اللواء: تفويض بري باقتراح تسوية للإنفاقات المالية ونيات الحكومة على محك التعيينات القريبة

جددت الحكومة امس، حماسها لوثبة جديدة، او ما يمكن وصفه "اعلان نوايا" حول سلسلة من الانجازات يأتي في طليعتها انجاز دفعة ملحة من التعيينات، لا سيما تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى وهيئات الرقابة على اختلافها، ان لم يكن بالتوافق فبالتصويت بعد تأمين ثلث عدد الوزراء الذين يؤيدون تعيين هذا المرشح او ذاك.

وعلى ايقاع ارادة العزم هذه، وفيما كان الرئيس ميشال سليمان في طريقه الى رومانيا، كان الرئيس نبيه بري يحظى بتفويض من ممثلي كتل 8 و14 آذار لاجتراح معجزة حلّ للاتفاق حزمة واحدة على الانفاق المالي من خارج الموازنة، والذي جرى ضبطه عن العام 2011 بمشروع قانون موجود امام المجلس بقيمة 8900 مليار ليرة ويتم التداول بصيغة لم تنضج بعد بشأن انفاق 11 مليار دولار صرفت من خارج الموازنة في السنوات الممتدة من العام 2006 لغاية 2010.
وتأمل مراجع نيابية ان تنجح الاتصالات التي سيجريها الرئيس بري خلال اليومين المقبلين لبلورة هذا الحل، الذي يتوقع ان لا يبدو فيه منتصراً او مهزوماً على الطريقة اللبنانية، سيما وان اللجنة الوزارية – النيابية التي اعلن اسماء اعضائها من دون الاعلان عن تأليفها رسمياً، ليس احداً من الكتل النيابية ضدها.

وفي المقابل، نأى مجلس الوزراء الذي عاد الى الاجتماع امس، للمرة الاولى، بعد توقف دام قرابة الشهر، بنفسه عن القضايا الخلافية التي كانت سبباً في تفجير الازمة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء تكتل النائب ميشال عون، وفي مقدمها ملف التعيينات الذي سيتم طرحه مجدداً بعد عودة الرئيس سليمان من زياراته الى رومانيا وتشيكيا وقطر. إلا ان الاشارات التي اعطاها الرئيس سليمان، خلال ترؤسه الجلسة ألمحت الى "نبرة جديدة" في ما يخص التعامل داخل المجلس وبين الوزراء، من ضمن روحية الفريق، معطياً لرئيس الحكومة الدور الاساس في تفعيل آراء الوزراء والارتقاء بالاداء الحكومي، مضيفاً بأن الدستور يشجع على التوافق في اتخاذ القرارات ولكن اذا لم يحصل هكذا توافق نذهب الى التصويت اما بالاكثرية او اكثرية الثلثين للمواضيع الـ14 المحددة في الدستور، لافتاً النظر الى انه اذا ذهبنا الى التصويت فعلينا تقبل النتائج مهما كانت.
اما الرئيس ميقاتي فاعتبر في كلمته أمام الوزراء أن عودة مجلس الوزراء إلى الالتئام لا تشكّل انتصاراً لفريق أو تيّار أو وزير على آخر، بل هي مكسب للدولة، ودعا الوزراء إلى الإفادة من الفرص السانحة لجعل مجلس الوزراء منتجاً وفاعلاً ومتجانساً ومتضامناً وعلى قدر التحديات والمسؤوليات، وبالتالي إلى عدم إضاعة الوقت في الكيدية وتأجيج الخلافات والأزمات، كما دعا الوزراء إلى اعتبار هذا اليوم بمثابة انطلاقة حكومية جديدة ومتجددة، لافتاً نظرهم إلى ان ملف التعيينات أساسي لترجمة المشاريع التي تسعى الحكومة الى تنفيذها، وهي يجب ان تأتي بعيداً عن المحسوبية ومنطق المحاصصة ووفقاً للآلية المقررة، مع الالتزام بمعايير العلم والاختصاص والكفاءة.
واعتبر أن هذه التعيينات خطوة أولى ضرورية وملحة ضمن سلسلة من الخطوات اللاحقة والهادفة إلى تطبيق مبادئ الحكم الصالح والإصلاح الإداري وتفعيل عمل الوزارات والإدارات وتعزيز انتاجيتها.

حلحلة في التعيينات؟
ولم تستبعد أوساط حكومية متابعة أن تشهد قضية التعيينات بعض الحلحلة عندما يطرح الملف على مجلس الوزراء، باعتبار أن استقالة وزير العمل السابق شربل نحاس وما رافقها من كلام حول صفقة سياسية أفضت إلى هذه النتيجة، قد تفتح الباب امام مشروع تسوية تُلبّي في جانب منها بعض مطالب النائب عون ولا تحرج رئيس الجمهورية، وإنما من ضمن الآلية التي تم التوافق عليها، مشيرة الى أن عون وبعد الطريقة التي اجبر فيها نحاس على الاستقالة سيخفف من حدة تصلبه التي ميّزت تعامله مع الملف الحكومي في المرحلة السابقة، ما يوحي بامكانية تجاوز مأزق التعيينات بأقل الخسائر الممكنة، خصوصا بعد النصائح التي وجهت الى عون، ولا سيما من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مباشرة، بضرورة الحفاظ على وحدة الحكومة، ولو بالحد الأدنى، بالنظر إلى الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة وتحديداً ما يجري في سوريا، حيث تبرز الحاجة ملحة لبقاء الحكومة للدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد بعد تخلي معظم الدول العربية عنه.
وكشف مصدر حكومي، أن اتصالات تتم بعيداً عن الأضواء لحلحلة الخلاف على مسألة التعيينات، الا انها استدركت بأن هذه الاتصالات لا تزال في بداياتها وتحتاج إلى بعض الوقت لإنضاجها.

جلسة بعبدا
وأوضح أن جدول أعمال جلسة الأربعاء التي ستعقد في السراي الحكومي، هو عبارة عن 62 بنداً معظمها بنود عادية، إضافة إلى ما تبقى من بنود جلسة بعبدا التي وصلت إلى البند رقم 27 من أصل 78 بنداً وكان أبرزها إقرار أصول نقل اعتمادات من احتياط الموازنة لسنة 2012 على أساس القاعدة الاثني عشرية، ونقل اعتمادات من احتياطي الموازنة لموازنة بعض الوزارات على أساس القاعدة الاثني عشرية، إلى جانب تبنّي موقف رئيس الجمهورية في ردّه على رئيس وزراء اسرائيل، لجهة تأكيد وجود لبنان على الأرض كدولة متجذرة في التاريخ، وأنه البلد الوحيد الذي ألحق هزيمة عسكرية بإسرائيل.
وأجمع الوزراء على وصف الجلسة بالهادئة، لكن لفت الانتباه قول الوزير محمد فنيش بعد انتهائها بأن الآلية وحدها لا تكفي بل يحتاج الأمر إلى توافق سياسي، خصوصاً وأن تعيينات الفئة الأولى تحتاج إلى الثلثين لإقرارها. ووصف فنيش المرحلة بأنها "فترة استعادة النشاط".
ولفت الوزير أحمد كرامي إلى أن اللجنة الوزارية – النيابية لم تناقش، لكنه أشار إلى أن الحكومة عيّنت ممثليها الثلاثة، وانتهى الأمر، وتساءل: هل أن هذه اللجنة يجب أن نصوّت عليها أيضاً في مجلس الوزراء؟
أما الوزير محمد الصفدي، وهو أحد أعضائها، قال أنه لم يبلغ بها من أحد بعد. وفي دردشة معه قبل الجلسة أكد الاستعداد لتقديم كل الحسابات والأرقام العائدة لإنفاق الـ 11 مليار دولار، مؤكداً أنها كلها موجودة بجداول في وزارة المال، موضحاً أن لا مشكلة بمعالجة الـ 11 مليار دولار بالتوازي مع الـ 8900 مليار، لكن لا يجوز دمجهما، لافتاً إلى أن كلفة تصحيح الأجور في القطاع العام هي بحدود 1500 مليار ليرة.

اجتماعات عين التينة
اما الاجتماع الذي عقده الرئيس بري لهيئة مكتب المجلس ورؤساء ومقرري اللجان، فلم يحرز اي تقدم في ما خص الخلاف على ملف الانفاق المالي، وبقي كل فريق متمسكاً بموقفه، بما أوحى بأن هذه العقدة من الصعب حلها خارج اطار تسوية سياسية، او اجتراح رئيس المجلس، كعادته، مخرج يقارب بين موقفي الاكثرية والمعارضة، وفي حال عدم الوصول الى صيغة توافقية من الآن وحتى الخامس من آذار المقبل، فإن الهيئة العامة لمجلس النواب لن يكون امامها مفر من الذهاب باتجاه التصويت، وهو ما ألمح اليه الرئيس بري امام النواب امس في عين التينة.
وأوضحت مصادر نيابية ان المناقشات التي جرت في مقر الرئاسة الثانية، كانت صدى لما قيل تحت قبة البرلمان يوم الخميس الماضي، حيث ادلى كل نائب بدلوه من دون اية تشنجات، وفي جو ودي، وأبدى كل فريق رغبة بالحل، انما من الزاوية التي يراها مناسبة لموقعه واصطفافه، مشيرة إلى ان نواب عون تمسكوا بضرورة المحاسبة على الحقبة الماضية، مطالبين بتوضيحات بالارقام وتفنيد موضوع الـ 11 مليار دولار اسوة بما حصل حول الـ8900 مليار ليرة، فيما كانت هناك مداخلة سياسية وقانونية للنائب سمير الجسر حول وجوب عدم اجتزاء الحل، كما ان للنائب اكرم شهيب الرأي نفسه مطالباً بإيجاد حل شامل الذي عارضه نواب عون وحزب الله.
ونقلت المصادر عن الرئيس بري قوله انه في حال تعذر الحل فإننا سنكون امام خطوة التصويت، واننا سنقف إلى جانب مشروع الحكومة حيث يتضمن آلية واضحة للصرف معروفة الاتجاهات، وفي الوقت ذاته اكد اصراره على المحاسبة واقفال هذا الملف لكي نتمكن من الذهاب إلى اقرار الموازنة التي يلزم الدستور ان يسبق اقرارها التصويت على قطع حساب الموازنات السابقة.
وقالت ان رئيس المجلس شدد على ان اي حل لن يكون فيه انتصار لفريق على آخر، وانه لن يكون على حساب عمل ديوان المحاسبة الذي سيستمر في عمله. 

السابق
الانوار: تبنى موقف سليمان في ردّه على نتنياهو مجلس الوزراء أقرّ اصول نقل اعتمادات وشدد على أهمية التضامن الحكومي
التالي
البناء: الملايين استفتوا بِنعم للدستور الجديد… والمعارضات إلى مزيد من التصدّع