نحن رجالك يا بشار!

كان الشعب الفلسطيني من أوائل الشعوب العربية التي خرجت تأييدا للحراك أو الربيع العربي، لا سيما وان هذا الحراك العربي قد استلهم الانتفاضات الفلسطينية من حيث نهج النضال الشعبي العارم، ومن حيث المقاومة السلمية المتواصلة وكما عبر عن ذلك الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بجلاء.
وخرجت حركات شبابية فلسطينية واعية من حركة فتح، وغيرها ومستقلة تتظاهر نصرة لليمن وسوريا ومصر وتونس وليبيا وكل الحراك العربي المطالب بالحرية والكرامة والتخلص من الاستبداد والعبودية لأنظمة بائدة، وبذلك كانت فلسطين السباقة بإعلان الدعم والتأييد، رغم أن نتائج الحراك العربي ما زلت متقلقلة ومتذبذبة، بل ومقلقة من حيث صعود تيارات نأمل ألا تركب مركب الاستبداد من جهة وافقار العقل من جهة ثانية، وتعتبر الديمقراطية لمرة واحدة. اما أن تقوم زمرة من عدد لا يزيد على أصابع اليدين لتهتف (نحن رجالك يا بشار)؟! في منتصف ميدان المنارة في رام الله، فهذا مما يعيب ويخجل، أمام دماء آلاف الأطفال والنساء والشيوخ والرجال الذين قتلهم شبيحة النظام في سوريا وجنوده الذين يتخندقون عند رواية المقاومة والمؤامرة بحيث انهم لا يرون الناس من الشعب الا في هذا الظل النازف.
وأن كان الوضع الحالي يتيح بالطبع للكثير من التيارات أن تلعب في الساحة السورية في سياق الفلتان الأمني والسياسي، لا سيما والتدخلات الخارجية من إيران وحزب الله وروسيا بالأسلحة والعتاد والرجال، وفي المقابل أطراف ربما يكون لها ذيول مرتبطة بالقاعدة ،إلا أن كل ذلك لا يبيح اطلاقا حرب الإبادة الجماعية لأحياء ومدن وبشر، وبشكل لا إنساني فاق الجرائم النازية هولا.

ان الوضع المأساوي المتأتي من مجزرة النظام وشبيحته في سوريا ضد الشعب البطل لم يمنع زمرة لا تنتمي لنا – كما علق العديد من المتدخلين على صفحتي في الفيسبوك – من الهتاف بفجاجة لبشار؟! وهي مجموعة أخالها مرتبطة هي أو قياداتها قطعا بالمخابرات السورية التي يشهد لها بالقمع والتعذيب منذ عشرات السنين ما أدخلها في موسوعة (جينس) للأرقام القياسية ممثلة لأسوأ جلاد في العالم.
وقد فعل معارضو هذه الزمرة حسنا حينما تصدوا لها في ذات المكان بديمقراطية وحضارية بالغناء والهتاف (بالروح بالدم نفديك يا فلسطين).
إن استمرار الكذب والدجل الإعلامي، ومحاولة تغطية الحقائق بفرضية أن التدخل الأجنبي مرفوض وكأن التدخل الأجنبي الداعم للنظام القمعي ليس تدخلا، وغض النظر عن آلاف الضحايا الأبرياء، وعن آلة التعذيب التي تنتمي لعهد محاكم التفتيش ليس إلا دلالة على سقوط الأخلاق والقيم الانسانية لدى النظام وقرب انهياره.
إن نظام ادعاء المقاومة المتوقفة منذ عشرات السنين، والممانعة ضد الشعب، والشعارات التي أذكت الحرب في لبنان، وضد الفلسطينيين وضد الخالد ياسر عرفات وفكره التحرري الرافض للتبعية العرجاء عقودا طويلة أثبتت بما لا يشك به أنها مجرد غطاء لاستمرار الاستبداد ونهب خيرات البلاد وحكم القلة الظالمة.

ان قلة هنا أو هناك لا تمثل شعبها، ولا يحق لها أن تدعي ذلك، فالعالم وليس المسلمين او العرب أو المسيحيين فقط يتشارك معا في اعلاء شأن الفكر والثقافة الديمقراطية المرتبطة جدلا بحقوق الانسان، فحيث يحق لأي كان أن يعبر عن نفسه بحرية وبلا تكفير أو تخوين أو قتل أو التحريض عليه، فكيف لأحد أن يدعي أن القتل أو دعم القاتل وتزويده بالرصاص أو السكين ليستمر بالذبح….. ديمقراطية؟
ومن هنا يأتي الشعار الإمعي (نحن رجالك يا بشار) الذي انطلقت به حناجرالبضع في المنارة برام الله، التي لو قالت غير ذلك في ذاك المكان المنكوب بقيادته، لبترت منها الحناجر كما فعل فعلا شبيحة النظام بشاعر الثورة السورية ابراهيم قاشوش.
إن نداءات الحرية والكرامة للشعوب وصراخ قوافل الضحايا وقتلهم الوحشي، وأنين تعذيبهم الذي لا تمارسه أرذل الحيوانات لا بد يطرق آذان من له قلب أو ضمير أو روح في العالم، وقطعا فإن من فقد الرحمة والعدالة والحب للإنسانية فأمر أو قتل أو عذب أو انتهك الحرمات…. أو مؤيديهم من الامّعات كما سماهم رسول البرية ستكون نهايتهم بيد الشعب الباسل ، وحكمهم في سفر التاريخ لا يرحم. 

السابق
الحلّ الأمني ليس حلاً
التالي
نتنياهو بعد ميشال عون