مؤتمر القدس: عباس يدعو إلى زيارة المدينة رغم الاحتلال

شكّل «اقتراح» قدمه أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في شأن «التوجه الى مجلس الأمن لاستصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذتها اسرائيل منذ عام 1967 في القدس العربية بقصد طمس معالمها الاسلامية والعربية»، أبرزَ تطور في «المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس» الذي افتتحه أمس في الدوحة.

وحظي الاقتراح القطري بتأييد فوري من الرئيس محمود عباس وأميني منظمتي الجامعة العربية نبيل العربي و «التعاون الاسلامي» أكمل الدين إحسان اوغلو، وقال الرئيس الفلسطيني: «أؤيد اقتراح الأمير بالذهاب الى مجلس الأمن لطرق أبوابه مرة ومرتين حتى ينصاع العالم لما نطالب به».

وحضرت المؤتمر وفود تمثل 70 دولة، ولوحظ وجود عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق في الجلسة الافتتاحية إلى جانب قيادات في حركة «فتح»، كما شارك خمسة حاخامات كتبوا علامات مميزة وضعوها على صدورهم تقول: «أنا يهودي ولست صهيونياً»، و «اليهود ضد الصهيونية».

ودعا الشيخ حمد القيادة الفلسطينية الى «إنفاذ المصالحة»، معتبراً أن «لا معنى ولا جدوى لأي خلاف والقدس الشريف ترزح تحت نير الاحتلال البغيض»، مضيفاً: «لتكن القدس المحفز لإتمام المصالحة وإنهاء الانقسام». ورأى أن «رأب الصدع الداخلي الفلسطيني المدخل الطبيعي لاستعادة الحقوق، فالنصر المطلوب يأتي بالأيادي المتماسكة».

كما حض القيادة الفلسطينية على «إعداد إستراتيجية شاملة موسعة للمشاريع التي تحتاجها القدس، وقال: «نحن في قطر على استعداد للمشاركة بكل إمكاناتنا». وندد بـ «الأفعال الوحشية» التي تقوم بها إسرائيل»، وانتقد «سياسة التطهير العنصري في حق سكان المدينة الأصليين (المقدسيين) والقضاء على معالم التراث الإنساني والديني للشعب الفلسطيني، سواء أكانت إسلامية أم مسيحية»، وقال: «نجتمع اليوم لنؤكد ان القدس عربية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد»، وأنها «ستظل مدينة عربية إسلامية ومسيحية بمساجدها وكنائسها».
وأكد أن «العودة الى القدس لا تتم بالشعارات او الخطابات والمؤتمرات، بل بالقيام بواجبنا بالدفاع عنها وحمايتها من التهويد والتشويه»، وقال: «على الحكومات والدول في الغرب والشرق أن تدرك أن رأياًَ عاماً عربياً نهض حالياً، وأنه لا يقبل العجز جواباً على قضايا الأمة التي تؤرقها منذ أكثر من ربع قرن، وانه يرفض أن يكون خيار السلام أقل من السلام العادل القائم على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة».

وفي إشارة ضمنية الى الثورات العربية، تساءل: «هل يعقل أن الشعوب التي لم تعد تصبر على الضيْم في داخلها ستقبل بظلم الاحتلال وهي التي طالما وقفت ضده وقاومته»، وقال: «نحن في قطر معكم وبجانبكم نساند صمودكم في القدس ومطالبكم المشروعة في إقامة الدولية الفلسطينية المستقلة، ومواجهة أفعال حكومة إسرائيل وبرامجها».

وقال الرئيس الفلسطيني إن عاصمة فلسطين تواجه الآن تحديات وأخطار من غير المسموح بعد الآن تجاهلها وعدم التصدي لها. ودعا «إخوتنا من الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأميركا، الى التوجه لزيارة القدس»، وقال: «إن زيارة المدينة المقدسة لا تعني تطبيعاً، إذ أوصانا النبي عليه الصلاة والسلام بشد الرحال إليها وإلى مسجدها الأقصى»، و «إن زيارة السجين ليست تطبيعاً مع السجان». وخلص الى «أننا صامدون هنا، راسخون هنا، كنا هنا، وسنبقى هنا نحمي قدسنا، وحتما سيأتي يوم حريتنا واستقلالنا». وكان وجّه انتقادات شديدة الى الممارسات الاسرائيلية، ودعا الى دعم صمود المقدسيين حُماة المدينة المقدسة وثباتهم، ونوه بـ «وثيقة القدس» التي أعلنها شيخ الأزهر قبل أيام.

إستراتيجية شاملة

وأشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بـ «الجهود الخيرة التي يواصلها أمير قطر للدفع قدماً بالمصالحة الفلسطينية»، ودعا إلى «بلورة إستراتيجية شاملة متعددة الأبعاد سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً واجتماعياً وروحياً وثقافياً في إطار من التناسق بين العمل العربي والإسلامي المشترك بتعبئة كل الوسائل والإمكانات والقدرات من أجل الدفاع عن القدس المدينة السلبية».

وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إنه «لن يكون هناك سلام الا سلام الحق، وإن سلاماً عادلاً وثابتاً في المنطقة لا يمكن إقراره الا على أساس الانسحاب الشامل للقوات الاسرائيلية من جميع الاراضي العربية التي احتلت عام 1967، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإطلاق جميع الأسرى. هذا هو توجه العرب الذي أكدت عليه مبادرة السلام العربية وقررات القمم العربية، التي تمسكت بأن القدس خط أحمر، ولا سلام من دون عودة القدس الى اصحابها الفلسطينيين». وقال لمن يتحدثون عن الحدود الآمنة، إن «الحدود الآمنة هي حدود الحق وليس حدود القوة». ولفت الى أنه «ما كان لإسرائيل أن تستمر في انتهاك القوانين الدولية بكل جرأة لولا الحماية الأميركية».

اما الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أكمل الدين احسان أوغلو، فتعهد استمرار الضغط على إسرائيل لتوقف اعتداءاتها، وقال إن المنظمة دعمت مؤسسات الشباب في القدس وستستمر في دعم عدد من القطاعات.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمة ألقاها نيابة عنه منسق المنظمة الدولية لعملية السلام في الشرق الاوسط روبرت سري، الى مواصلة المفاوضات (الفلسطينية-الاسرائيلية) للوصول الى سلام على أساس حل الدولتين»، مضيفاً انه «لا يمكن القدس أن تكون عاصمة لدولتين تتعايشان بسلام وبشروط مقبولة للجميع، الا من خلال المحادثات». وأكد أن «ممارسات إسرائيل في القدس مرفوضة»، ودعا الى «وقف تلك الممارسات فوراً لتستعيد القدس مكانتها كرمز للتعايش الديني».

وفيما قال مفتى القدس الشيخ محمد أحمد حسين، إن القدس تعرضت خلال العام الماضي الى 150 اعتداء عينياً ميدانياً ومخططات، قال مطران القدس السابق للاّتين ميشيل صباح، إن «القدس للمسيحية واليهودية والإسلام»، وهي «عاصمة الدولة الفلسطينية بكل مواطنيها»، وإنها «تحتضر اليوم»، داعياً الى «فهم ووعي آخر للمدينة والإنسان فيها».

وشن الحاخام اسرائيل دوفيد ويس (من حركة ناطوري كارتا) هجوماً شديداً على «الصهاينة» باللغة العبرية، وطالب بمحاكمة قادة الصهاينة في المحكمة الجنائية الدولية على ما ارتكبوه من جرائم حرب، وندد بـ «الصهيونية الملعونة»، وقال: «جئنا لنعبر عن موقف الشعب اليهودي ضد الصهيونية وتضامننا مع سكان القدس ومعارضتنا للاحتلال الصهيوني للقدس». ووصف إسرائيل بأنها «دولة عاصية لله»، وقال إن «الصهاينة ليسوا ممثلي الشعب اليهودي». وحيّا «رئيسنا المحبوب محمود عباس»، وذهب الى موقع جلوس أمير قطر وحياه وسط تصفيق حار، كما شكره الشيخ حمد على كلمته وما ذكره من حقائق تاريخية.

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق لـ «الحياة» تأييد «حماس» اقتراح أمير قطر التوجه إلى مجلس الأمن في شأن لجنة تحقيق عن القدس.

السابق
الاسد في يوم الاستفتاءعلى الدستور: نريد أن نربح الأرض والفضاء
التالي
أسيرة فلسطينية في إسرائيل تواصل إضرابها عن الطعام رغم العزل