نقسام العائلة الإيرانية

لن تكون الانتخابات النيابية الإيرانية اليوم اقتراعاً على النظام، بل تصويتاً من داخله، وفصلاً جديداً من الصراع بين أجنحته المتناحرة. لكنها ليست شأناً داخلياً خاصاً، لان ايران ليست دولة مغلقة ذات حدود دولية معترف بها في الجغرافيا كما في السياسة.
العالم كله يراقب تلك المعركة الانتخابية التي تدور في صفوف المحافظين، بين غالبية متشددة تسلم بمرجعية المرشد آية الله علي خامنئي، وحاكمية المؤسسة الدينية، وبين أقلية معتدلة تلتف حول الرئيس محمود احمدي نجاد الذي اخترعه المتشددون فانقلب عليهم تحت شعار ووهم حماية مؤسسات الدولة من عبث رجال الدين وطموحاتهم المفرطة.

النصر سيكون حليف الغالبية المتشددة، لكن النسب المئوية والاختراقات الانتخابية، ستشكل القاعدة الاولى لتحديد بنية النظام الإيراني في المرحلة المقبلة، وتساهم في الرد على أسئلة تزداد إلحاحاً وصعوبة يوماً بعد يوم: من هو خليفة خامنئي؟ وما هو دور الحرس الثوري ومن هي قيادته المقبلة؟ وما هو رد فعل الاصلاحيين على ذلك الاضطراب داخل المؤسسات المحافظة التي تعمقت فيها مظاهر الفساد والفوضى؟

لن يجيب الناخب الإيراني عن هذه الأسئلة اليوم، لكن تصويته سيكون محكوماً بهاجس اختيار الرئيس المقبل في الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران العام 2013، التي يأمل نجاد أن يتمكن مع كتلته النيابية الجديدة من ترشيح أحد مساعديه أو أنصاره، لكي يكمل ما بدأه من مسعى للحد من نفوذ رجال الدين والحرس الثوري على هياكل الدولة وماليتها، وهي مهمة قد تبدو مستحيلة، لكنها يمكن أن تستدعي الإصلاحيين للثأر من خسارتهم الرئاسية في العام 2009، وتشركهم في معركة إحياء العصبية الوطنية والثقافة الفارسية التي يقودها الرئيس الحالي وفريقه والتي تغوي الجمهور الإصلاحي العريض.

أهم ما في معركة اليوم أن البرنامج النووي لم يعد عنواناً للإجماع الوطني، بل تحول الى مادة للمزايدة، ما دفع خامنئي الى الخروج الاسبوع الماضي في خطاب يحدد المحرّمات والمسلّمات النووية، بعد ما ظهر من وهن أو ربما خوف في الخطاب الرئاسي والوزاري أمام تهديدات الغرب المتصاعدة وشروطه المستحيلة.
لم تكن الصدفة وحدها هي التي دفعت أكاديمية السينما الاميركية الى منح فيلم «انفصال» الإيراني الذي يحكي قصة تفكك عائلة ايرانية عادية وتوقها الى الحرية والهجرة، جائزة أفضل فيلم أجنبي لهذا العام، قبل أيام من توجه الناخبين الإيرانيين الى صناديق الاقتراع لكي يشهدوا على انقسام العائلة المحافظة وتفككها، ولكي يحددوا ما اذا يمكن هذه العائلة – السلطة أن تتفادى حرباً تلوح في أفق ايران، أم انها ستستدرجها لكي تثبت انها حامية الثورة والدولة التي تقف اليوم على عتبة خيارات مصيرية، جرى تمويهها بالادعاءات الامبراطورية.  

السابق
اسرائيل تعلن ان ضرب إيران الآن ضمانة لاستقرار المنطقة… وواشنطن تحذّرها
التالي
السفير: مجلس الأمن يطالب سوريا بإدخال مساعدات إلى المناطق المتضررة