السفير: الأكثرية تختبر نصابها السياسي… وعون تضحيته بنحاس

طويت صفحة استقالة شربل نحاس، سياسيا، بقرار رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، قبولها، بعد تسلمها رسميا، مساء أمس، على أن يصدر مرسوم قبولها اليوم، لتتجه الأنظار مجددا الى ساحة النجمة، حيث تخوض الأكثرية الجديدة، بكل مكوناتها في الساعات المقبلة، معركة إثبات الذات من خلال توفير النصاب في المجلس، من دون الحاجة الى حضور نواب المعارضة.

وكان لافتا للانتباه أنه وقبيل ساعات من إرسال العماد ميشال عون، كتاب الاستقالة الخطية، الى رئيس الحكومة، بواسطة الوزير جبران باسيل، بادر شربل نحاس الى لملمة أوراقه وملفاته وإفراغ أدراجه في وزارة العمل، متوجا تجربته الوزارية، على مدى سنتين بإرسال مشروع قانون حماية الأجر الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبإصدار قرار بتسهيل إجراءات منح إجازة العمل للعمال الفلسطينيين، قبل أن يطل للمرة الأولى، على ثلة من الناشطين اليساريين والعونيين، داعيا إياهم الى التوجه الى مجلس النواب اليوم لمنع تمرير قانون النقل المخالف للقوانين.

ومع طي صفحة نحاس، من المتوقع أن يبادر وزير العمل بالوكالة نقولا فتوش الى توقيع مرسوم بدل النقل، صباحا، وذلك قبيل التئام الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث سيكون الاختبار التالي، هو مدى قدرة العماد عون على انتزاع جائزة ترضية، تعوض اهتزاز «البيت البرتقالي»، سياسيا، خاصة في ظل مناخ انعدام الثقة القائم بينه وبين بعض مكونات الحكومة، وتحديدا مع رئيس «وسطييها» نجيب ميقاتي و«بيضة قبانها» النائب وليد جنبلاط، ممن أثبتت التجربة مرة جديدة أنهم يمسكون بأصواتهم العشرة خناق الأكثرية الرجراجة.
 وبين حسابات الأكثرية التي كانت تريد إمرار مرسوم النقل، قبل الانتقال الى مربع سياسي جديد، يراهن عليه العماد عون، خاصة بعد غداء عين التينة الشهير، لاختبار فائدة استمراره بالحكومة من الآن وحتى انتخابات العام 2013، وبين حسابات المعارضة، التي أرادت الحصول على براءة ذمة عن الأموال التي صرفتها بين الأعوام 2006 و2009(11 مليار دولار)، بدا أن تمرير مشروع القانون الذي كان قد وضعه شربل نحاس، والمتعلق بفتح اعتمادات اضافية بقيمة 8900 مليار ليرة لتغطية الانفاق لغاية 31/12/2011، أصبح خاضعا لابتزاز فريق الرابع عشر من آذار، الذي اشترط لتمريره، حصوله على براءة ذمة مالية عن كل الصرف السابق لهذا التاريخ.
ووسط هذه الأجواء الداخلية، تدخل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في ولاية جديدة لثلاث سنوات اعتبارا من أول آذار المقبل، وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة أدواردو ديل بويي في مؤتمر صحافي بنيويورك إنه «بناء على قرار مجلس الأمن رقم 1757 الصادر عام 2007 قرر الأمين العام تمديد عمل المحكمة الخاصة بلبنان لمدة 3 سنوات بدءاً من الأول من آذار 2012». وأضاف أن بان كي مون «يؤكد من خلال هذه الخطوة «التزام الأمم المتحدة بالجهود التي تبذلها المحكمة الخاصة بلبنان لكشف الحقيقة بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري و22 آخرين وإحالة المسؤولين عن ذلك للعدالة».

ملف النقل والاعتمادات الاضافية.
الى ذلك، يضع اليوم الثاني من الجلسة التشريعية، الاكثرية النيابية امام اختبار حشد قواها النيابية في معركة تأمين النصاب القانوني للجلسة، خاصة وان فقدان النصاب «سيتسبب بارتدادات سلبية لا حصر لها وربما يؤدي الى أزمة سياسية حكومية مفتوحة» كما تؤكد أوساط وزارية قريبة من عون، وهذا الأمر يفرض حضور الاقطاب شخصيا الى الجلسة وتحديدا النواب عون وسليمان فرنجية وطلال ارسلان، ووليد جنبلاط الذي اكد لـنا مشاركة نواب «جبهة النضال» في جلسة اليوم، وقال «لا شيء يدعونا الى عدم المشاركة».

ولوحظ أن الأكثرية بدأت اعتبارا من لحظة انتهاء جلسة الامس استنفارا واضحا لتأمين نصاب جلسة اليوم، كما تؤكد أوساطها، ليس فقط بهدف ما تبقى من بنود سواء المتعلقة بالاجازة للحكومة الصرف فوق أرقام موازنة العام 2005 بـ8900 مليار ليرة، او المتعلقة باقتراح بدل النقل، بل القيام بإجراء وقائي استباقي لأية محاولة قد تلجأ اليها الاقلية النيابية لتطيير النصاب، وخاصة بعد انتهاء ازمة المرسوم وبالتالي محاولة قطع الطريق على إقرار الاقتراح المقدم من تكتل الاصلاح والتغيير المتعلق ببدل النقل وحرمان عون من تحقيق إنجاز سياسي.
وقد تبدت معالم هذا الاحتمال، خلال الخلوة التي عقدها الرئيس نبيه بري مع رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة الذي أوحى بتطيير النصاب مشترطا ربط موافقة الاقلية على تمرير الـ8900 مليار بإقفال ملف الاحد عشر مليار دولار التي تم صرفها من قبل حكوماته في السنوات الاخيرة، وهو أمر رفضه بري الذي أصرّ على وضع قطع حساب لهذه المليارات وتحديد وجهة إنفاقها.

ماذا حصل أمس؟
قبل جلسة مجلس النواب، عقدت خلوة ثلاثية بين الرئيسين بري وميقاتي وأمين سر «تكتل الاصلاح والتغيير» النائب ابراهيم كنعان، أكد خلالها رئيس الحكومة على ضرورة الاسراع بتسليمه استقالة الوزير شربل نحاس على اعتبار انها باتت أمرا إجرائيا فضلا عن ان ليس هناك ما يوجب إبقاءها في عهدة النائب عون، وما أن تصبح نافذة رسميا، حتى يوقع وزير العمل بالوكالة نقولا فتوش مرسوم بدل النقل.
وبعد انتهاء الجلسة العامة، انعقدت خلوة موسعة بين بري والوزراء جبران باسيل، محمد فنيش وعلي حسن خليل والنائب كنعان، عرض بري خلالها ضرورة ان يصار الى الفراغ من مسألة الاستقالة، مؤكدا على التوجه الجدي نحو إقرار الاقتراح المتعلق ببدل النقل في الجلسة خلافا للجو التشكيكي الذي بدأ يثار من قبل بعض الأطراف وخاصة قوى الرابع عشر من آذار، على أن الأهم بالنسبة إلى بري كان التشديد على تأمين النصاب وحضور نواب الأكثرية بشكل كامل (تم الاتصال بكل النواب وأكدوا حضورهم باستثناء نائب جزين عصام صوايا).
ومساء أمس، تلقى بري اتصالا من عون، وقالت مصادر الرابية لـنا ان جو الاتصال كان إيجابيا وتمحور حول جلسة مجلس النواب وضرورة أن يقر اقتراح بدل النقل، علما بأن هذا الاتصال هو الثاني بين بري وعون بعد الاتصال الذي أجراه عون ببري بعد انتهاء الاجتماع الأسبوعي لـ«تكتل الإصلاح والتغيير»، أمس الأول، وأبلغه فيه عون موافقته على استقالة نحاس، آملا في الوقت نفسه ان تسير باقي الأمور في المجلس النيابي في المسار الطبيعي.
وسجلت، أمس، سلسلة اتصالات أجراها رئيس المجلس، وشملت رئيس الحكومة، وكذلك بينه وبين قيادة «حزب الله»، وتم التفاهم خلالها على حصول اتصال من الرابية برئيس الحكومة الذي حدد موعدا عاجلا للوزير باسيل في منزله في فردان، قرابة الثامنة مساء، والتقاه على مدى اكثر من ساعة، حيث سلم باسيل كتاب الاستقالة الى رئيس الحكومة، الذي بدا مرتاحا لهذا الامر، فسارع الى الاتصال برئيس الجمهورية ميشال سليمان وتوافقا على قبولها فورا، وهو ما تم، على ان تكون أولى خطوات ما بعد الاستقالة اليوم، قبولها بمرسوم ومبادرة نقولا فتوش الى توقيع مرسوم بدل النقل صباح اليوم وفق القرار الصادر عن مجلس الوزراء.
وقال الرئيس ميقاتي لـ«السفير» ليلا: «بعد تقديم كتاب استقالة نحاس، وقبولها، هناك وزير سيوقع مرسوم بدل النقل، وتفتح صفحة جديدة في العمل الحكومي المنتج».
وقال الوزير باسيل لـنا: «كنا نتمنى ان يبقى الوزير شربل نحاس معنا، فخروجه من الحكومة خسارة كبيرة، ولكن من دون قوننة بدل النقل، وإقرار مشروع إنفاق الـ8900 مليار ليرة، وحسم موضوع التعيينات الادارية واعطاء دفع لاستمرار الحكومة بروحية منتجة وفاعلة، قد تكون الخسارة اكبر للبلد». 

السابق
الانوار: نحاس يدعو الى التظاهر… وميقاتي تسلم استقالته وقبلها
التالي
النهار: صفقة حل متكاملة اليوم من المجلس