أنت الخاسر الأكبر!

إنفصل عن زوجته، تخاصم مع أصدقائه، إستقال من عمله، وكل ما تبقى لديه صديقه الوحيد. يجهل السبب، ويحاول البحث عن إجابة علّه يتخلص منه ومن الصراعات التي تواجهه في حياته الإجتماعية

إذا كان هو يجهل السبب، فإن زوجته السابقة وزملاءه الذين عانوا منه وتحملّوا سيطرته عليهم يعرفونه جيداً. "مللت سيطرته عليّ وتعبت منها"، تقول سيلين. "يظنّ أن الحياة أسهل عندما يعطي أوامره ويفرض رأيه على الآخرين، ولكنها تبدو أصعب عندما ينتقل إلى المتلقي للأوامر والرأي الآخر. فهو يفشل تماماً في أن يفهم أنك إنسان مثله يحتاج إلى مساحة من الحرية".
مديره في العمل تصادم معه مراراً، "إذ يبدو وكأنه لا يسمع وجهة نظرك للأمور التي تحاول عرضها عليه. يعتبر طلباتك أوامر يرفض تنفيذها خوفاً من "الخضوع" لك، ولا يقوم إلا بما يراه مناسباً وكأنه يعمل لحسابه الخاص، غير آبه بالتراتبية الإدارية في الشركة". المعالجة النفسية كارول الحاج، توضح أن أسباب ميل الفرد إلى السيطرة على كل من حوله تعود بشكل رئيسي إلى التربية المنزلية، علماً أنها قد ترتبط بعوامل عدة قد تكون ناتجة من أزمة عاطفية أو اجتماعية مثلاً، تدفع بالفرد إلى التشدّد ومحاولة السيطرة لتفادي خيبات شبيهة.
وتوضح: "في حال كانت تربية الوالد لأولاده متشددة أو كان متسلّطاً في تعامله مع الأم، فإن ذلك سينمّي لديهم في معظم الحالات شخصيات مسيطرة على المدى البعيد، إلا إذا إنفتحت أمامهم آفاق اجتماعية وعاينوا نماذج مختلفة تماماً عن أهلهم. هنا، تولد ردّة فعل عكسية لدى هؤلاء، ويختاروا تالياً إتبّاع النموذج السهل غير المسيّطر".
وإذا كانت تربية الولد هي السبب الرئيسي لشخصيته المسيطرة في المستقبل، فإن الأزمات التي تواجه الراشد لاحقاً سبب آخر لا يقّل أهمية عن التربية. "تعرّض رجل لخيانة شريكته التي منحها حبه وإخلاصه، كفيل بإشعال ردّة فعل عكسية تحوّله إلى شخص متحكمّ وغير واثق بكل من حوله". وتضيف الحاج: "من دون حصر السبب بالأزمات العاطفية، بل يشمل كل أنواع الصدمات في الحياة".
ولكن ما هي أخطار الشخصية المسيطرة؟ قد نعتبر أن سيطرة الشخص، دليل على قوّة شخصيته في المجتمع. ولكن ما نجهله، هو أن محاولة سيطرته على أفراد مجتمعه، ستسبب له مشكلات عديدة، لعدم تقبُّل الآخرين لتصرفاته، باستثناء الذين تكون شخصيتهم ضعيفة.
والنتيجة؟ سيجد نفسه مضطراً الى الإستقالة من عمله لعدم قدرته على السيطرة على مدرائه، والى الإنفصال عن زوجته بسبب إخفاقه في الهيمنة على شخصيتها، والإبتعاد عن أصدقائه لعدم تقبلهم تصرفاته…
وختاماً، تنصح الحاج كل فرد يعاني حبّ السيطرة وفقدان التوازن في تصرفاته، بإستشارة معالج نفسي لتحديد السبب الحقيقي لذلك، ومعالجته.

واجه الشخص المسيطر عبر الآتي
 قل "لا" بوضوح. كن حاسماً في حديثك معه وفي أسلوب التعامل. أوضح له أنك لا تسمح لأحد بالتحكم بحياتك.
 أظهر أفكارك بطريقة سلسلة حتى تكون ردة الفعل لمصلحتك وحاول تفادي إعطاء الأوامر أو التحدث بنبرة حادة.
 لا تظهر انك ضعيف حتى لا يعتبر ذلك أمراً مسلماً به ويبدأ فرض قواعده عليك. قد يتوقف الشخص المسيطر عن التحدث إليك، كنوع من العقاب لإجبارك على الخضوع له. إذا إستسلمت ستخسر وتجعله يسيطر عليك نهائياً.
 في حال كان شريكك مسيطراً، أعلمه أن جلَ ما تبغيه هو مشاركته التفكير فحسب، وليس الإعتماد عليه وإلغاء ذاتك عبر حسم الأمور نيابة عنك.
إذا كنت تستطيع تفادي الشخص المسيطر أو الإبتعاد عنه، فلا تتردد تفادياً لمشكلات قد تحصل أو لإضطرارك الى الخضوع الكامل له. 

السابق
اسم الشهيد عبد الحليم صفدية على شارع في صيدا
التالي
بيت بيوت في بيروت