المحور يتفكك

ما زال أميركيون وإسرائيليون كثيرون يرددون ان سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد سيؤدي الى تفكيك محور الشر الذي يشمل ايران وحزب الله وحركة حماس.. وهو محور يكاد يبدو وهمياً على الاقل في حلقته الفلسطينية التي يبدو أنها انفكت بالفعل وخرجت من ذلك المحور الضيق الى العالم العربي والإسلامي الواسع المدى.
لا يمكن الظن في أن الأميركيين والإسرائيليين الذين يصرّون على هذا القول حتى اليوم لا يتابعون الاخبار التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك في ان حركة حماس انقلبت تماماً على حليفها السوري التقليدي، وقررت الوقوف صراحة الى جانب الشعب السوري وثورته من اجل الحرية والديموقراطية.
ويكاد لا يمر يوم من دون ان يعلن مسؤول رفيع من حماس أن الحركة غادرت دمشق نهائياً ولم يبق منها اي قيادي بارز، حتى العائلات نفسها تركت العاصمة السورية والتحقت بذويها الذين اختاروا الإقامة في القاهرة او في عمان او في الدوحة، وحتى الى قطاع غزة نفسه، وصاروا يكشفون كل يوم عن أوجه الخلل السابقة في علاقتهم مع نظام الرئيس الاسد.. ويلمحون الى ان صلاتهم الوثيقة مع طهران قد اهتزت بالفعل، ولم يعد الإيرانيون يعاملونهم على النحو الذي كان سائداً في الفترة السابقة، على حد تعبير القيادي في حماس موسى ابو مرزوق.
ومع أن قرار حماس بالهجرة من دمشق والافتراق عن النظام السوري اتخذ منذ اللحظة الاولى للثورة السورية في منتصف آذار الماضي، وبالتحديد عندما نسب مسؤولون سوريون بارزون الى الفلسطينيين تحريض الشعب السوري على الثورة والتورط في بعض الأحداث الأمنية والتظاهرات السياسية، فإن هذا القرار الذي يصرّ الأميركيون والإسرائيليون على تجاهله، كما يصر السوريون على إنكاره، يمثل تحولاً استراتيجياً في موازين القوى الاقليمية يحرم دمشق وطهران من الورقة الفلسطينية، التي لا يمكن لحركة الجهاد الاسلامي ان تختزلها، خصوصاً أنها لا تقل عن حماس اعتراضاً على الأداء الرسمي السوري، وانسجاماً مع مطالب المعارضة السورية، كما لا يمكن لأي من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة المقيمة في سوريا أن تمثلها.
والخيار الجديد ـ القديم الذي اتخذته حماس لا ينسجم فقط مع المزاج الفلسطيني العام الذي يميل الى الثورة السورية، لكنه أيضاً يندرج في سياق الموقف الذي أعلنته الحركة في أكثر من مناسبة لا سيما في طهران بالذات ومفاده أنها جزء من حركة الشعوب العربية المنادية بالتغيير والساعية الى تفويض الحركات والتيارات الإسلامية بقيادة هذه العملية.. التي باتت تتيح لزعماء حماس الدخول الى القاهرة او تونس دخول الفاتحين، أو المساهمين في الثورة التي لم يفجرها أصلاً الإسلاميون المصريون او التونسيون..
منذ فترة، بات من الصعب القول إن المحور الإيراني السوري الفلسطيني اللبناني ما زال موجوداً.. الا في الادعاءات الاميركية والإسرائيلية التي لا يمكن ان تلقى جزافاً!

 

السابق
الغارديان: السعودية تئن تحت الفساد والقمع والظروف جاهزة وناضجة للثورة
التالي
منتخب الارز يستكمل تحضيراته لمباراة الغد.. بجدّية