مأساة رجل شجاع

على الغلاف | لم يكن ممكناً إقناع شربل نحاس بعد الاستقالة. هذه المرة، بدت الصورة مغايرة تماماً لمشهد الإزعاج المستمر لفريق الدجالين. واضح أنه لامس الخط الذي يمنع على اي كان في هذه البلاد ملامسته، فكيف محاولة العبور او تجاوزه. كلام كثير يجب أن يقوله الرجل الشجاع عن هذه التجربة. وكلام كثير يفترض بمن يرى نفسه في خانة الناس ان يقوله ايضاً عن هذه التجربة. وكلام كثير، سيسعى المجرمون اياهم الى منعه ولو الى حين.
ما حصل لم يكن عملاً انتحارياً. صحيح أنّ خصوم الوزير الحقيقي دفعوه إلى الانفجار وسط اهله، أو أنّهم أحسنوا إدارة لعبة الشياطين حتى جعلوه يقف في مواجهة ميشال عون. لكن الصحيح أيضاً، أنّ سوء ادارة فريق الاكثرية الجديدة اوصل الامور الى هذا الجدار، وأنتج هذه المأساة، التي يعرف الجميع أنه يصعب محو ذكرها.

سيختلف القوم في تقييم ما حصل، وفي تفسير الاسباب الحقيقية التي دفعت بنحاس الى الاستقالة، ودعت الآخرين الى القبول بها. وستمرّ ايام او اسابيع قبل معرفة حقيقة ما اوصل الامور الى هذه اللحظة الدرامية. واذا كان شربل نحاس يملك رصيداً يمكّنه من مواجهة ظلم القوم بكامله، فذلك لا يعفينا من توجيه الاسئلة الحقيقية الى من يهمه الأمر:
– ماذا جنيت يا حزب الله من حكومة تحكم باسمك، ولست قادراً على تعديل موقف لبنان من ملفات تتصل بالمقاومة، والسياسة الخارجية، والموقف من سوريا، وملف المحكمة الدولية، وفتح ملف شهود الزور، واعادة الاعتبار الى من ظلمهم فريق 14 آذار، واقالة موظف او احالة فاسد الى التحقيق. وتحداك كل الحلف المعلن وغير المعلن، الذي جعل جمهورك لا يعرف ما الذي يفيده، هل هو الانتظام في الصف موتاً من الجوع والذل ولكن دفاعاً عن المقاومة، أم ينخرط بعضه في لعبة الفساد، فتصبح الضريبة على الربح العقاري تعطيلاً لاستثمارات الشيعة المهاجرين، وتعاندون فرض آلية جديدة لاحتساب الأجر، وتحقيق مصلحة ثلثي اهل لبنان وغالبية جمهوركم، لأجل حماية حلفاء تخشون غدرهم صبح مساء، أو لا تقدرون على إلزام حكم بقبول هبة، نعم، هبة ايرانية لإصلاح الكهرباء وإيصالها الى كل بيت ومصنع دون منّة من احد.

– ماذا جنيت يا حزب الله من حكومة لم تقم على اتفاق واضح مع رئيسها الذي لم يكذب حين قال انه لم يلتزم بشيء يخالف قناعاته او حساباته. علماً أن بعضها يتعارض مع الاسباب التي اوجبت اخراج سعد الحريري من السرايا الكبيرة. وماذا جنيت من تفاهم مع وليد جنبلاط برعاية العطوف الكبير الرئيس نبيه بري، بينما لم يثبت الرجل في مكانه اشهراً قليلة، وعاد الى لعبة الابتزاز والحسابات الخارجية، فيما يدير رئيس المجلس التسويات وفق القاعدة اياها التي كرّسها يوم صار رئيساً للمجلس قبل عشرين سنة.
– ماذا جنيت ايها العماد ميشال عون من حكومة يتآمر أكثر من نصف اعضائها عليك ليل نهار. صحيح أن خصومك من المسيحيين، او حتى من الفاسدين، خرجوا من الحكومة، لكنّ ظلهم حاضر وبقوة. بل تسلل بعض هؤلاء الى داخل كتلتك نفسها. هل لك أن تقول لنا ما الذي يميز فادي عبود عن نقولا نحاس؟
– ماذا جنيت ايها العماد عون، ووزير العدل الذي يمثلك لم يقدر على تعديل في ورقة تعدها كل الاجهزة العاملة من تحت سلطته وكأن شيئاً لم يتغير عندها. بينما وزير الداخلية الذي كان لك حصة في تسميته، يرى في من تشكو منهم الاكثر نشاطاً وكفاءة في الوزارة وفي قوى الامن الداخلي.
الحقيقة القاسية ان حزب الله كما التيار الوطني الحر فشلا في اكبر معاركهما. لا يطلب احد أن يفجرّا البلد من اجل شربل نحاس. لكن السيد حسن نصر الله كما العماد عون، يعرفان جيداً، أنه في كل منزل لأنصارهما، ساد الإحباط امس بسبب المشاركة، عن قصد او عن غير قصد، في إنتاج مأساة الرجل الشجاع…
الآن، وجب عليكما إنهاء هذه المسرحية، والخروج من هذا الائتلاف الحكومي الذي يريد أن يستمر على حساب الناس!.  

السابق
الاخبار: هكذا استقال الوزير المشاكس
التالي
سورية: الأصدقاء والإستفتاء