سقطت تحركات اسقاط النظام الطائفي

أنتحر الحراك. بعد سنة من بدايتها سقطت تحركات "اسقاط النظام الطائفي" في نسختها القديمة بالضربة القاضية. كان المقرر ان تستكمل نشاطاتها أمس بمسيرة من كنيسة مار مخايل باتجاه العدلية. عند الحادية عشرة موعد المسيرة لم يحضر حتى المنظمون. قرروا الاستسلام ربما لمشيئة النظام. في مكان آخر ولد حراك جديد اعتبره القيمون عليه "نسخة محسنة عن التحرك الأول".

عند مستديرة الدورة اجتمع المشاركون، رفعوا السقف السياسي واستبعدوا الأحزاب الطائفية والعلمانية. انتظروا طويلا كي تزداد اعدادهم، فبعض الاحزاب التي استبعدوها كانت هي التي تؤمن الحشد في السنة الماضية.انها الثالثة والنصف، لا بدّ من الانطلاق. سار المشاركون ومعظهم مقتنع بان النظام لن يسقط غدا ولا بعد غد وربما لن يسقط ابدا. كل ما ارادوه ان يوصلوا صوتهم ويسجلوا موقفا "فهذا من شأنه ان يراكم الوعي عند غير المقتنعين بان النظام يجب ان يتغير".من بين المتظاهرين شاب تمنى لو قامت قوات الامن او الجيش "باطلاق النار علينا، فمن دون دماء لا تنتشر ثورة ولا تنمو". هو يعلم جيدا ان الجيش لن يطلق النار، وان النظام اذكى من ان يقحم نفسه مع من لن يستطيعوا سوى عرقلة السير مدّة محدودة في طريق فرعية.سار المتظاهرون نحو شركة الكهرباء. هتفوا ضدّ النظام. ضدّ الزعماء وضدّ الغلاء. من يسمع اصواتهم تهتف يظن ان هجومهم موجه ضد القوى الطائفية والاحزاب المذهبية. ضدّ 8 و14، لكن من يتحدث الى المشاركين يتيقّن ان التحرك هو أولا ضدّ الاحزاب العلمانية، القومي والشيوعي "ومن يلف لفهم، هم من خانوا القضية، هم من نستطيع ان نعول على جمهورهم ونضغط عليه".من يراقب المشاركين يلاحظ انهم ثائرون على المجتمع وتقاليده قبل ان يثوروا على النظام وسياسييه. تخطوا (معظمهم) في مظهرهم ما يتقبله المجتمع. وثاروا عليه.

ثياب بعضهم لم تكن مألوفة وكذلك تسريحات شعر بعضهم الآخر.حماسة هؤلاء لم تكن كالسابق. انخفض مستواها بعد ارتفاع مستوى الواقعية. لكن وفاءهم للقضية حملهم الى الشارع "وغيابه عن آخرين هو الذي ابعدهم عنه"، كما قالت احدى المتظاهرات. بعض المشاركين على خلاف مع المنظمين. جميعهم لم تؤمن لهم النقليات ومع ذلك كانوا هناك.في الطريق الى شركة الكهرباء، "أم العتمة" كما سماها المتظاهرون، اقفلت المتاجر لكن اصحابها لم يتظاهروا، وهي لم تقفل دعما للتحرك ولا خوفا من "الثوار" بل لأن امس كان "الأحد".

سار المحتجون كالغرباء في شوارعهم. كانوا كالسجناء الثائرين على سجّانيهم. هنا، الطريق هي السجن، اما السجان فهو المجتمع الذي بدا غير معني بأبنائه المتظاهرين ومطالبهم، على رغم محاولة هؤلاء تشجيع من وقف على شرفات المنازل ليتفرّج، على الانخراط في الحراك، "يلي واقف عالبلكون، نزال نحن شعبك هون". ضحك كثر ممن وقفوا يشاهدون نحو مئتي شاب وشابة يهتفون ضدّ الطائفية، لكن بالتأكيد لم تأت ضحكاتهم فرحا بالتغيير الآتي.من امام مكتب لـ"القوات" وآخر للكتائب مرّ المتظاهرون. لم يبدوا حماسة اضافية، لا بالشعارات ولا بنبرة الصوت، "اليساريون ليسوا هنا" يعلق احد المشاركين لكنه يتدارك، "اقصد اليساريين بتفكيرهم التقليدي الذي يستعدي كل من يختلف معه، نحن نتظاهر ضد الخطأ ولن نستعدي أحدا". من احد المباني طلّت سيّدة خمسينية، رفعت العلم اللبناني وحمّست المتظاهرين الذين اختفت بينهم الاعلام اللبنانية. كثر لم يروا السيدة الواقفة في الطبقة الخامسة لكن من رآها شعر بأن الاخطاء المصححة ما زالت ناقصة، "نحن نتظاهر ضدّ كل شيء لكن من نكون؟ ما هو مشروعنا؟ لماذا لا نظهر لبنانيين ونبتعد عن الصورة النمطية التي يعطوننا ايّاها؟ فنحن لسنا ضدّ الكيان".وصلت التظاهرة الى مؤسسة الكهرباء "المتوفاة".

وضعوا اكليلا من الورد عند مدخلها تأدية منهم للواجب ليس أكثر.امام الشركة ألقى محمد سبيتي كلمة شدد فيها على ان الوزراء الذي مرّوا بمؤسسة الكهرباء هم من 8 و14 آذار وجميعهم جاؤوا بالوعود وذهبوا بالخيبات، وكل مؤسسات الدولة اللبنانية كشركة الكهرباء يأكلها الفساد.واضاف: "جميع الشعوب تنتفض اليوم مما اكد لنا ان مصيرنا لن يرسمه سوانا". ودعا الى التوحد والتحرك من اجل الحقوق والعدالة الاجتماعية والمساواة والعلمنة.وانهى مؤكدا ان هذا التحرك ليس الا بداية الطريق ولن يكون الاخير.
  

السابق
أغاني داعمة للمنتخب اللبناني
التالي
لائحة بأبرز المشاهير المدمنين