البناء: ميقاتي يتسلّم الاستقالة وفتوش يوقّع المرسوم قبل اقرار القانون في مجلس النواب

كشفت أوساط وثيقة الاطلاع أن التحقيقات الأولية التي أجريت مع عناصر من تنظيم "القاعدة" تم إلقاء القبض عليهم في سورية أخيراً قد توصلت الى أن الهدف من دخولهم إلى سورية يتمثل بعناصر عدة:
أولا: تحقيق موقع إضافي "للقاعدة" خارج العراق يكون سنداً تكتيكياً للقوة الموجودة في العراق.
ثانياً: الاستفادة مما يرونه انشغالاً للسلطات السورية من أجل إضعاف النظام في دمشق.
ثالثاً: وهو الأخطر أن هنالك تصوراً لدى تنظيم "القاعدة" بأن انشغال السلطات السورية الحالي والمكثف يسمح للتنظيم المذكور أن يقوم بالاستيلاء على بعض المواد الاستراتيجية المصنّعة في سورية، وذلك لاستخدامها لاحقاً في غير مكان في العالم وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية وأوروبا.
ورغم أن السلطات السورية تتحفظ بشدة على المعلومات وعلى التعامل الإعلامي معها، وتصرّ على عدم الرد على التساؤلات بخصوصها، إلا أن المعلومات التي توافرت لـ"البناء" تفيد إن محاولة فاشلة قد جرت لمشاغلة السلطات الأمنية السورية بهدف الاستيلاء على مواد مُصنّعة، وأن مجموعة المشاغلة هذه قد قادت السلطات الأمنية السورية إلى قيادة المجموعة التي اعترفت أن هنالك أكثر من خطة قد وضعت بهدف الدخول إلى مواقع ذات صفة تصنيعية، إلا أن الطوق الأمني العالي المستوى قد جعل تلك المحاولات تبوء بالفشل، حتى على المستوى التخطيطي، لتعذر ذلك، وان الخطط الموضوعة تقوم على مراحل عدة بعضها يقوم بالمشاغلة، وبعضها الآخر يقوم بالاستطلاع (بالقوة)، وبعضها الآخر يقوم بالهجوم بالطرق الانتحارية بهدف الاستفادة من الخلل المصاحب لأي هجوم انتحاري لفتح ثغرة في الطوق الأمني.
وإذ تؤكد معلومات خاصة لـ"البناء" أن الهدف الاستراتيجي لهذه المحاولات ليس للاستخدام في الأراضي السورية حصراً، إلا أن أوساطاً ترى أن هذا الأمر يُعتبر تحولا في آلية عمل وآفاق تنظيم "القاعدة" وفي آفاق عملياته في محاولة للانتقال إلى عمليات أكثر نوعية. وإذ لم تحدد التحقيقات ما إذا كان التنظيم قد استهدف سورية للاستفادة من الأوضاع الحالية للقيام بأعمال في الداخل والخارج، إلا أن مجمل المعلومات المتوافرة تفيد أن التنظيم يريد استخدام سورية كمنصة استحواذ وهجوم تطال الخارج على المستوى الذي لم يُعهد في عملياتها ضد الولايات المتحدة والغرب، بسبب عدم توافر المواد اللازمة لذلك. وأن هذا التنظيم يرى في الضغوط الدولية والانشغال الداخلي للسلطات فرصة (العمر) للحصول على ما تعذّر في غير مكان في العالم.
تتكتم المصادر (الصامتة) عن الإجراءات التي تقوم بها سورية لردع أية محاولات من هذا النوع. لكن التهديد ذا الصبغة الاستراتيجية هنا، تأخذه دمشق بجدّية عالية للغاية، وترى أن اللعب تجاوز هنا النار إلى السعير، وترده الأوساط الوثيقة الاطلاع إلى أن الحماقات الغربية المتوازية مع بعض الحماقات العربية لم تدرس واقع أن منظومات الردع الإقليمية ليست فقط منظومات (خيار شمشون) لأصحابها إنما هي خيار مشابه ، بدرجة أقل، ولكن أخطر لغياب قواعد اللعبة وانتفاء العقلانية، بالنسبة لتنظيمات انفلتت بسبب التداخل مع اللعبة الأميركية والغربية وبعضها العربي منذ عقد ونيف، لكن تلك التنظيمات تريد لنفسها خيارات تتجاوز الرد إلى حجم أكبر وأكثر من نوعي: للقتل والتدمير.

دمشق: العربي يبيع الوهم سعياً للتدخل الأجنبي
وفي هذا السياق، انتقدت دمشق عبر صحيفة "البعث" مواقف الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وقالت: "إن العربي يبيع الوهم كل يوم استجداء للتدويل والتدخل وسفك دماء السوريين". واعتبرت أن "وقائع الأشهر الماضية تفضح استعجالاً مدفوعاً في قرارات ورغبات عواصم عربية عديدة لتعليق العضوية ثم حزمة العقوبات الاقتصادية على الشعب السوري ونقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي. بعد كل ذلك ها هو اليوم يستبق اجتماع تونس بتسويق وهم جديد والادعاء بتغيير آت في الموقفين الصيني والروسي، وذلك بهدف التحضير للعدوان على سورية، وإن اتخذ له عنواناً براقاً مخادعاً هو وقف العنف الممارس ضد الشعب السوري".
وأشارت إلى أن "السوريين لا يريدون من الجامعة العربية تحركاً يشرع تدخلاً دولياً رآه العرب جميعاً في ليبيا وقبلها العراق. ما يريدونه لجاماً لتلك الأصوات المتوسلة لعدوان يأتي على البشر والحجر في سورية، لأن أي "خير" لم يعد يُرتجى من عرابي خطط "الناتو"، فالحل كان وسيكون بأيدي السوريين أنفسهم الذين يدفعون كل يوم من دمهم وعرقهم وتعبهم ثمن التحريض والابتعاد عن الجلوس إلى حوار لا ينهي "العنف" فقط، بل يؤسس لبناء مستقبل سورية المشرق".
روسيا ترفض المشاركة في "مؤتمر تونس"
وعشية اجتماع ما يسمى "مؤتمر أصدقاء سورية" في تونس يوم بعد غد الجمعة أعلنت وزارة الخارجية الروسية رفضها المشاركة فيه مشيرة إلى أنها لا تعترف بـ"الأهداف الحقيقية لهذا المؤتمر".
وفي المقابل، أعلنت بكين أنها ما زالت تدرس الدعوة لحضور المؤتمر، لكن مصادر دبلوماسية أكدت أن الصين لن تشارك فيه.
 … ولبنان لا يشارك
كذلك أعلن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن لبنان الذي يتبع سياسة النأي بالنفس تجاه الأحداث السورية تتعذر عليه المشاركة في مؤتمر تونس". وأوضح "أننا لن نتدخل بالشأن السوري والأمور الداخلية"، داعياً "الذين يريدون التدخل بسورية إلى إعلان ماذا يريدون صراحة: تغيير النظام أو غيره".
إلى ذلك، أكد مدير القسم الاقتصادي في السفارة الروسية في دمشق ميخائيل ميدفيديف أن "الاتصالات الاقتصادية التجارية بين البلدين تجري على المستوى الرسمي كما على مستوى رجال الأعمال وعلى أعلى مستويات، وبنشاط ملحوظ".
وأشار ميدفيديف في حديث إلى "الوطن" السورية إلى أن "حجم التبادل التجاري بين روسيا الاتحادية وسورية بلغ قرابة ملياري دولار عام 2011 رغم الوضع الصعب في سورية نتيجة العقوبات الاقتصادية والمالية".
وفي المقابل، حثت الخارجية الصينية "جميع الأفرقاء المعنيين في سورية على بدء حوار سياسي دافع على الفور"، معتبرة أنه "يجب على المجتمع الدولي أن يحترم السيادة السورية".
وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي أن "موقف بلاده بشأن سورية سيظل ثابتاً على المبدأ وواضحاً".
… العربي يحرض دولياً!
وفي سياق متصل، يواصل العربي حملته لتحريض الغرب على التدخل في الشأن السوري. ولهذه الغاية يقوم يوم غد بزيارة لندن للاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون ووزير الخارجية البريطاني وليم هيغ لبحث ما نقل عنه "مواجهة تدهور الأوضاع الإنسانية في سورية"، كما أنه سيطرح هذا الملف في اجتماع تونس!
تحريض كلينتون
في هذا الوقت واصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إطلاق التصريحات التحريضية ضد سورية فزعمت في تصريح لها أمس أن مؤتمر تونس "سيظهر أن نظام الرئيس الأسد يزداد عزلة عن الشرق الأوسط والعالم". وقالت إن بلادها ستقوم بكل ما يمكن من إجراءات دبلوماسية لإقناع روسيا والصين بتغيير موقفهما تجاه سورية".
كذلك رأت الخارجية الأميركية في بيان لها أمس أن "عدم استجابة الرئيس الأسد للحل السياسي ستدفعها إلى البحث في إجراءات إضافية".
مجلس الكنائس العالمي
في الشأن السوري أيضاً، بعثت اللجنة التنفيذية لمجلس الكنائس العالمي رسالة دعم إلى الكنائس في سورية "للتضامن معها في ما تواجهه من تحديات هائلة بسبب أعمال العنف الجارية في البلاد".
وأعربت الرسالة "عن الأمل في وضع حد للعنف وإجراء حوار وطني للخروج من الصراع على أساس السلام والعدل والاعتراف بحقوق الإنسان وكرامته والحاجة إلى العيش معاً في احترام متبادل".
إلى ذلك، دعا الصليب الأحمر الدولي "إلى وقف لإطلاق النار في سورية لمدة ساعتين يومياً لإيصال المساعدات الإنسانية".
اتساع الانقسامات داخل "المعارضة السورية"
في سياق متصل، تلاحظ مصادر مراقبة أن الانقسامات تتسع يوماً بعد يوم بين أطراف ما تسمى المعارضة السورية على الرغم من المحاولات المستميتة والإغراءات الكبيرة التي تقوم بها أنظمة الخليج ومعها الدوائر الدبلوماسية الغربية لتوحيد قوى "المعارضة السورية".
وقام أمس عدد من الأشخاص بتشكيل ما سمي "التجمع الوطني الحر في سورية" خلال مؤتمر عقدوه في القاهرة، لكن لوحظ أن عدداً من المتكلمين في المؤتمر هاجموا بشدة ما يسمى "المجلس الوطني السوري" واتهموه "بمصادرة المعارضة والسعي لإلغاء الآخرين"، كما اتهموه بأنه "يتلقى تعليمات من الخارج".
استقالة نحاس
أما على الصعيد الداخلي فقد بدا واضحاً أمس أن التسوية التي انتهت إليها أزمة بدل النقل أدت إلى إخراج وزير العمل شربل نحاس من الحكومة من خلال إصراره على عدم توقيع مرسوم بدل النقل قبل إقرار اقتراح القانون بهذا الخصوص في الجلسة النيابية العامة المقررة اليوم. فكان أن وضع نحاس استقالته بتصرف رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي تركها معلقة إلى أن تقر الجلسة النيابية اليوم اقتراح قانون بدل النقل ليصار بعدها إلى قبول الاستقالة وتعيين بديل منه في وزارة العمل من داخل فريق التيار الوطني الحر.
وأوضح العماد عون بعد ترؤسه اجتماع التكتل عصر أمس أن المشكلة هي داخل تكتل التغيير والإصلاح. وقال الاستقالة وصلتني وموضوع معالجتها يكون مع الحكومة وليس معي". أضاف: "ننتظر غداً (اليوم) إقرار قانون بدل النقل لإكمال كل شيء بخير".
وكشف عون أنه عندما نتخذ قرارنا بالتكتل يكون ملزماً للجميع ولا أحد يمكنه أن يجمد قرارنا مع اعترافنا بكفاءات نحاس وأدائه ولا أحد فوق الإرادة التي يمثلها التكتل مجتمعاً".
وقال رداً على سؤال "إن الوزير الجديد سيكون من التيار الوطني الحر وإلا نعود إلى الأزمة الحكومية نفسها".
أوساط ميقاتي: الموقف ما زال على حاله
وأوضحت أوساط الرئيس ميقاتي مساء أمس لـ"البناء" أنه وحتى ما قبل حضور ميقاتي والعماد عون العشاء الذي أقامه الوزير نقولا صحناوي مساء على شرف رئيس الحكومة لم يكن ميقاتي قد تسلم استقالة الوزير نحاس.
وقالت الأوساط إنه إذا لم يتسلم ميقاتي كتاب الاستقالة قبل الجلسة النيابية العامة فإن موقف رئيس الحكومة من موضوع إقرار اقتراح قانون بدل النقل ما زال على حاله. أضافت أن كل شيء يبقى مرهوناً بتسلم كتاب الاستقالة والتوقيع على مرسوم بدل النقل قبل إقرار اقتراح القانون في مجلس النواب، موضحة أن موقف ميقاتي من طرح اقتراح القانون خلال الجلسة يتوقف على هاتين المسألتين.
الأجواء التي أدت إلى الاستقالة
وفي معلومات لمصادر مواكبة لما حصل في الساعات الماضية أن إصرار وزير العمل شربل نحاس على دمج تحفظاته بورقة مرسوم بدل النقل والتوقيع على الصيغة التي أرادها أديا إلى خيار الاستقالة التي قدمها للعماد عون في جو كان فيه رئيس تكتل التغيير والإصلاح حريصاً على الالتزام بما اتفق عليه في لقائه الأخير مع الرئيس بري في عين التينة.
أما السيناريو الذي أوصل إلى الاستقالة فمرّ بمراحل ثلاث:
1 ـ عندما صاغ وزير العمل مرسوماً على طريقته وضمنه عبارات صريحة ضد الحكومة ورئيسها، وخرق القانون، لكن هذه الصيغة بطبيعة الحال رفضت من الجميع.
2 ـ خلال الاجتماع بين بري وعون اتفق على صيغة تراعي تحفظات نحاس وتمرر المرسوم بتوقيعه، وهذه الصيغة قضت أن يوقع وزير العمل على المرسوم، وأن تكون التحفظات على ورقة ثانية، ولديه الحرية في إرسال المرسوم والتحفظات إلى مجلس الشورى، لكن نحاس فاجأ الجميع في الساعات الماضية بما في ذلك العماد عون عندما وضع تحفظاته على رأس المرسوم ورفض هذا الأمر شكلاً ومضموناً، لكن وزير العمل بقي مصراً على موقفه دون أي تعديل، الأمر الذي أثار اعتراض العماد عون وأدى إلى ما أدى إليه.
3 ـ ماذا جرى بعد ذلك؟
أبلغ العماد عون تكتل التغيير والإصلاح بكل وضوح حول الاتفاق الذي تم بينه وبين الرئيس بري والذي كان وافق عليه الرئيس ميقاتي، وهو الاتفاق الذي يأخذ بعين الاعتبار قوننة بدل النقل من الآن وصاعداً والتوقيع على المرسوم.
ونقل أعضاء في تكتل التغيير والإصلاح أن العماد عون كان يتكلم بأجواء مريحة حول هذا الاتفاق.
أما في عين التينة فقد قوبل تصريح الجنرال عون بارتياح كامل من قبل الرئيس بري الذي أعرب عن ارتياحه أيضاً لأجواء اللقاء الذي جمعه مع العماد عون يوم الجمعة الماضي ونتائجه وللعلاقة بينهما.
ماذا سيجري اليوم؟
ماذا سيجري في جلسة مجلس النواب اليوم؟
المصادر المطلعة تقول إنه يفترض أن تحول الاستقالة إلى الحكومة في الساعات المقبلة فيوقع المرسوم الوزير بالإنابة (نقولا فتوش) وعندها يكون الطريق معبداً أمام اقتراح النائب كنعان.
ورداً على سؤال عما إذا تأخر التوقيع إلى حين بداية الجلسة، تقول المصادر إن مجلس النواب لن يبدأ باقتراح كنعان وإن الوقت متاح ليكون التوقيع قبل إقرار القانون.
ولم تستبعد المصادر أن تؤجل الجلسة إلى الغد، مؤكدة أن الأجواء النيابية هي مع إقرار القانون.  

السابق
اللواء: تفاهم عين التينة يكرِّس قوّة الطبقة السياسية .. وبلبلة في الساحة العونية
التالي
مذيعتان تتضاربان وتكسران الأستوديو !