تسارعت التطورات السياسية امس وسارت في اتجاهات غير متوقعة، اذ بدل ان يوقع الوزير شربل نحاس مرسوم بدل النقل كما سربت مصادر سياسية، فانه قدم استقالته من الحكومة الى العماد ميشال عون. ورغم ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح اعتبر ان الاستقالة هي نتيجة خلاف داخل التكتل ولا علاقة لها بالوضع الحكومي، الا انها ربما تركت تداعيات تتناول الجلسة النيابية اليوم والأزمة الحكومية لاحقاً.
العماد عون تحدث عن الاستقالة بعد اجتماع التكتل عصر امس عارضا المساعي لانهاء مشكلة مرسوم بدل النقل فقال: حصل تفاهم بيني وبين الرئيس بري على الموضوع وعلى مشروع القانون الذي قدمناه، ومن ثم شمل هذا التفاهم رئيس الحكومة. بحثنا طريقة تقديم القانون كما بحثنا بالمرسوم المقدم وبطريقة توقيعه، واتفقنا على متابعة المسار القانوني في حال حصل اي طعن بالقانون.
وأضاف عون: أطلعت الوزير شربل نحاس على ما اتفقنا عليه، وهنا أشكر الوزير نحاس على خدمته معنا وعلى تعاونه وهو من الوزراء الذين يتمتعون بكفاءة عالية جداً، ولكن ظروفه لم تسمح له بالتعاون معنا الآن. تقرر تقديم اعتراض لمجلس الشورى على المرسوم، فطلبنا منه أن يحضر المرسوم ويحضر الطعن. فوضع رسالة التحويل لمجلس الشورى والمرسوم على صفحة واحدة، وبهذا تحولت الى رسالة لمجلس الشورى ولم تعد طلب طعن، كما ان المرسوم لم يكن مرسلا على ورقة منفردة كما يفترض، وصارت الورقة المقدمة عبارة عن رسالة وبذلك لا يكون المرسوم صالحا للاستغلال.
خلاف داخلي
وتابع: كان من المفترض أن يمر القانون غدا اليوم في مجلس النواب، فيصبح المرسوم الخميس غير صالح لأنه سيكون قد صدر قانون يحدد كيفية تنظيم بدل النقل. الوزير نحاس لم يوقع المرسوم كما يفترض، اي على ورقة منفصلة عن ورقة الطعن، وتحول الخلاف معه الى خلاف داخلي، ولا علاقة له لا بالضغط الحكومي ولا بالتصريحات الهمايونية حول توقيعه أو عدم توقيعه وعن اقالته.
ومضى عون يقول: المشكلة اذن هي داخلية. لقد وصلتني الاستقالة وموضوع معالجتها يكون طبعاً مع الوزارة وليس معي أنا، لأن الاستقالة سترسل في نهاية المطاف الى مجلس الوزراء.
وردا على سؤال قال عون: عندما نأخذ قراراً في التكتل فان كل التكتل ملزم به. لا يمكن لأحدهم أن يقف ويجمد قرارنا، مع اعترافنا بكفاءة الوزير نحاس وبادائه السليم. اذا، لا أحد فوق الارادة التي يمثلها التكتل مجتمعاً.
وقال: لقد أطلعت التكتل اليوم على استقالته وسأقرر بشأنها بعد أن سمعت أعضاء التكتل.
وذكر عون ان الوزير البديل سيكون من التيار.
عشاء مع ميقاتي
وقد التقى رئيس تكتل التغيير والاصلاح ورئيس الحكومة مساء أمس خلال عشاء أقامه الوزير صحناوي وضم عدداً من الوزراء والسفراء. وقد تحدث الجنرال عن هذا اللقاء وقال: هذه مناسبة اجتماعية وليست مناسبة عمل. في المرة السابقة تناولنا العشاء سوياً وكان لقاء عائلياً لمدة ثلاث وأربع ساعات لم نتحدث بالسياسة خلالها. ان صدقتم او لم تصدقوا، فهذا موضوع آخر. ولكن هذا ما حصل. والعشاء هو لقاء اجتماعي وليس كي نبحث شؤوناً وزارية، خصوصاً ان هناك وزراء وأشخاصاً آخرين ايضاً ليسوا مسؤولين في الحكومة.
وقالت مصادر حزب الله ان كتاب استقالة وزير العمل قد لا يجد طريقه الى السراي الحكومي قبل اقرار اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم باسم التكتل بشأن مرسوم النقل والذي سيناقش في جلسة مجلس النواب اليوم.
سليمان يرحب
وعلق رئيس الجمهورية ميشال سليمان على نبأ تقديم وزير العمل شربل نحاس استقالته بالقول لمحطة MTV: ان استقالة نحاس، التي لا تزال غير رسمية، خطوة جيدة ودستورية ان صحت واذا لم تكن في اطار المناورة السياسية، لافتا الى ان وضع الاستقالة بتصرف العماد عون لا يعطيها الطابع الرسمي لأنها لم تقدم للمرجع الصالح، وهو في هذه الحالة رئاسة الحكومة.
واضاف سليمان: ان خطوة نحاس طبيعية وهي تأتي في اطار احترام الدستور اذ ان المتوافر لنحاس كان حلين في ظل اصراره على عدم توقيع مرسوم بدل النقل: اما الاقالة او الاستقالة. فاختار الثاني.
وردا على سؤال حول من يتولى وزارة العمل خلفاً لنحاس، اجاب سليمان: يتسلم الحقيبة كما جرت العادة في حال استقالة احد الوزراء الوزير الرديف وهو في هذه الحالة نقولا فتوش.
الجلسة النيابية
وقد القت استقالة نحاس ستارا ضبابيا حول الجلسة النيابية اليوم التي يفترض ان تقر اقتراح القانون المقدم من التيار. وقد سئل عون رأيه ان كان الاقتراح سيمر فقال: نعم طبعا فهذا من ضمن الاتفاق، اجل سيسعى وسيحاول رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب تمرير القانون، لست اقول انه سيمر، ولكنهم سيقومون بجهدهم كي يمر.
وذكرت مصادر سياسية مساء امس ان التخلص من الوزير المشاكس لا يعني ان قانون بدل النقل سيطرح حكما في جلسة اليوم، لأن شيئا لم يتغير بالنسبة الى اصرار الرئيس سليمان ومعه رئيس الحكومة على الزامية توقيعه من قبل وزير العمل الاصيل، او خلفه بالانابة، هذا اذا لم تطلب الحكومة استعادة الملف برمته الى مجلس الوزراء.
وتابعت المصادر ان حل الملف الاشكالي لا يعني ابدا، نهاية الازمات الحكومية. فالآتي قد يكون اعظم، كما يتوقع المراقبون، لأن تطيير نحاس قد يكون نتاج صفقة، سيتعين على الرئيس ميقاتي احترام بنودها، ولا بد ان تظهر في التعيينات القضائية والادارية او في ملفات اشكالية اخرى.
وهذا بالاضافة الى عقبات تعترض اقرار المشروع اليوم، اذ اعلن رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير ان المشروع الذي قدمه امين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان حول بدل النقل لمجلس النواب مرفوض كليا من الهيئات الاقتصادية، واننا نرفض زيادة بدل النقل على تعويض نهاية الخدمة.
وفي الوقت الذي تطورت فيه مسألة بدل النقل على هذا المستوى، لفت المراقبين تقديم كل من الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام شكوى الى منظمة العمل الدولية ضد الحكومة اللبنانية – وزارة العمل، وتطلب في شكواها ووفقا لدستور المنظمة وانظمتها واعرافها، بذل المساعي مع الحكومة اللبنانية لاحترام معايير العمل الدولية ومبادئ المشاورات الثلاثية والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية.
