مسطول اسطنبول قائداً للثورة

انتهى "مؤتمر أصدقاء سورية" في تونس الذي حاول عرب أميركا شحذ الهمم لإنجاحه، الى لا شيء. ولسنا نبالغ إن قلنا إنّ هذا الؤتمر قد يتحول الى "مسلسل" خليجي طويل بعد أن أبدى الأتراك، أو العثمانيون الجدد، رغبتهم في استضافة "الحلقة الثانية" من المؤتمر في القسطنطينية (التي حولّها السلطان العثماني محمد الفاتح الى اسطنبول قبل قرون ستّة). وعليه، فنحن لم نتابع أمس إلاّ الحلقة الأولى من مسلسل "أصدقاء سورية":

– لا توحي وقائع "الحلقة الأولى" بأنّ الحصاد كان وفيراً، بل يمكن الاستنتاج بوضوح أنّ المؤتمرين المتآمرين على سورية لم يكونوا على الموجة نفسها. وهذا ما جعل مشهد انسحاب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل المؤتمر اللقطة الأهم في حلقة المسلسل الأولى. فقد تمكّن سعود الفيصل من خطف الأضواء هذه المرة من زميله حمد بن جاسم القطري عندما انسحب من المؤتمر "احتجاجاً على عدم فعاليّته" نتيجة اكتفائه ببحث الممرّات والمساعدات الإنسانية. وأوضح الفيصل موقفه عندما أعلن بكلّ وقاحة أنّ تسليح المعارضة السورية "فكرة ممتازة". ولكنّ الفيصل الذي لم ينجح في تمرير فكرته الممتازة في المؤتمر سيظلّ يراهن على تمريرها في مؤتمر قادم "للأصدقاء" أو ربما في مجلس الأمن من جديد إذا نجح أصدقاء الفيصل الأطلسيون في إقناع روسيا والصين بتغيير موقفهما من سورية، وتلك حكاية أخرى. وإذا كان كلام الفيصل حول تسليح المعارضة السورية صحيحاً، فبأيّ سلاح تقاتل المجموعات الإرهابية في الداخل السوري منذ عام، إن لم يكن السلاح القطري والسعودي والتركي والأميركي والأوروبي؟

– الكلام السعودي الوقح حول ضرورة تسليح المعارضة السورية عاد فعبّر عنه زميله القطري حمد بن جاسم بأسلوبه المميّز عندما طالب بقوات عربية ودولية الى سورية، وهو المدرك تماماً أنّ فكرة إرسال قوات خارجية الى سورية سقطت في مجلس الأمن بالفيتو الروسي والصيني. واذا كان كلام حمد القطري يأتي فقط من باب تجديد الرغبة في حدوث ما لا يحدث، فلأنّ أصدقاء حمد والفيصل الأطلسيين غير قادرين، أو غير مستعدّين حتى اللحظة لتلبية رغبات "عربانهم" الانتحارية. فاكتفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالدعوة إلى تشديد العقوبات على سورية وتصعيد الضغوط السياسية والدبلوماسية، من دون أن تنسى دعوة روسيا والصين الى تغيير موقفهما من الأزمة السورية.

– لعلّ "الإنجاز الاستثنائي" الوحيد للمؤتمر هو اعترافه بمجلس اسطنبول "ممثلاً شرعياً للشعب السوري". وهي خطوة كان قد سبقه إليها وزيرا الخارجية الفرنسي آلان جوبيه والبريطاني وليم هيغ. ويمكن قراءة هذا الاعتراف بمجلس اسطنبول بأنّه محاولة غربية جادّة في لملمة شتات المعارضات السورية المتنافرة تحت يافطة مجلس اسطنبول بعد إعطائه، دون غيره من المجالس والهيئات الأخرى المعارضة والمتعارضة، صفة "الشرعيّة الثوريّة" بموجب إفادة ممهورة بختم أميركي – أوروبي. ولم يتأخّر رئيس مجلس اسطنبول برهان الغليون في تمثيل دور "القائد الثوري" للشعب السوري عندما علّق بأنّ المؤتمر "لم يلبّ طموحات الشعب السوري". فهل يلبّي طموحات مسطول اسطنبول أن يدخل دمشق "فاتحاً على ظهر الدبابات الأميركية والتركية المزوّدة بوقود سعودي وقطري؟   

السابق
الحوار الوطني برعاية جنبلاط
التالي
التعيينات؟!