النهار: عودة حكومية على رؤوس الأصابع وسلّة الإنفاق في عهدة رئيس المجلس

استعادت الحكومة أمس انتظام عملها عبر جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في قصر بعبدا مطعمة باستبدال وزير العمل السابق شربل نحاس بوزير العمل الجديد سليم جريصاتي، لكن الصورة الشكلية لهذا الانتظام لم تحجب ما ظل عالقاً من انعكاسات أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء مدة 27 يوماً.
ذلك أن الجلسة بدت اقرب الى تحمية اولية "على رؤوس الأصابع" للعمل الحكومي مع اقتصار الكلام على "مبادئ عامة" حول التضامن الحكومي غلبت على مداخلتي كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي. كما أن جدول الأعمال الذي تضمن 78 بنداً تراكمت في الأسابيع الأربعة الأخيرة خلا أولاً من أي ملف أساسي ولم يقر منه سوى 27 بنداً. وبدا واضحاً أن محاذرة أركان الحكم والحكومة والقوى المشاركة فيها أي استعجال لإثارة الملفات الخلافية والشائكة كالتعيينات يستند الى قرار سياسي تسعى عبره الأكثرية الى اعطاء الفرصة الجديدة مداها الزمني المطلوب والسعي الى تدوير الزوايا قبل الانخراط في مشاريع توافقات أو تفاهمات جديدة على هذه الملفات. وبرز هذا البعد في تشديد سليمان على "التضامن الوزاري والسلوك داخل الجلسات"، شارحاً أصول ادارة جلسات مجلس الوزراء، كما في دعوة ميقاتي الوزراء الى اعتبار الجلسة "بمثابة انطلاقة حكومية جديدة".

ومن المقرر ان يعقد مجلس الوزراء جلسة ثانية عصر غد في السرايا، وقد وزع جدول أعمال الجلسة متضمناً 62 بنداً وأضيف اليها 51 بنداً ارجئت من جلسة الاثنين ليبلغ مجموع البنود 113. وأكدت مصادر وزارية لـنا ان ملف التعيينات لا يزال مؤجلاً في انتظار تحقيق التوافق المطلوب للبحث في أي مركز، موضحة أن بنود جدول الأعمال يطغى عليها الطابع العادي والاداري ولا تتضمن أي بند شائك.
ولم تغب عن أجواء مجلس الوزراء المساعي النيابية والسياسية الجارية للتوصل الى تسوية لملف الانفاق الحكومي، إذ استرعى الانتباه في هذا السياق ابداء وزير المال محمد الصفدي على هامش الجلسة استعداده لتقديم كل الحسابات والأرقام العائدة الى انفاق الـ 11 مليار دولار (في ولايتي حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة بين 2006 و2009)، مؤكداً ان هذه الأرقام والحسابات "موجودة بتفاصيلها في وزارة المال". كما أوضح أن "لا مشكلة في معالجة الـ 11 مليار دولار بالتوازي مع الـ 8900 مليار ليرة (العائدة الى حكومة الرئيس ميقاتي خلال سنة 2011) ولكن لا يجوز دمجهما".

اجتماع عين التينة
وتزامن ذلك مع اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها في عين التينة برئاسة رئيس المجلس نبيه بري الذي حصل على شبه تفويض من المجتمعين لايجاد الصيغة المناسبة لملف الانفاق بشقيه القديم والجديد. بيد أن هذه الحصيلة لم تحجب استمرار التعقيدات التي لا تزال تحول دون تثبيت اقتراح تأليف لجنة وزارية – نيابية رسمياً تتولى معالجة هذا الملف نهائياً.
وأبلغتنا مصادر المجتمعين في عين التينة  ان بري جدد اقتراحه تأليف هذه اللجنة أمس بعدما قدم شرحاً للملابسات التي واكبت الجلسة النيابية الأخيرة. وشهد الاجتماع نقاشاً هادئاً، لكنه عكس استمرار التباين بين فريقي الموالاة والمعارضة حيال هذا الملف وخصوصاً من حيث الفصل بين الانفاق القديم والانفاق الجديد، واذا كان نواب المعارضة لا يرفضون تأليف اللجنة، فانهم يشددون على المعالجة الكاملة غير المجزأة للملفين. أما "تكتل التغيير والاصلاح" تحديدا، فيتمسك بارسال ملف الـ11 مليار دولار الى ديوان المحاسبة أولا ومن ثم الى مجلس النواب والتصويت في جلسة 5 آذار على ملف الـ8900 مليار ليرة. وفيما أعلن نائب رئيس المجلس فريد مكاري ان المجتمعين "تركوا للرئيس بري ايجاد الصيغة المناسبة"، لم يشأ الاخير الادلاء بمزيد من الايضاحات وقال لـنا إن نائب رئيس المجلس "عبر عن حقيقة ما دار في اللقاء"، واضاف: "بالنسبة الي، فأنا ما زلت عند الاقتراح الذي قدمته على أمل أن نتوصل في الايام المقبلة الى اجتراح حل يسبق موعد انعقاد الجلسة النيابية في 5 آذار المقبل".

السلة
وأفضى أحد رؤساء اللجان من فريق 14 آذار الينا بانطباع مفاده أن بري يعمل ضمن توجه لانجاز قوننة الـ8900 مليار في 5 آذار وتعهد موعد قريب لانجاز قوننة الـ11 مليار دولار عن أربع سنوات لولايتي حكومتي الرئيس السنيورة، فضلا عن خمسة مليارات دولار أيام حكومة الرئيس سعد الحريري التي ضمت جميع الاطراف. كما أشار الى ان بري يزمع ان يلحق باللجنة مهمة بت 69 مرسوما ظلت عالقة أيام اقفال مجلس النواب وكل ذلك ضمن سلة كاملة. ورأى ان بري يخرج بهذه الطريقة من دون تراجع أمام أي طرف ومن دون عجز عن القيام بمهمة تعهدها. كذلك قال رئيس لجنة المال والموازنة ابرهيم كنعان لـنا انه سيطالب وزير المال بارسال الحسابات والارقام العائدة الى الـ11 مليار دولار التي قال الصفدي إنها موجودة في الوزارة الى ديوان المحاسبة ولجنة المال والموازنة، وأضاف: "ثمة فارق كبير بين قطع الحساب والانفاق من خارج الموازنة وبين الـ11 مليار دولار والـ8900 مليار ليرة".

النازحون
في غضون ذلك، برز تنامي الاهتمام الحكومي بملف النازحين السوريين الى لبنان إذ عقد الرئيس ميقاتي أمس اجتماعا كرس لهذا الموضوع مع المديرة الاقليمية لمفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين نينت كيلي ووزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور الذي أوضح لـنا ان الاجتماع انتهى الى "تقويم مرض للتعاون بين المفوضية ولبنان". وقال إن المفوضية "لا تطرح اقامة مخيم لايواء النازحين على غرار ما هو حاصل في تركيا، بل تتبنى صيغة العائلات المضيفة التي تتلقى الدعم للقيام بهذه المهمة بالاضافة الى ترميم المنازل للوفاء بالتزاماتها". وأضاف ان الجزء الاكبر من النازحين الذين بلغ عددهم رسميا 6916 نازحا يقيمون في منطقة عكار وتتولى مساعدتهم الدولة والمفوضية، اما العدد القليل منهم الموجود في البقاع فتتولى أمرهم الهيئة العليا للاغاثة بتكليف من مجلس الوزراء". ولفت الى ان تدفق النازحين الجدد يجري "بوتيرة ضئيلة تقدر بنحو 200 نازح اسبوعيا وأحيانا يتراجع العدد". وأكد ان مساعدات خارجية تأتي الى جمعيات أهلية تقوم بمهمات الاغاثة مباشرة. 

السابق
مصدر سياسي
التالي
الشرق: مجلس الوزراء يجتمع عصر غد… وتعهد بسلوك جديد