حرّية الرأي تصعيداً نعم، فأنا أصعّد.

• هل من كلمة أخيرة تودّ إرسالها عبر "الجمهورية"؟

– من خلال جريدتكم الكريمة المشكورة، أتمنّى ان يشارك في هذا الاعتصام كلّ انسان حرّ كريم نزيه مسلم او مسيحي، أطالبه بالنزول الى وسط العاصمة غداً للمشاركة ضدّ الظلم والهيمنة من أيّة جهة أتت، وأتمنّى على المشاركين المحافظة على الانضباط وعدم توجيه أيّة إساءة لأحد في الداخل اللبناني.

• ما نسبة المشاركة المتوقّعة حسب حدسك؟

– للحقيقة لا أعلم. في لبنان لا أحد يدري بين اللحظة واللحظة ماذا يطرأ من مستجدّات، والحقيقة أنّني لا أعلم ماذا يمكن أن يفعل المغرضون الرافضون للفكرة، أو الاساليب التي يمكن أن "يستعملها الشبّيحة" لمنع حصول هذا الاعتصام. أنا نازل مهما حدث حتى لو نزلت وحيداً. ولجريدتكم الشكر، ولكلّ إنسان شريف حرّ، ولكلّ قلم حرّ.

  

السابق
المحكمة الدولية: قرار اتهامي جديد يتهم حزب اللّه بتأليف جمعية أشرار
التالي
السفير: جنبلاط يخلط أوراق جلسة المليارات: التفاهـم أولاً … ثم اعتـمادات 2011